لقد تناولت الأثنولوجيا (التهجين الثقافي) كتناولات ثقافية مختلفة ، أذ يحمل التهجين معاني مختلفة في ثقافات متنوعة وداخل دوائر ثقافية انتشارية مختلفة بين الثقافات وفي فترات متباينة ، فمعنى التهجين الثقافي يختلف حسب الطريق الذي جاءت فيه ، ففي ( الولايات المتحدة ) أذ يتركز حيث التهجين الثقافي على (العرق) لكن (العرق المختلط) يكون ذو مغزى فقط في حين يكون للـ(العرق ) اهمية بالغة ، وانه ليس له أي معنى في الاماكن التي لا تتشارك تأريخياً من التفريق العنصري وعلى سبيل المثال للحدود الدينية او الايديولوجية اهمية فالتهجين سياقي بالكامل كما إنه علائقي ، اما في (اسيا) يحمل ( التهجين الثقافي ) بصفة عامة رنيناً مختلف عن نظريه في (امريكا اللاتينية ) ففي (اسيا) كان التفاؤل في التهجين الثقافي هو الشعور العام كما في ثقافة الانصهار(الشرق / الغرب).
وفي ( امريكا اللاتينية ) ومن خلال تجربة الغزو والتفرقة بين السكان الاصليين والمولدين اتسمت مجتمعاتها بانها مزدوجة (تشخيص يتجاهل الهويات الاخرى مثل أحفاد العبيد الافارقة والمهاجرين الاسيويين ) يميل التهجين الثقافي في (امريكا اللاتينية ) الى الاعتراف المتنامي بالابداع الشعبي بحيث اصبحت ( امريكا اللاتينية ) كولاجاً هجيناً ثقافياً .وفي (افريقيا ) تمثل التهجين في قراءات افريقية للتاريخ الاثنولوجي في الحضارة المصرية من ان ينقل لغة سياسية واثنولوجيا عرقية يتمركز حول الافريقية وفي نفس الوقت ففي جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا كانت الافكار الرئيسية بالتهجين الثقافي من خلال الاستعمار الاوروبي . مع ان المجتمعات كثيرة الثقافات لم تتوقف ابداً عن الوجود كما ان بعض من بلدان العالم تتعرض للتجانس الثقافي , فإن فكرة التعدد الثقافي تمثل تغيراً في التوجه بخصوص السياسات في الدول والامم، فمنذ القرن التاسع عشر تحولت بالفعل جهودها نحو تهجين الثقافات وتقليل الاختلاف الثقافية ، وتتعلق الاسباب لمثل هذا التبدل والتهجين الثقافي ، ففي بداية السبعينات من القرن العشرين كانت مسائل الهوية العرقية والاثنية واللغوية الديموقراطيات الغربية كما في الكتلة السوفيتية السابقة مصادرة متزايدة لصراعات ولمطالبات وفي كافة انحاء العالم تبدي جماعات محلية واقليات دينية او لغوية جماعات مهاجرين رغبتها الجذرية الى هذا الحد او ذاك في ان ترى ثقافتها معترف بها ومن جهة اخرى فان وجود اقلية ثقافية يطرح مشكلة العدل الاجتماعي. يترجم التباين الثقافي الى سياسة اغلاق وفصل عنصري ، ويترجم الالتقاء الثقافي للاثنولوجيا الى سياسات استيعاب مع المجموعة المسيطرة بأعتبارها المركز الثقافي للجاذبية ، يشير المزيج الثقافي الى سياسات تكامل دون الحاجة الى التخلي عن الهوية الثقافية ، بينما يتوقع من التعايش المجتمعي ان يثمر انماط تداخلي ثقافي جديد للاختلاف وهذا مستقبل مزج مستمر يولد بأستمرار مساحات مشتركة جديدة وتباينات ثقافية برؤى الأثنولوجيا التي يكون محورها التهجين الثقافي. كما يشتمل كل نموذج على تناول مختلف للعولمة وطبقاً للتباين والتهجين الثقافي فأن العولمة ليست الا ظاهرة سطحية بينما الديناميكية الفعلية هي الأثنولوجيا بدراستها للأجناس من خلال الثقافات الاقليمية التي تتشكل بتكتلات مجتمعات اقليمية تميل الى التوازي مع مجموعات حضارية ، وبناءاً عليه فأن مستقبل العولمة هو تنافس اقاليمي وهي عملية شرنقة تحت مفهوم الامركة والغربنة ، وطبقاً لمبدأ الالتقاء فأن الأثنولوجيا المعاصرة هي نتاج عمليات العولمة مفتوح النهايات.
