يحدث ان تهب الريح وتحرّك بعض ماكنا نجزم انه لن يتزحزح . هي تهب لتقشع الخفيف من الارض ومااستقر عليها بدون جذر او اساس . وتمرّ كالنسيم العليل على الراسخ والراكز والمتجذر والثابت . ومالريحُ إلا كناية عن التغيير الذي يهب مثلها هذه الأيام ويجلب كما تجلب ويخيف كما تخيف حتى صرنا ندعو ” اللهم إنا نسألك خير هذا التغيير وخير ماجاء به ونعوذ بكَ من شرّه وشرّ ماجاء به ”
ابواب الفتن في هذا الزمان مفتوحة على مصرعيها حتى دخل منها الكبائر والصغائر بسهولة وتبعتهم الفِتنةٍ الأعظم ” الفِتنة في الدين ” ولأن التاريخ أثبت لنا انه قد تمر على الناس أزمان غفلة يغرقون فيها بالبدع والضلالات _بعد تمام الدين الاسلامي _ ثم تنقذهم صحوة ضميرعند مؤمن او صحوة فكر بدأها عاقل . وهذه سنة الله في خلقه ان لايثبتون على حال ولا تدوم لهم دنياهم وتتبدل اجيالهم وتختلف ازمانهم .لقد فطروا على التعلم بالتقليد والاتباع لذلك تسود عليهم حقب متعاقبة ربما يشهدون لانفسهم بالهداية وهم من الضالين . مااثار فضول قلمي اعتذارالصحوة الذي اثار جدلا واسعا في السعودية بعد ان اعلنه الداعية الشيخ عائض القرني . بالنسبة لي لايهمني ماهي دوافعه ولا كيف تلبسته الشجاعة ليفعلها . ابهرتني حكمة الله في التدبير كيف يغير ويبدل الحال في طرفة عين . استجاب دعواتنا حين دعوناه سبحانه بنبذ التطرف . حين استودعناه شبابنا . حين استغفرنا كثيرا من فواجع القتل في المساجد ونوائب الخوف من الحروب والمجازر .
حين بدأ الاخوان المسلمون دعوتهم كانت لهم نية سياسية ليست من حقهم. مجرد رغبة في دولة نافذة على ارض ليست ملكهم . اوهام يحملون في اعناقهم ذنوب من صدقها وامن بها . ولأجلِ الغاية الظالمة والدوافع الدنيوية أحتضرت دعوتهم منذ سنوات وماتت علانية على يد الملك الحكيم سيدي سلمان_بن_عبدالعزيز
والحمدلله الذي أراد لنا تمسكاً اقوى بدينه فرد لنا جانبه المعتدل السمح الحمدلله الذي شاء ان يحبب خلقه في الإسلام الحقيقي ، الإسلام المرغب لا المرهب . الداعي لا المنفر ، الناهي لا المُكره ، الإسلام الصالح لكل مكان وزمان . الدين الكامل . شريعة التآلف والحياة لا العداوة والموت . الإسلام الدين العظيم الذي يرفعنا عن التعامل مع البشر ونعامله سبحانه في كل نية وفعل . التعامل الذي يبدأ حيث ينظر الله لنا _الى قلوبنا _ هو اقرب الينا من حبل الوتين سبحانه وتعالى . عالم ظاهرنا وباطننا هو ارحم بنا . لن ينظر الى مظاهرنا ولا الى احزابنا وجماعاتنا . في درس إلهي امرنا كل عام ان نجيء لبيته سواسية كأسنان المشط لاتفرقنا الطوائف . كلنا مسلمون نطقنا الشهادتين وتلقينا القرآن والسنة كاملة . بقي ان نحترم الاختلاف وتفاوت الافكار ونفهم ان كل فرد منا سيحاسب وحده اذن لنترك له حرية اختيار مساره داعين ناصحين لا اكثر .
اليوم وبعد اربعون عاما من التغرير بأبناءنا يعتذر ! فليحمل ومن معه ذنب الشباب المغرر بهم والنساء الذين حملن فوق ضعفهن قلة الحيلة والحلَ . يجب ان نستوعب اننا بصدد مرحلة مختلفة علينا وقد تحدث بيننا وبين ابناءنا فجوة عدم انسجام .نعم لقد نشأنا نحن جيل الصحوة على مفاهيم مختلفة . لُقِنّا الغلو والتشدد . تجرّعنا التهريب والتخويف .تعلمنا النقد والتجريح والإنكار على كل من يخالفنا او يختلف معنا .هم مدينون لنا بأكثر من إعتذار . لقد سرقوا عقول واخمدوا همم واهانوا النساء ورفعوا الرجال وقد خلقهم الله سواء في الذنب والرحمة والمغفرة . والتفاضل بينهم في ” العلاقات ” على اساس التكوين وعند الشراكة والمشاركة .
صيحة الصحوة صمت الاذان واغلقت الافواه . واليوم وبما اننا بتنا نسمع ونعقل علينا ان نتحد مع ابنائنا ونتدارس معهم كيف نمشي بإعتدال والزمان مائل بالفتن .وحتى نقف بوجه الريح معهم ولاننقشع عن المبادئ والقيم ومكارم الاخلاق والتي بعث صلى الله عليه وسلم ليتممها يجب ان ننغرس اكثر في سماحة الدين . في تسامحه وبساطة أوامره . في اللذات الروحية التي يهدينا اياها حين يأمرنا بالإيمان والعفو .لننغرس اكثر في دين الله لادين البشر.
- كاتبة سعودية.