
في الثاني والعشرين من نيسان قبل 140 عاما ولد لينين، قائد ثورة أكتوبر الاشتراكية التي حددت مسار القرن العشرين. ومنذ عشرين عاما أمسى تراب موسكو يضم جدث غائب طعمة فرمان . وبهذه المناسبتين هذا مقال لغائب نقلا عن ” الفكر الجديد” ، العدد الخاص لذكرى ستين للثورة الصادر في 5 تشرين ثاني 1977.
صادق البلادي
كأحد المهتمين بأمور الثقافة في قطرنا العراقي، وفي وطننا العربي ، أشهد لكم هذه الشهادة :
لم تؤثر ثورة في الفكر العربي بذلك العمق الذي أثرت فيه ثورة أكتوبر. ولم يؤثر مفكر بمفرده، وأكرر بمفرده، في الفكر العربي الحديث مثلما أثر زعيم هذه الثورة ومنظرها، فلاديمير إليتش لينين.
صحيح أن الفكر العربي الحديث وجد في ثقافته العربية الأصيلة منابع طيبة لأفكار التقدم والحرية والإخاء والتفكير المادي، وصحيح أيضا أن ثالوث الثورة الفرنسية في الحرية والاخاء و المساواة قد ترك تأثيره على عقول المفكرين والمثقفين العرب، إلا أن ما من مفكر أعطى لتلك المفاهيم الإنسانية النبيلة ، وأنبت لها تلك الجذور الراسخة القوية في عقول الناس، مثلما أعطاه لينين، ورسخه. وقدم له أمثلته الحية ، النابضة ، المرتبطة بالواقع الانساني إرتباطا عضويا حياتيا ،حتى غدت تلك المدلولات والمفاهيم الانسانية من الشيوع و التداول، ومن النفاذ و التغلغل فـــي عقول الناس، و من اللصوق بحياتهم ومصائرهم ، بحيث صارت زادهم الفكري، اليومي في أحايين كثيرة، والذي بدونه تفقد الحياة الانسانية الكثير من بهجتها ، وديناميكيتها، وفورانها، وتأججها، واستمرارها على تخطي العقبات. حق أن أفكار لينين ماركسية، وأن ماركس هو المصدر الأساسي للأفكار اللينينة،ـ ولكن أفكار ماركس لم تفهم على هذا النطاق الواسع، الجماهيري بمعناه الفعلي، إلا من خلال أفكار لينين. ما من مفكر في العالم قدم للماركسية الخدمة المثلى، مستلهما روح عصره، مثلما قدم لينين. لقد جعل لينين مقولات ماركس السامية، الرفيعة في عمق تفكيرها، ميسرة لأوسع الجماهير، لأنه ألبسها الثوب الواقعي، وربطها بالتاريخ المعاش، وجعل لها شواهد من حياة الناس، وأدلة من ممارستهم العملية… لقد أدخلها في نسج حياتهم.
لقد تحدث ماركس، على سبيل المثال، عن تقرير المصير، وعن الاستعمار، وعن الاستغلال، و لكن شعوب الشرق – ونحن منها- وجدت في كتابات لينين الأمثلة الحية لهذه المفاهيم. وفهمت معنى تقرير المصير، و الاستعمار، والاقطاع من خلال طرح لينين الواقعي لقضايا حياتية مصيرية تمس تاريخها،ووجدانها، من خلال المعايشة الغعلية لهذه القضايا. كان لينين المعبر الأصدق عن الحقبة التاريخية التي ولد فيها. وقد فهم واستوعب تلك الحقبة التاريخية، وجسدها بالأمثلة الملموسة، وأشار الى الطرق الواقعية الممكنة لتحقيق مثل رائع كتقرير المصير، وأشار بالبنان الى المظاهر الفعلية للاستعمار و إنعكاسها على حياة الشعوب. و العمليات الجارية في عالم يسير في طريق الانحلال و التحطم ، و في عالم ينهض في دور التفتح والنمو.
وأعود وأكرر،وأرجو ألآ يضجر القارئ، إننا نحن شعوب الشرق نفهم معنى تقرير المصير الذي جاء به ماركس ، ومعنى الاستعمار الذي تحدث عنه انجلس ، وأعطى له مثلا بشعا في شخص الاستعمارالبريطاني في الهند، ومعنى الاقطاع، ومعاني أخرى كثيرة، ولكن لينين جسد بالصور الملموسة ما معنى تقرير المصير الذي يجب أن تأخذ به أمم كان مصيرها مجهولا مثل أمتنا العربية المجزأة، وما معنى الاستعمار في صورته المعاصرة وأشكاله، وطرق النضال ضده ، والانتصار عليه.
