أنا لا أحد! من أنت؟ هي واحدة من قصائد إميلي ديكنسون القصيرة، كونها مجرد مقطعين، وطولها ثمانية أسطر فقط. وقد تحتوي في مجملها على سمات المدرسة الشعرية الكلاسيكية..
الموضوع الرئيسي هو الهوية الذاتية وكل ما يحتويها من الحيثيات. هنا نتساءل هل نحن راضون عن هوياتنا؟ ماذا عن الخصوصية والحياة الشخصية؟ ماذا عن دورنا في المجتمع و شخصيتنا العامة؟
لقد أصبح السطر الأول واحدًا من أكثر علامات الاقتباس شيوعًا، وغالبًا ما يُستشهد به كعنوان للقصيدة، ولكن في الواقع لم يكن أي من قصائدها لها عنوانًا..
هناك العديد من الدراسات التي كتبت عن هذه الشاعرة الأكثر تداولا، التي عاشت معظم حياتها في محيط منزل عائلتها في أمهرست – ماساتشوستس، بالرغم من عدم احتکاکها بالناس لكنها كتبت مئات القصائد الجميلة، ولم يتم الا نشر بعض منها خلال فترة حياتها و بأسماء مستعارة.
الانطباع الأولي الذي تعطيه القصيدة بأن الذات لا أحد ان کان أنانيًا، إذاً هناك حوار تقريبي بين الذات يدور في هذه القصيدة القصيرة حيث تتواصل الشاعرة مع الآخرين الذين لديهم نفس طرق التصرف والتفکير، ومن ثم معارضة أولئك الذين يحبون بث اسمهم الخاص حبا للجاه أو السلطة أو للشهرة.
كما هو الحال في العديد من قصائدها ، تستحضر إميلي ديكنسون مفاجأة غير متوقعة باستخدام الضفدع الصغير. وهي مجازا تشبه شخصًا ما بالضفدع ، وجلست وهي تبكي طوال الوقت في المستنقع. الضفادع هي واحدة من المخلوقات التي احتلت مرتبة عالية في وعي الشاعرة ، كما تتضح في هذه الرسالة التي كتبت إلى صديقتها ماري بولز:
“الضفادع تغني بشكل حلو – اليوم – لديها أوقات جميلة – كسولة – كم هي لطيفة، بأن تكون ضفدعا!”
فكيف أدی الضفدع دورا رئيسيا في قصيدتها؟ ولماذا استخدمها في التشبيه؟ هل يمكن أن تكون الشاعرة قد ربطتها بعالم الانانية والاستعلاء و حب الظهور؟ اذ انها عادة ما يكون ضفادع الذكور يغنون لجذب الأنثى أو إعلان حدود سيطرته…
هذه القصيدة مرقمة بـ 260 من قبل فرانكلين:
النص الشعري: (( أنا لا أحد! من أنت؟ ))
أنا لا أحد! من أنت؟
هل أنت – لا أحد – أيضا؟
اذن هناك زوجا واحدا منا!
لا تقل! سيعلنون – وأنت تعرف!
*
كم هي مملة أن تكون شخص ما!
کم تکون معروفا – مثل الضفدع –
أو تقول اسم شخص ما– الجون المعمر –
وصل إلى مستنقع الإعجاب!
*
مزيد من التحليل :
المقطع الاول:
ان السطر الأول من القصيدة بمثابة الإعلان، بأنها تزعم و بجرأة أنها ليست شخصًا غريبًا، وهي مفارقة في حد ذاتها. هنا علامة التعجب تضيف الكثير إلى اللغز. هل المتكلمة متحمسة لتكون لا أحد؟ أم أنها صدمت نفسها بالكشف عن ذلك ،نعم هذا صحيح، لقد اعترفت أخيرًا. أن تكون متواضعا أو لا أحدًا، أفضل من أن تكون شخصًا ما و هزل قدمك الی هاوية الشهرة المزعجة.
ومن ثم التواصل غير العادي مع القارئ بطريقة لعبة تشبه ألعاب الاطفال. بحيث تريد المتحدثة اتصالاً سرياً، ويجب أن تبقى مستورة لأنهم إذا عرفوها فسوف يبثونها للعالم كله! هذا هو الكوميديا الذي تأخذ بأيادينا الی عالم الشهرة والمشاهير.
لا تخبر! سيعلنون – وأنت تعرف!
المقطع الثاني:
ما يجعل هذه القصيدة قوية للغاية هو حقيقة أنها تتردد صداها مع الجمهور العصري. حيث ان اخبار المشاهير تهيمن على الصحافة الشعبية ووسائل الإعلام، والعمل من أجل أن تكون شخصًا ما أو كائنًا اجتماعيًا مثاليًا، هو أمر بالغ الصعوبة.
إميلي ديكنسون اختارت أن تقارن بينها و بين الاخر بأن تقول في البدء لا أحد أنا (من المقطع الأول) أو انني ضفدعة، و في الثانية استخدمت الرتابة لوصف شخص ما بالشهرة حيث ينتشر الضفادع علانية في وقت التزاوج عندما يتجمع الذكور لإيجاد شريكة له وإقامة أرض لذلك في حين أن العمل غريزي، فإنه لا يزال بالنسبة للمتكلمة ممل وممل ومبتذل.
هذه هي النغمة السخرية – أن تكون شخصًا ما أو الأنا المتضخمة، وبما ان المهمة ذاتيًة، لكن بالمقابل تحتاج إلى إعجاب الجماهيرمن الجهة الثانية لتكملة الصورة الاخيرة في ذهن القاريء، وهغا ما تتجنبها الشاعرة فيهذه القصيدة القصيرة علی الاقل..
النص بالانجليزية:
I’m Nobody! Who are you?
Are you – Nobody – too?
Then there’s a pair of us!
Don’t tell! they’d advertise – you know!
*
How dreary – to be – Somebody!
How public – like a Frog –
To tell one’s name – the livelong June –
To an admiring Bog!