عن دار المقتبس صدر للكاتب والقاص والروائي الفلسطيني رواية بعنوان مذكرات رجل أخرق اَلرِّوَايَةِ تُشَكِّلُ مُحَاوَلَةً لِلْغَوْصِ بِالنَّفْسِ اَلْبَشَرِيَّةِ ، تَبْحَثَ عَنْ مَاهِيَّةِ اَلضَّعْفِ اَلْمُتَمَكِّنِ مِنْهَا، عَنْ اَلتَّوَزُّعِ وَالتَّشَتُّتِ، اَلضَّيَاعُ وَالتِّيهُ، اَلْمُنْحَنَيَاتُ اَلْخَفِيَّةُ، اَلَّتِي تَخْلُقُ اَلتَّبْرِيرَاتُ وَالسَّرَابُ كَيْ تَتَّبِعَهَا اَلرُّؤَى اَلْكَسِيحَةُ، وَالْبَصَائِرُ اَلْمَشْلُولَةُ، اَلَّتِي تُسَيْطِرُ عَلَى بِنْيَةِ اَلْوَعْيِ اَلْمَغْلُولِ بِقُوَّةٍ نَحْوَ اِعْتِقَادَاتٍ تَتَقَاذَفُ اَلذَّاتُ وَتُقَسِّمُهَا إِلَى مَجْمُوعَةٍ مِنْ اَلذَّوَاتِ اَلَّتِي تَصْطَدِمُ بِبَعْضِهَا، فَهِيَ جُزْءٌ أَصِيلٌ مِنْ اَلرَّذِيلَةِ ، وَكَذَلِكَ جُزْءٌ أَصِيلٌ مِنْ اَلْفَضِيلَةِ، بِاخْتِيَارٍ وَحُرِّيَّةٍ، وَقَسْر وَجَبْر، وَهِيَ خَلِيطُ مِنْ اَلْحُبِّ وَالْكَرَاهِيَةِ، مَزِيجُ مِنْ اَلْعَدْلِ وَالظُّلْمِ، مُرَكَّبُ مِنْ اَلضَّعْفِ وَالْقُوَّةِ، دَمْجُ بَيْنَ اَلتَّنَاقُضِ وَالتَّنَاقُضِ، مُرَكَّبُ مِنْ اَلتَّضَادِّ وَالتَّضَادِّ، تَضَعَ بِكُلِّ ذَوَاتِهَا بِيوضَا تَنْتَظِرَ أَنْ تَفْقِسَ، تَنْقَسِمَ وَتَنْشَطِرُ، مُخَلِّفَةً بِأَعْمَاقِ اَلذَّوَاتِ اَلْمُتَوَلِّدَةَ اَلْمُتَنَاقِضَةَ وَالْمُتَضَادَّةَ جَذَوَاتْ يُغَطِّيهَا اَلرَّمَادُ، لَكِنَّهَا رَغْمَ مَا عَلَيْهَا مِنْ رَمَادٍ تَبَقَّى كَامِنَةً لِتَشْتَعِلَ مِنْ جَدِيدٍ فَتُكْوَى اَلْمَشَاعِرُ وَالْأَحَاسِيسُ، وَتَنَقُّلَ اَلذَّوَاتِ كُلَّهَا إِلَى مُرَبَّعَاتِ اَلْحَيْرَةِ وَالِارْتِبَاكِ وَالشِّدَّةِ وَالدَّهْشَةِ، لِتَكَوُّنِ رَغْمًا عَنْهُ وِعَاءٌ لِلتِّيهِ وَالضَّيَاعِ وَالْغُمُوضِ.