لقد كان لينين الدليل العملي الى منابع الأفكار الماركسية. وكما قيل، لقد حرر لينين الكثير من أفكار ماركس من صيغتها الغامضة ، التي يحلو لبعض الماركسيين تأويلها بالشكل الذي يحلو لهم، وفق الصفقة الفكرية التي يتعاملون معها.
وأنا : كمتتبع لتطور الثقافة، معجب جدا بتاريخ لينين الذي هو تاريخ للنضال ضد كل تجميد للأفكار الماركسية، وضد قولبتها بصيغ جامدة غامضة غير عملية. اللينينية كلها قد ظهرت من خلال المعارك الصارمة و الحدية والباسلة ضد مشوهي الماركسية. لينين لا يفهم على أنه شارح الماركسية فقط، بل على أنه الذائد ضد المفهومات التي تعجز الماركسية عن استيعابها. وأنا مجنون الى حد الهوس بمعارك لينين الفكرية، تلك المعارك التي اسخدم فيها كل قابلياته حتى الهجاء اللاذع المرير. معارك لينين مع مفكري عصره وحدها شاهد هائل على عبقريته ومرونته الصلبة ، الهجاء اللينيني هو ألطف و أشرس وأصدق هجاء مقاتل فكري. لن تستطيع أن تفهم اللينينية دون أن تخوض في المعارك التي دخل فيها ،و البسالة التي أبداها والمنهج الذي تبنته اللينينية عبر المعارك الفكرية. وتلك عبرة فائقة لنا، نحن المثقفين. الحياة لا تؤخذ مثل صحن مملوء كامل، بل تؤخذ جوءا، جوءا، وعبر معارك باسلة مثل تلك التي خاضها لينين ، عبر الصلابة و الليونة في وقت واحد، وفي إدراك قائد معركة حكيم و باسل. وقراءة لينين تجعلني أحس بوهج الحياة، بالقدرة على المقارعة، بالبساطة وسيادة الكون، وامتلاك قانون الحقيقة. ولن تستطيع أن تفهم لينين دون معاركه الفكرية لأن اللينينية منبثة في هذه المعارك.
تاريخ لينين هو تاريخ النضال ضد كل تجميد للأفكار الماركسية، وضد قولبتها بصيغ جامدة. إن اللينينية قد ظهرت من خلال المعارك الباسلة ضد مشوهي الماركسية، وضد الذين حاولوا ابعادها عن الممارسة، عن الحياة اليومية. لم تكن لفلاديمير إيليتش لينين أفكار جاهزة، بل أفكاره الملموسة ولدت عبر النضال ضد الأفكار المضادة، بعد أن يمررها عبر محك الواقع العملي ، ويعارضها بالوقائع. ومن الصعب على القارئ أن يفهم لينين دون أن يلم بالتيارات التي كانت موجودة في عصره، وبالأشخاص والمفكرين الذين اشتبك معهم في معارك.
لقد كان لينين إبن الأرض الذي ولد فيها، وابن الانسانية التي إستوعب تطلعاتها. وأنا لا أعرف مفكرا،مثل لينين، عرف بوضوح وصدق معنيين قد يبدوان، في الوهلة الأولى، متناقضين : القومية و الأممية.
