(*)
ينتسب الشاعر حسن سامي
إلى جيل عراقي مملح بالحروب،
الحروب بطبعتها الأخيرة القابلة للتحديث.
وقتُ حسن سامي ،صالح ٌ للتبغ
ولهذا الفتى أسئلة تقوده وتقودنا
إلى أسئلة ٍ أخرى
لا ترث من الخيبة سوى البرحي
وبين الحين والآخر
رأيتُ هذا الحسن يفتشُ عن سماوات ٍ
لا تشبه سواه.
ومازال الفتى على الطرقات
ينوح
: كم تَعبنا !!
متى يفيق ُ أعوجاج ٌ في أستقامتنا !!
ويقرعُ أبوابَ الفرج
: تطشر َ العمرُ لا معنى يُعلّبه
(*)
حين نمسكُ المجموعة الشعرية(ربّما) من قصيدتها الأخيرة، سنرى الفعل الشعري الذكوري من خلال مرآة الأنثى، بشهادة قول / بوح الشاعر :
(أنا مازلت ُ
أنشقُها هواءً ضرورياً
لكي أنزاح عني /101- امرأة من ورد تقترح الفراش )
ويختم قصيدته ذاتها قائلاً
(أنا
ما قبلَها عدَم ٌ قديم ٌ
أنا مِنها.. لأني لست ُ مني )
بدءا ً من ثريا القصيدة (إليها أولاً وأخيرا) وصعودا إلى نصها الشعري
(خُذيني من بلاد ٍ لا تسمى )
نلاحظ سيادة فاعلية التأنيث في القصيدة : خذيني / يسحبني انتشاءُ/ تعالي/ ويختتم قصيدته بفضح شحناته الشعرية السالبة في قوله :
(مجازاتي القديمة ُ محض ُ كذب ٍ
وقبلك ِ يا – أنا – الشعرُ – أدّعاءُ )
وفي (..شهقات المينا..) يتوسلها قائلا
(أضيفي إلى النجمات شيئا مؤنثا
فلولاك حتى البدرُ
بدرٌ مُدلّسُ)
والأنثى لا تبسط مؤثريتها على البشري الخاص فقط، فهي قطب الوجود، ولها سطوة على دورة الأشياء في قصيدة (آخر شهقات المينا)
(إذا ثوبك ِ الزهريُّ
مسّ شجيرة ً.. غصون ٌ لها أشواكها تتنرجسُ)
(ستذكرك الأنهارٌ
لو قلَّ ماؤها
وتتبعك َ المينا
فلاتتيبس ُ)
(ويحدث ُ
أن الصبح َ يبهت ُ
حينما تغيبين عني.. والنوافذ تعبس ُ)
(*)
تتوقفت قراءتي عند نقاط ٍ أستهوتها
*التنضيد الطباعي
*الجملة الشعرية
*منصة الماء
*تأنيث المنصوص
*القصيدة المفكّرة بشعريتها
*شخصنة القصيدة
(*)
حين تتصفح (ربما) المجموعة الشعرية الثانية للشاعر حسن سامي، تحسبها قصائد نثر، وهذا التلفيق: متأت من تقنية التنضيد الطباعي، وهي حيلة مشروعة، لكنها لا تمنح تأشيرة دخول لشاعر متعصب لقصيدة النثر، أو لقارىء غدت لا تعنيه القصيدة العمودية المعاصرة للأسباب معينة… ومع التنضيد النثري، هناك فواصل البياض بين بيت وآخر مما يجعلنا أمام متواليات من البيت الشعري الوامض..ولعبة تنضيد العمود نثرا، لها سابقة في أوائل السبعينات،فقد اجترحها الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد في مجموعته ِ(خيمة على مشارف الأربعين )،ورصدها الناقد طراد الكبيسي ،في مقالة نقدية، ثم أدرج المقالة في كتابه النقدي القيّم : (شجر الغابة الحجري)
(*)
الجملة الشعرية الشفيفة، هي التي تسوقفني في قصائد الشاعر حسن سامي ، وها أنا ممعن فيها، وأقطف منها ما أنغرس في قراءتي، وهذه الجمل تستفيد من أستعارات وتشبيهات تستعملها قصيدة النثر، التي تنماز بالنبرة الخفيضة، وهذه الاستفادة، صرتُ أتلمسها في قصائد شعراء العمود، الجدد، الذين تألقوا ضمن ما يسمى (جيل فجر الحرية) ربيع 2003
(كثقل القارب ِ الملقى وحيداً
بطين الشاطىء المنسي نفنى/28)
(نَجرُّ
بقايا قاربين لساحل ٍ
وأخطاء قديس ٍ كثير ِ التساؤل/65)
(موانيء ُ اللكنة ِ السمراء
مربكة ٌ
وقارب ُ الريح ِ
منفيٌ إلى الغوص/ 78)
(وقد صُدِمت ُ
بشيء لست ُ أفهمه ُ
حين أفتضحت ُ نوايا الماء بالصخر ِ/ 80)
(لكي أُفسّر كُنه الماء ِ
يَلزمني نهرٌ قديم ٌ
وجرف ٌ طاعن ُ العمرِ/ 81)
(*)
تتجسد شخصنة القصيدة،في القصائد التالية :
*(هكذا تكلّم علي شريعتي)
*(القصيدة بلا عنوان ) وهي مهداة إلى فقيد الشعر العراقي، المأسوف على شبابه، قمر البصرة الذي غاب: (أكرم الأمير)
*(قل هل أتاك حديث النرجس)
*(آخر كوّة في جدار المعنى) إلى صديقه فاضل عباس الحلفي
*(صليت على كاهل الضوء) مهداة إلى دعبل الخزاعي
(*)
هذه وقفة تأمل مع( رُبّما) المجموعة الشعرية الثانية للشاعر حسن سامي، وشخصيا أرى أن الشاعر حسن: قد تجاوز مجموعته الأولى من خلال النبرة الشعرية الهادئة، وتنقيع مفردته بمياه عذبة صالحة للشعر الهادىء الشفيف..
*حسن سامي/ رُبمّا/ منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق /2019