المسرح ولد من رحم الدين فكان” المعبد “ومن ثم نمت في الأوساط الإسلامية نزعة باتجاه إيجاد صيغ فنية إسلامية أي الدعوة (لاسلمة الفن )، بمعنى إعادة إنتاج مفاهيم واتجاهات فنية تنبثق من رؤى الدين وثوابته.
وكان الحافز لهذه المحاولات والمساعي هو ذلك الاعتقاد بوجود رباط وثيق بين كل منتج ثقافي والنظام المعرفي المنتج له، بمعنى أن الأفكار الغربية في شتى أنواع المعرفة ليست بمعزل عن نسقها القيمي وإطارها الحضاري الذي قد لا ينسجم ومناخ المعرفة الدينية وحقائقها، وان محاولة اقتطاعها من تلك الدائرة قد لا تنتج الأثر ذاته، أو تترتب عليها آثار سلبية، تتهدد الفكر الديني أو تقوض من أساساته.
فإذا كان الدين بحسب فهم المتدينين فلسفة شاملة للحياة، فسيبدو ذلك مسوغا للقول بضرورة وجود مذهب إسلامي للفن، أي رؤية لما ينبغي أن تكون عليه العملية الفنية، دون أن يعني ذلك الادعاء باختصاص الإسلام بالكشف عن قوانين الإنتاج الفني وضوابطه الجمالية. تذهب بعض الأدبيات الإسلامية إلى حصر الفن الإسلامي عند حدود الممارسة الفنية التي تتناول قضايا ومفاهيم دينية.
وبرزت في الاونة الاخيرة دعوات لمسرح اسلامي، واذا كان هناك من يحاول ان يطرح مفهوما للمسرح الاسلامي ويروج له فعليه ان يكون موضوعيا في تحديد هذا المفهوم دون اطر ذاتية ضيقة.
فان المسرح الإسلامي في مفهومه العام هو التعبير المسرحي الفني الجميل المؤثر عن الإنسان والكون والحياة والعلاقات والقيم ومختلف القضايا العامة والخاصة من خلال الرؤية الإسلامية لهذا كله فهو بذلك مسرح شامل رحب الآفاق ويتناول مختلف الموضوعات والقضايا دون تحرج إلا ما يخدش الحياء أو يغري بالفساد والإفساد وان المسرح الاسلامي كما نرى لا يعني بالضرورة طرح القصص المستقاة من التاريخ الاسلامي بل هو يعني المسرح الذي يدعو الى قيم الاسلام السمحة والانسانية اي ان المسرح الاسلامي هو المسرح الذي يتبنى فلسفة الاسلام وقيمه السمحاء سواء اعتمد قصص وموضوعات تاريخية او اجتماعية واقعية حديثة، وبذلك يتحدد هذا المفهوم بالمضمون” الاسلامي “ لا بالشكل الذي ينبغي ان يرتبط بضرورات فنية وجمالية.
وان النص الإسلامي في المسرحية الإسلامية يجب أن يعتمد على حكاية ذات معاني وقيم دينية وأخلاقية وهذه الحكاية يمكن أن تكون تاريخية ويمكن أن تكون عصرية ويمكن أن تجمع بين التاريخية والعصرية بشرط أن تكون جذابة وطريفة وبها ما يحفز المتلقى على مشاهدتها بأن يكون النص متواصلا ومتماساً مع هموم وقضايا واهتمامات المشاهد المستهدف·
وتتفق المسرحية الإسلامية مع جميع أشكال الحكايات الأدبية في وجوب الاحتواء على المقدمة (البداية- والوسط -الحادثة أو العقدة- والخاتمة -النهاية) وهي المراحل التي تنقسم إليها أي حكاية حقيقية أو خياليةالرئيسية: وهي اختصار واف في كلمات معدودة للرسالة التي يصبو إليها الكاتب، وكلما كانت واضحة لا غموض فيها منطلقة من إيمان راسخ وعقيدة قوية كانت أقدر على الوصول إلى الملتقى ويحتوي النص الناضج على فكرة واحدة محددة لاسيما ان كان العرض المسرحي مقدما للاطفال ,حيث يعرف العلماء الطفل بانه”كالورقة البيضاء قابلة للكتابة عليها وتتفاعل وتتأثر باي فعل او قول وما يتعلمه احيانا يضل راسخا في فكره عقله وهو سريع الاستجابة والميول .