لقد كان لينين روسيا فخورا بروسيته، بل معتزا بها على النحو الذي أشار اليه مكسيم غوركي في ذكرياته عن لينين : ” كثيرا ما لاحظت فيه صفة الفخر بروسيا، وبالروس ، وبالفن الروسي. وفي بعض الاحيان كانت هذه الصفة تبدو لي غريبة في لينين بشكل عجيب، بل و ساذجة، الا أنني تعلمت فيما بعد أن أسمع فيها صدى الحب الخفي ، والفرح نحو الشعب العامل.”و كان لينين يتأسف لأن الظروف أجبرته على الابتعاد عن وطنه : “أنا أعرف القليل عن روسيا ” بينما يعتز بوطنه الحبيب، ويشغف بكل ما هو روسي، أصيل، متفتح. ومع ذلك.. فما من أحدشن حربا ضد الشوفينية مثلما شنها لينين، ولم يفهم أحد معنى الأممية مثلما فهمها لينين.والفترة القصيرة التي عاشها بعد انتصار الثورة الاشتراكية موارة بالأمثلة على الروح الأممية المتوقدة، بل أن لينين ربط مصير الثورة الروسية ربطا محكما بتضامن الأمم، واعتمد كثيرا على الثورات الأخرى. لم يفهم الثورة الروسية على أنها حركة داخلية، بل اعتبرها حركة بشرية مرتبطة بمصائر البشر في كل مكان. وأنا، كرجل يحاول الاهتمام بالثقافة، تسحرني جوانب كثيرة من لينين، وأدلها و أقربها الى نفسي تلك العملية التي استشهد بها لينين ، العملية التي لا تنتهي الا بإنتهاء حياة الانسان..” تعلموا، تعلموا، ثم تعلموا.” ، تلك كانت نصيحته للشباب و للشيوخ على حد سواء…. وهي المدخل الى فكره المتفتح دائما على العالم الواسع الذي لا بد أن تبزغ فيه الشمس كل يوم على شئ جديد. انها دعوة الى التجدد والى الربط بالواقع البشري، والى النمو، وتجديد العمر، والى الاستيعاب الذي لا ينضب لكل ما في العالم.
لقد علمنا لينين كيف نرتبط بالحياة ذاك الارتباط العضوي الذي بدونه تصبح حياتنا رخيصة أو بلا قيمة. لينين إبن الحياة والمساهم الأعظم في تبديلها، وفارض كلمته عليها بسبب من معرفته العميقة بقوانينها، بدستورها الثابت… السير نحو الأصلح، نحو التقدم، نحو الازدهار.
وما أكثر ما يفيد الأدباء و المثقفين في لينينن ، في أفكاره، في نمط حياته، في المعارك الباسلة التي خاضها، في علاقاته الجمة الوفيرة مع شخصيات عصره، ووالتيارات الحافلة به، في حبه لوطنه و شعبه و الانسانية، في صلابته الفذة، في حكمته في تكوين دولة، وإلهاب شعب، وكسر أطواق شيطانية ، في إزدهار الأمل في قلبه حتى في أحلك الظروف ، حتى إستطاع أن يترك بصمات أصابعه على عصر كامل.
صادق البلادي
كأحد المهتمين بأمور الثقافة في قطرنا العراقي، وفي وطننا العربي ، أشهد لكم هذه الشهادة :
لم تؤثر ثورة في الفكر العربي بذلك العمق الذي أثرت فيه ثورة أكتوبر. ولم يؤثر مفكر بمفرده، وأكرر بمفرده، في الفكر العربي الحديث مثلما أثر زعيم هذه الثورة ومنظرها، فلاديمير إليتش لينين.
صحيح أن الفكر العربي الحديث وجد في ثقافته العربية الأصيلة منابع طيبة لأفكار التقدم والحرية والإخاء والتفكير المادي، وصحيح أيضا أن ثالوث الثورة الفرنسية في الحرية والاخاء و المساواة قد ترك تأثيره على عقول المفكرين والمثقفين العرب، إلا أن ما من مفكر أعطى لتلك المفاهيم الإنسانية النبيلة ، وأنبت لها تلك الجذور الراسخة القوية في عقول الناس، مثلما أعطاه لينين، ورسخه. وقدم له أمثلته الحية ، النابضة ، المرتبطة بالواقع الانساني إرتباطا عضويا حياتيا ،حتى غدت تلك المدلولات والمفاهيم الانسانية من الشيوع و التداول، ومن النفاذ و التغلغل فـــي عقول الناس، و من اللصوق بحياتهم ومصائرهم ، بحيث صارت زادهم الفكري، اليومي في أحايين كثيرة، والذي بدونه تفقد الحياة الانسانية الكثير من بهجتها ، وديناميكيتها، وفورانها، وتأججها، واستمرارها على تخطي العقبات. حق أن أفكار لينين ماركسية، وأن ماركس هو المصدر الأساسي للأفكار اللينينة،ـ ولكن أفكار ماركس لم تفهم على هذا النطاق الواسع، الجماهيري بمعناه الفعلي، إلا من خلال أفكار لينين. ما من مفكر في العالم قدم للماركسية الخدمة المثلى، مستلهما روح عصره، مثلما قدم لينين. لقد جعل لينين مقولات ماركس السامية، الرفيعة في عمق تفكيرها، ميسرة لأوسع الجماهير، لأنه ألبسها الثوب الواقعي، وربطها بالتاريخ المعاش، وجعل لها شواهد من حياة الناس، وأدلة من ممارستهم العملية… لقد أدخلها في نسج حياتهم.