ترى الكاتبة إن الأثنولوجيا من خلال التهجين تفتح نافذة مختلفة على التمازج الكوني للثقافات ، ففي (الولايات المتحدة) تدل الثقافات العابرة على تبني الامريكان ذوي الاصول الاوروبية لسمات ثقافية سوداء ، وتبنى الامريكان ذوي الاصول الافريقية لعناصر ثقافية بيضاء وكمفهوم عام فأن الثقافة العابرة قد تصف بجدارة التناضح الثقافي الكوني على المدى الطويل ، وأن الأثنولوجيا تقوم بتكوين ثقافات او امماً او أعراق او مجموعات طبقية او اجناساً ادبية ، والتهجين بكينونته البحتة يطمس الفوارق التي بينها ويعمل بعد ذلك كجزء من علاقة قوة بين المركز والهامش ، ويشير الى طمس او زعزعة او تدمير هذه العلاقة الهرمية .إن واقع الأثنولوجيا الذي سلطت عليه آراء الناقد الهندي المعاصر (هومي بابا) اشتغلت فيه مفاهيم مهمة ومن أهمها مفاهيم( الهجنة) والاختلاط بالمعنى الفلسفي والفكري الذي اراده ، إذ يصف الناقد الهندي المعاصر(هومي بابا) الهجنة الثقافية والمحاكاة بإنها إمتزاج الانفتاح والتقارب والحرية المطلقة الذي يفرزه هذا التداخل الحضاري ونظام العولمة، ومادامت الأثنولوجيا التي تبدو فيها ان جميع الثقافات فيه ميسورة بالاستعارات والانتشار الثقافي بشكل متكافئ وحسب الخليط أو المزيج الذي يرغب فيه الانسان في أي مكان على هذه الارض؛ فالتهجين يقوم بدور المعادل للأفكار العنصرية التي تصر علي حبس الهوية الثقافية في دائرة العرق الحتمية، وفي داخل هذا الافق الاثنولوجي يطرح الناقد الفلسطيني المعاصر (ادوارد سعيد ) مفهوم (الهجنة ) بأن الواقع متشظياً وهجيناً ؛ كهجنة ثقافية ولغوية وعرقية الى أبعد ماتكتشفه العلوم الانسانية كل يوم فالقوميات والثقافات والاعراق تنحدر وتستمد ثرائها من اصول هجينة، وهي اليوم تتجه الى التهجن والثراء ليكتسي الاختلاف قوة جبارة في صنع هذه الهجنة الكولونيالي) هو ماتسعى لإعادة النظر في قضايا الهوية والخصوصية الثقافية والنوع والعرق والطبقة وغيرها من أسئلة المجتمعات المعاصرة وكل هذا في إطار رؤية اثنولوجية عالمية تبحث في علاقات القوة بتجلياتها كافة. وأن مفهوم التهجين الثقافي يضرب بعمق في الأثنولوجيا ، فمن خلال الهجنة الفكرية والثقافية التي سيصبح عليها المهاجر بعد أن يندمج ثقافياً في المجتمعات الغربية وما تحمله هذه الهجنة من طريقة لتذويب العنصريات والأفكار فالمهاجر ينطلق من الحاجة إلى فهم الاختلاف الثقافي ، ومادامت الأثنولوجيا تعني التكامل الحضاري والثقافي وليس هيمنة المراكز الكبرى وتهميش ثقافة المجتمعات الأقل حضارية، وإزاء البعد الفكري والفلسفي الآخر هو الذي يخلق في دواخلنا القدرة على مواجهة سؤالنا المصيري المرتبط بهويتنا الثقافية وهذا يفرض ضرورة البعد الفكري للتهجين بين الثقافة والفكر من جانب وبين الثقافة و الذات المتحررة فكرياً من فكر الماضي السكوني والمحتوية على بذرات فكرية مهيأة لاستقبال الآخر بروح التكامل.أكدت الأثنولوجيا والعولمة على الآثار الإيجابية الكبيرة لـلـ( الامتزاج والتهجين) بين الهويات والثقافات وتتمثل إحدى النتائج التي يتم الوصول إليها في هذا الإطار بالقول أن الأثنولوجيا تمثل بأحد وجوهها على زيادة سرعة وكثافة (التهجين الثقافي) كمنظور ثقافي مهم تؤيد عليها (الأثنولوجيا ) وادراك بأزمان الحداثة و عصر مابعد الحداثة في زيادة جرعة الثقافة العالمية في الواقع العملي واستغلال مرجعياتها من خلال حوارات التهجين في العولمة المعاصرة في تركيبات جديدة من الاشكال الثقافية سواء في الفنون المعاصرة والآداب.