أن القانون العام للطبيعة يستقي أهدافه التأسيسية من منطلق أعلى , هذا المنطلق يذهب بمدرك ليأتي بمدرك جديد وهذه هي دورة الحياة في الطبيعة , أن دخول المسرح في الحياة الاجتماعية سواء في أطار ديني اجتماعي أو اجتماعي سياسي , جعله يدخل في التدريب الواعي للفرد عبر محاكاته لأحاسيس هذا الفرد ” فالمسرح يحشد الانفعالات ويدفعها في الأفاق الطبيعية والاجتماعية , فيجعل الإنسان واعيا لحب الخير العام وكراهية الضرر العام , المسرح يدرب النفس الإنسانية على إعادة تقدير مواقفها واعتماد العقل والمنطق أساسا للرأي والموقف , أنه يثير الانسان ليتخذ الموقف السليم ويزوده بالحافز السليم لبناء موقفه وفعل المسرح في بعض الاحيان فعلته في انه , دخل المسرح كعقيدة فكرية روحية اجتماعية في حياة الفرد عبر حمله لرسالة تربوية اولاً ووعظية ثانياً , وأسهم المسرح باعتباره وسيلة مهمة من وسائل الإعلام في تنشئة الفرد , لاقترابه الفكري من المجتمع فهو يستقي موضوعاته من المجتمع ليعيد تركيبها في إطار فني مستساغ عند المتلقي فيدخل كواعظ أخلاقي يقوم ويؤسس الجانب الديني ,وتأصيل أدب الطفل المسلم لتعزيز القيم الإيمانية والوطنية والاجتماعية فيه، وحمايته من الانحراف والتيارات التغريبية الوافدة , والاعتماد على القرآن الكريم والسنة النبوية، والإفادة من التراث الإسلامي واتخاذه مصدراً رئيسياً لأدب الطفل المسلم , والإفادة من التقنيات المتقدمة للأدب العالمي للطفل، بما لا يتعارض مع عقيدتنا وقيمنا الإسلامية , والعناية باستخدام أحدث الوسائل التقنية الحديثة في إخراج وإنتاج الأعمال الثقافية للطفل المسلم، كالبرامج الحاسوبية والرسوم المتحركة، والأفلام، والنشر الإلكتروني، والمواقع المعروضة على شبكة الإنترنت , والعناية بالجوانب الفنية للأعمال الأدبية المخرجة للأطفال.
فإذا كان المسرح الإسلامي مسرح الإرشاد والتعليم والتذكير بنعم وفضائل الاولين والسابقيين من الاولياء والمصلحين فانه وسيلة جادة في استنهاض قدرات الطفل التعبيرية وتنشيط قدراته العقلية والفكرية والجسدية اذ ما كان العمل المسرحي الاسلامي خاليا من الجمود والتعقيد ومحلى بالنوادر والاناشيد والألفاظ السهلة والأحداث المشوقة كي ينصهر معها الطفل ويتفاعل ويتأثر .
لذا فرغم قسوة المشاهد التي تحملها المشاهد المسرحية اثناء عرض التشابيه الحسينية في المدن والقصبات واعتماد معد النص ومخرجه الفطريان غالبا على القوة واثبات الشجاعة والمظلومية من دون اظهار مناطق القوزة والشجاعة الاخلاقية والحكم والمواعظ واخلاقيات النصر والهزيمة وتفاصيل ماجرى من ايثار ليتعلم منها القاصي والداني ومنهم الاطفال الذين يتفاعلون مع مايتفاعل معه ابائهم وعلى المختصون استغلال هذا الطقس المؤثر لابراز القيم والاخلاق الفاضلة لابطال وشخوص هذه الواقعة ومنهم اطفال الامام الحسين(ع) ومسلم (رض)وباقي الانصار التي ابتعد عن تجسيدها المسرح وبقي المسرح الحسيني مسرحا للكبار فقط لذا فاننا بامس الحاجة الى :.
1- تأصيل وتوضيح لمفهوم المسرح الإسلامي من خلال جهد مشترك يتعاون فيه المسرحيون بشتى تخصصاتهم في الإخراج والديكور والتمثيل والموسيقى والتأليف ويشارك فيها نخبة من علماء الإسلام الذين لهم اهتمام ودراية مسبقة بهذا الفن وإيمان بأنه وسيلة من وسائل النهوض بالمجتمع والارتقاء بذوقه والارتفاع بقيمه الأخلاقية.
2- العمل على وضع دليل واف للمسرح الإسلامي يشتمل على المعلومات المناسبة لهذا الفن حتى يسترشد بها العاملون في شتى نواحي هذا المسرح الفنية وكذلك الهواة على أن يكون هذا الدليل علميا ومبسطا.