لقد تحدث ماركس، على سبيل المثال، عن تقرير المصير، وعن الاستعمار، وعن الاستغلال، و لكن شعوب الشرق – ونحن منها- وجدت في كتابات لينين الأمثلة الحية لهذه المفاهيم. وفهمت معنى تقرير المصير، و الاستعمار، والاقطاع من خلال طرح لينين الواقعي لقضايا حياتية مصيرية تمس تاريخها،ووجدانها، من خلال المعايشة الغعلية لهذه القضايا. كان لينين المعبر الأصدق عن الحقبة التاريخية التي ولد فيها. وقد فهم واستوعب تلك الحقبة التاريخية، وجسدها بالأمثلة الملموسة، وأشار الى الطرق الواقعية الممكنة لتحقيق مثل رائع كتقرير المصير، وأشار بالبنان الى المظاهر الفعلية للاستعمار و إنعكاسها على حياة الشعوب. و العمليات الجارية في عالم يسير في طريق الانحلال و التحطم ، و في عالم ينهض في دور التفتح والنمو.
وأعود وأكرر،وأرجو ألآ يضجر القارئ، إننا نحن شعوب الشرق نفهم معنى تقرير المصير الذي جاء به ماركس ، ومعنى الاستعمار الذي تحدث عنه انجلس ، وأعطى له مثلا بشعا في شخص الاستعمارالبريطاني في الهند، ومعنى الاقطاع، ومعاني أخرى كثيرة، ولكن لينين جسد بالصور الملموسة ما معنى تقرير المصير الذي يجب أن تأخذ به أمم كان مصيرها مجهولا مثل أمتنا العربية المجزأة، وما معنى الاستعمار في صورته المعاصرة وأشكاله، وطرق النضال ضده ، والانتصار عليه.
لقد كان لينين الدليل العملي الى منابع الأفكار الماركسية. وكما قيل، لقد حرر لينين الكثير من أفكار ماركس من صيغتها الغامضة ، التي يحلو لبعض الماركسيين تأويلها بالشكل الذي يحلو لهم، وفق الصفقة الفكرية التي يتعاملون معها.
وأنا : كمتتبع لتطور الثقافة، معجب جدا بتاريخ لينين الذي هو تاريخ للنضال ضد كل تجميد للأفكار الماركسية، وضد قولبتها بصيغ جامدة غامضة غير عملية. اللينينية كلها قد ظهرت من خلال المعارك الصارمة و الحدية والباسلة ضد مشوهي الماركسية. لينين لا يفهم على أنه شارح الماركسية فقط، بل على أنه الذائد ضد المفهومات التي تعجز الماركسية عن استيعابها. وأنا مجنون الى حد الهوس بمعارك لينين الفكرية، تلك المعارك التي اسخدم فيها كل قابلياته حتى الهجاء اللاذع المرير. معارك لينين مع مفكري عصره وحدها شاهد هائل على عبقريته ومرونته الصلبة ، الهجاء اللينيني هو ألطف و أشرس وأصدق هجاء مقاتل فكري. لن تستطيع أن تفهم اللينينية دون أن تخوض في المعارك التي دخل فيها ،و البسالة التي أبداها والمنهج الذي تبنته اللينينية عبر المعارك الفكرية. وتلك عبرة فائقة لنا، نحن المثقفين. الحياة لا تؤخذ مثل صحن مملوء كامل، بل تؤخذ جوءا، جوءا، وعبر معارك باسلة مثل تلك التي خاضها لينين ، عبر الصلابة و الليونة في وقت واحد، وفي إدراك قائد معركة حكيم و باسل. وقراءة لينين تجعلني أحس بوهج الحياة، بالقدرة على المقارعة، بالبساطة وسيادة الكون، وامتلاك قانون الحقيقة. ولن تستطيع أن تفهم لينين دون معاركه الفكرية لأن اللينينية منبثة في هذه المعارك.
