عبد اللطيف رعري /مونتبوليي فرنسا:
مُصَادَفة
بعثَرتُ أقْلامِي فِي مَخْبأةِ العُمرِ
وعِرتُ الألوانَ الباقِيةَ مِن بؤسِ الطُفُولةِ
آخرَ بَصّةٍ حَزينَة
لتملُكِي للحَيرة فِي قبضَةٍ نِصْفُها الجُنون
وهَذا الاهترَاءُ يلوِي شُموخَ الجِبالِ
وهَاتهِ الثّمالةُ النَّاكِرةُ لمبْدئ الاستِقامةِ
تُخلدُ فِي أعتَابِي هزُّات الالوَاحِ…
مُصادفةٌ أنِّي هُنا..
أرجُوانِي المظْهَرِيَّة يمكُث ظَهرَ الحِربَاءِ
أغْرِي الوُلاةِ بِسَلامَة الآتِياتِ
وأفْضِي بِأوْهامِي عَامَةَ النَّاسِ
ومَالِي والاصْبَاغ حُيالَ شُرُود الأرْواح
ومالي وَضَياعِي بيْنَ القُبُورِ
أذرٍفُ الدّمْعَة …
اطْفئُ الشّمعَة …
وفِي وِفاضِي علَى الدوَام ِلسْعَة
وتِلكَ البَوابةُ بحَجْم امْتِدادِ الحِبالِ
من يُحْكِيها تخَارِيفَ النَّظمِ بالعَلنِ
ويَرخِى هَوَى شَياطِينِ القَصْرِ
فَطُوبى للِطُرقاتِ بخِتامِها …
يعبُرها وطُوبَى لمنْ
مستعد مُقارعةَ اللّيل ببياضِ صَخرةٍ باكِية
ما حرّكها ماءُ الوادِ ي
ولا بلّلهَا بكاءُ القمرِ…
مًراوغٌ بالدليلِ والبُرهانِ
هذيان الأسْماء التِّي سمّيتُها…
والألْوانُ التِّي غيّرَ الرمَادُ شَداهَا
والاقْدَاحِ بِطَفحِ الصِّياح مَلْهَاهَا
ومَا نالتْ مِن قدَاسَة السّماء غيرَ التَّشْهيرِ بِعظمتِها …
بعثَرتُ من حَولي فُضُلاتَ جَسَدِي
لأنفِي عَن جَلالِي تهْمةَ البلَاءِ
وأعمِّر أكثرَ ردحٍ
حتَّى أهَدِدُ بالموتِ أصْنافًا لا تَمُوت ….
وقبل انشِطارِ الفُلكِ الزَّائغِ الى عَينين
عينٌ ترَى ما يُرى…
وعينٌ مَا يُرى تُغريه بالنّبلِ
أيقظت فتنة الشوقِ بينَ أزِيز الرِّيحِ
وَظِّلِ الجِدارِياتِ
وأدَمتُ شَفاعَتِي عَلى أجنِحةِ الطَّيرِ
فتوَحّد تْ بين أنامِلي الأجْسَاد
ورْدَةٌ متَناهِيةُ العِطرِ
فانكَمشَ وَهجُ الاحْرفِ المُخاَطَة بالبَديعِ
وَمَشيْتُ أكثَرَ مِن ورْطَةٍ
أبعثرُ أشْلائي مِن انسِلالِ الخَيطِ الأولِ
حتَّى مُستهَلِ الدّهشَةِ
كُل الأشْياءِ بالمَخبأ تَرتعشُ لدَورَتِي
وَكُل الأشْياءِ بنَصِيبِ خَطِيئتِي
وَما تُمْليهِ العَينُ ترْديهِ الطّعنةُ لغْزًا
فيَفرُ سَرابُ التُّحفِ
وتَفرُ مَعَ التُّحفِ أخْرياتٌ بِلمْسِ الشعَرِ
وَمَا تَدنّى مِن سَتائِرِ الشًّوقِ
وَمَا جَرّبناهُ بصَوْلةِ التَّحَكُم
وَمَا رَتّقنَاهُ مِن زَلاتِ المَاضِي
كَشْفٌ هَادِئ لِنرَممَ أعْطابَ القَدرِ
فِي وَسَط المَغارَةِ ….
والكُلُّ مُصَادَفَة….
أنِّي بَعثَرتُ أقْلامِي فِي مَخْبأةِ العُمرِ
وعِرتُ الألوانَ الباقِيةَ مِن بؤسِ الطُفُولةِ
آخرَ بَصّةٍ حَزينَة
فَطُوبى للِطُرقاتِ بخِتامِها …
وطُوبَى لِمنْ يَعبُرهَا.
—