3- إصدار نشرة دورية أو مجلة متخصصة في المسرح الإسلامي وتتبع أخباره ونشاطاته وبرامجه.
4- إنشاء وتجديد مصطلحات فنية نقدية لها وثيق الصلة بتراثنا وتاريخنا وموروثونا الشعبي.
5- إقامة مسرح إسلامي خاص بالطفل ويناسب طبيعة الطفولة التي تحب المحاكاة التقليدية وتتأثر بها تأثرا كبيرا.
6- تفعيل تجارب المسرح المدرسي حتى وإن تأثرت بالخطابية والمباشرة مسرحا له مواصفاته الخاصة التي تتفق مع طبيعة الشباب وخصائصهم.
7- العمل على إقامة المسرح التعليمي الذي يطرح بعض العلوم والتكنولوجيا في إطار مسرحي جذاب يبعث على التشويق والإثارة ورغم أن دوره تعليمي صميم لكنه يقدم في صورة وجبة شهية تشبع العقل والوجدان وتفتح آفاق الفكر أمام عوالم الابتكار والتجديد.
8- تفعيل المسرح التاريخي الذي يعيد الثقة إلى الأمة ويجدد فيها الأمل ويؤدي دوره في الإحياء والتنوير والجهاد.
9- التناص مع الموروث الشعبي كالسير والقصص والشخصيات والطرائف بما يحقق خصوصية التجربة التي تنبع من مناخ له مذاقه الخاص وطبيعته المختلفة.
10- إقامة مهرجانات للمسرح الإسلامي بصفة دورية مع توفير الإمكانات اللازمة لإنجاح هذه المهرجانات والخروج منها بنتائج وتوصيات قابلة للتطبيق مع الاهتمام برصد الجوائز لمبدعي المسرح الإسلامي في التأليف والإخراج والتمثيل والديكور وسائر الإبداعات التخصصية المسرحية.
11- التوسع في إنشاء مسارح مبسطة في القرى والمدن الصغيرة والمدارس والجامعات والأندية الرياضية ومراكز الشباب مع توفير الإمكانات الضرورية لها والإستفادة من الخامات والكوادر المحلية.
12- تدريس المسرح الإسلامي كمادة في مناهج التعليم حسب مراحله المختلفة.
13- والتركيز على جوانب التفاؤل والأمل في مضمونات أدب الطفل المسلم.
14- تفعيل إبداع الأطفال ورعاية مواهبهم وتشجيعهم بالحوافز المناسبة .
15- التأكيد على الالتزام باللغة العربية الفصحى في الأعمال الأدبية والفنية بما يناسب أعمارهم.
16- حث الأدباء المبدعين لأدب الطفل المسلم، على توطيد الصلة بوسائل الإعلام وتقديم النصوص التي ترتقي بما تنتجه من برامج.
17 – حث الأدباء الإسلاميين المتخصصين في أدب الطفل على الاهتمام بالمناهج التربوية السليمة، ومنجزات علم النفس في تطوير إبداعهم.
18- مراعاة المستويات العمرية المختلفة للأطفال عند كتابة النص الأدبي الموجه إليهم، وذكرها على المنتج.
19- التواصل مع القنوات المتخصصة ببرامج الأطفال ومؤسسات الإنتاج الفني وتشجيع الاستثمار في هذا المجال.
20 – إنشاء جوائز سنوية في فروع أدب الطفل المسلم، والعمل على رعايتها من جهات رسمية وأهلية، وتنظيم مسابقات دورية لها.
21 – حث وسائل الإعلام على الاستفادة من نصوص أدب الطفل المسلم في إنتاج أعمال فنية متميزة.
ختاما لا ينهض مسرح الطفل الإسلامي مالم يتبنى الإسلاميون إنشاء مجلس أعلى لآداب الطفل المسلم يحضى بدعم وتمويل يؤهله لافتتاح مراكز كبرى في المحافظات تعمل على ترسيخ مبادئ الآداب والفنون الإسلامية المقنعة للطفل لا التي تفرض عليه .
——————————————-
المراجع
1- رشدي صالح – المسرح العربي
2- عباس علي عبد الغني – دور وسائل الإعلام في تنشئة الفرد- المسرح أنموذجا.
3- أحمد فضل شبلول ـ الإسكندرية- تأصيل ادب الطفل .
4- مسرح التعزية – مقالات مختلفة .
5- الاسلام والمسرح … اقامة الدليل على حرمة التمثيل – حسن بحراوي.
6- دراسة ..التشابيه الحسينية …النشأة …والظهور…والتطور..-عدي المختار