تاريخ لينين هو تاريخ النضال ضد كل تجميد للأفكار الماركسية، وضد قولبتها بصيغ جامدة. إن اللينينية قد ظهرت من خلال المعارك الباسلة ضد مشوهي الماركسية، وضد الذين حاولوا ابعادها عن الممارسة، عن الحياة اليومية. لم تكن لفلاديمير إيليتش لينين أفكار جاهزة، بل أفكاره الملموسة ولدت عبر النضال ضد الأفكار المضادة، بعد أن يمررها عبر محك الواقع العملي ، ويعارضها بالوقائع. ومن الصعب على القارئ أن يفهم لينين دون أن يلم بالتيارات التي كانت موجودة في عصره، وبالأشخاص والمفكرين الذين اشتبك معهم في معارك.
لقد كان لينين إبن الأرض الذي ولد فيها، وابن الانسانية التي إستوعب تطلعاتها. وأنا لا أعرف مفكرا،مثل لينين، عرف بوضوح وصدق معنيين قد يبدوان، في الوهلة الأولى، متناقضين : القومية و الأممية.
لقد كان لينين روسيا فخورا بروسيته، بل معتزا بها على النحو الذي أشار اليه مكسيم غوركي في ذكرياته عن لينين : ” كثيرا ما لاحظت فيه صفة الفخر بروسيا، وبالروس ، وبالفن الروسي. وفي بعض الاحيان كانت هذه الصفة تبدو لي غريبة في لينين بشكل عجيب، بل و ساذجة، الا أنني تعلمت فيما بعد أن أسمع فيها صدى الحب الخفي ، والفرح نحو الشعب العامل.”و كان لينين يتأسف لأن الظروف أجبرته على الابتعاد عن وطنه : “أنا أعرف القليل عن روسيا ” بينما يعتز بوطنه الحبيب، ويشغف بكل ما هو روسي، أصيل، متفتح. ومع ذلك.. فما من أحدشن حربا ضد الشوفينية مثلما شنها لينين، ولم يفهم أحد معنى الأممية مثلما فهمها لينين.والفترة القصيرة التي عاشها بعد انتصار الثورة الاشتراكية موارة بالأمثلة على الروح الأممية المتوقدة، بل أن لينين ربط مصير الثورة الروسية ربطا محكما بتضامن الأمم، واعتمد كثيرا على الثورات الأخرى. لم يفهم الثورة الروسية على أنها حركة داخلية، بل اعتبرها حركة بشرية مرتبطة بمصائر البشر في كل مكان. وأنا، كرجل يحاول الاهتمام بالثقافة، تسحرني جوانب كثيرة من لينين، وأدلها و أقربها الى نفسي تلك العملية التي استشهد بها لينين ، العملية التي لا تنتهي الا بإنتهاء حياة الانسان..” تعلموا، تعلموا، ثم تعلموا.” ، تلك كانت نصيحته للشباب و للشيوخ على حد سواء…. وهي المدخل الى فكره المتفتح دائما على العالم الواسع الذي لا بد أن تبزغ فيه الشمس كل يوم على شئ جديد. انها دعوة الى التجدد والى الربط بالواقع البشري، والى النمو، وتجديد العمر، والى الاستيعاب الذي لا ينضب لكل ما في العالم.
لقد علمنا لينين كيف نرتبط بالحياة ذاك الارتباط العضوي الذي بدونه تصبح حياتنا رخيصة أو بلا قيمة. لينين إبن الحياة والمساهم الأعظم في تبديلها، وفارض كلمته عليها بسبب من معرفته العميقة بقوانينها، بدستورها الثابت… السير نحو الأصلح، نحو التقدم، نحو الازدهار.
وما أكثر ما يفيد الأدباء و المثقفين في لينينن ، في أفكاره، في نمط حياته، في المعارك الباسلة التي خاضها، في علاقاته الجمة الوفيرة مع شخصيات عصره، ووالتيارات الحافلة به، في حبه لوطنه و شعبه و الانسانية، في صلابته الفذة، في حكمته في تكوين دولة، وإلهاب شعب، وكسر أطواق شيطانية ، في إزدهار الأمل في قلبه حتى في أحلك الظروف ، حتى إستطاع أن يترك بصمات أصابعه على عصر كامل.