مرت العروض التي يطلق عليها بالمسرح التجاري بالرغم من اني ليس مع هذا القول الذي يحصر مسرحيات بعينها ضمن قالب معين حيث ان كل مسرحية تعتمد ايرادات الشباك هي مسرحيات تجارية حتى التي تقدم باللغة العربية الفصحى. مرت تلك العروض بمخاض عسير بعد عام 2003 وما قبلها بقليل بحيث لم تكن تلك المسرحيات الا عبارة عن اسفاف وتهريج ورقص يصل الى حد الابتذال وهذا برأيي نابع من الازمة التي مر بها المجتمع العراقي حيث قدمت عدد من تلك المسرحيات في العاصمة بغداد ولم يصل ذاك الداء للمحافظات حيث التزمت الفرق المسرحية في المحافظات بالمسرح الشعبي الذي يؤكد اصالته.
هذه المقدمة اسوقها بعد مشاهدتي لعرض مسرحية (فايف ستار) لمؤلفها عماد ابراهيمي ومخرجها اسعد عامر وهي من انتاج عصام مرهون وشارك فيها عدد من الممثلين العراقيين المعروفين مثل الفنان احسان دعدوش والفنان خضير ابو العباس والفنانة نسمة.
بدءا لم يكن العرض كما وصفته في مقدمتي بل كان عرضا جميلا بلا اسفاف ولا تهريج ولا خروج على القوالب الاجتماعية. العرض كان يحمل رسالة مجتمعية وهذا ما لم نجده في كثير من المسرحيات التي عرضت في السابق حيث خلت تلك المسرحيات من الرسالة الموجهة للجمهور وهي عمود كل مسرحية حيث ان المسرحيات التي تخلو من هذا تعتبر مجرد تسطير لا معنى له.
فايف ستار ارادت ان تقول كلمة الناس ورفضهم لكل اساليب الابتزاز، تحدثت بصوت صريح عما يعانيه مجتمعنا من فساد طال كل المؤسسات والمجالات ومنها الاستثمار الذي يعد عصبا حيويا في الاقتصاد العراقي وقد اجاد دعدوش وابو العباس وبقية الممثلين في ايصال صرخة الناس للمسؤولين باسلوب كوميدي تقبله الجمهور.
الكوميديا التي في العرض هي كوميديا سوداء ليس من اجل الضحك انما من اجل تطهير الذات التي ابتلت بتلك الاهوال وقد اجاد المؤلف والمخرج في ايصال الفكرة بشكل واضح وبدون لبس وبجرأة متناهية يستحقون بها الاشادة.
برأيي ان طرح مثل هكذا مسرحيات شعبية حالة متقدمة في المسرح الشعبي تذكرنا بمسرحيات قدمت في الثمانينيات مثل المحطة وبيت وخمس بيبان والخيط والعصفور ومجموعة ملكية التجارية وغيرها من المسرحيات بالرغم من ان تلك كانت توجه رسالتها عبر الترميز والمشفر بحكم الوضع السياسي آنذاك لكن مسرحية فايف ستار قالتها بوضوح لا للفساد لا للابتزاز وهذا ما جعل الجمهور ان يتفاعل معها.