تُحَاوِلَ اَلرِّوَايَةُ بِشَكْلٍ عَمِيقٍ تَأْصِيلِ فِكْرَةِ اَلْغَرَابَةِ ، اَلذُّهُولُ، اَلْعَجَبُ، اَلتَّبَدُّدُ ، اَلتَّصَدُّعُ وَالتَّفَرُّقُ، اَلَّتِي تَتَمَكَّنُ مِنْ كُلِّ اَلْمَشَاعِرِ وَالْأَحَاسِيسِ اَلَّتِي تَلْتَهِبُ فَتُشْعِل اَلْجَذُوَاتْ اَلَّتِي تَكْوِي اَلذَّوَاتُ وَتَلْدَغهَا، فَتَنَقُّلُ كُلِّ اَلتَّفَرُّقِ اَلْمُتَمَكِّنِ مِنْ اَلذَّوَاتِ إِلَى اَلرُّؤَى وَالْبَصَائِرِ اَلَّتِي تَغْرَقُ فِي اَلِانْفِصَالِ وَالتَّنَاثُرِ وَالِانْفِكَاكِ عَنْ اَلْفِطْرَةِ اَلَّتِي هِيَ اَلْبُوصَلَةُ اَلْحَقِيقِيَّةُ لِإِنْسَانِيَّةِ اَلْإِنْسَانِ.
اَلصِّرَاعُ اَلدَّاخِلِيُّ اَلْمُغَذِّى بِالْغُرُورِ وَالصَّلَفِ وَالْعُلُوِّ وَالْعُتُوِّ وَالْخُيَلَاءِ وَالزَّهْوِ، اَلَّذِي يُعْطِي اَلْأَشْيَاءَ اَلْمُتَخَيَّلَةَ وَالْمُصَاغَة مِنْ وَهْمِ اَلثِّقَةِ اَلْمُفْرِطَةِ بِاللَّاشَيْءِ، بَالْلَاهَدَفْ، إِلَّا بِشَيْءٍ وَهَدَفٍ تَرْتَضِيهُ اَلنَّفْسُ اَلْأَمَّارَةُ بِالْخَدِيعَةِ اَلَّتِي تَتَبَدَّى كَحَقِيقَةٍ لَا يُمْكِنُ مُقَاوَمَتَهَا وَالشَّكَّ فِيهَا، وَهُنَا يَتِمُّ اَلتَّعَامُلُ مَعَ اَلْفِطْرَةِ وَالْوِجْدَانِ وَالضَّمِيرِ كَأَعْدَاءٍ ، فَتَكُونُ اَلْمَعْرَكَةُ بَيْنَ اَلْوَهْمِ وَالْحَقِيقَةِ حَامِيَةٌ، كَبُرْكَانٍ يَنْفَجِرُ بَعْدَ زِلْزَالٍ، ثُمَّ يُخْمِدُ، وَلِمَا كَانَتْ اَلنَّفْسُ تَسْتَعْذِبُ مُذْ خَلَقَتْ اَلرُّكُونَ إِلَى اَلْمَلَذَّاتِ صَاحِبَةَ اَلسَّطْوَةِ عَلَى اَلْغَرِيزَةِ اَلَّتِي تَغُلُّ اَلْفِطْرَةُ وَتُصَفَّدُ اَلضَّمِيرُ، فَإِنَّ اَلْإِنْسَانَ سَيَبْقَى بِدَائِرَةِ اَلْمُرَاوَحَةِ بَيْنَ مَا تَسْتَعْذِبَهُ اَلذَّوَات بِكُلِّ اَلْغَرَائِزِ اَلْمُتَمَكِّنَةِ مِنْهَا، وَبَيَّنَ صَيْحَاتِ اَلضَّمِيرِ اَلَّتِي تَنْبَعِثُ فَجْأَةِ لِتُفَجِّرَ وَتَتَنَاسَلَ وَتَتَوَالَدُ ذَوَاتُ جَدِيدَةٌ تَتَصَادَمُ وَتَتَقَلْقَل وتِتَقَضَقَضْ، صِرَاعٌ حَتْمِيٌّ يَبْدَأُ مِنْ حَبَّةِ اَلْخَرْدَلِ وَيَنْتَهِي بِفِكْرَةِ اَلسَّيْطَرَةِ عَلَى اَلْحَيَاةِ وَالْوُجُودِ، لَكِنْ يَبْقَى اَلْيَقِينُ، اَلْمَوْتُ، هُوَ اَلْحَاسِمُ حِينَ يَمُرُّ مِنْ أَمَامِ اَلنُّفُوسِ اَلَّتِي تَغْلِي وَتَفُورُ عَلَى مَرَاجِلِ اَلشَّكِّ وَالتَّرَدُّدِ وَالتَّطَاحُنِ وَالِاقْتِتَالِ بَيْنَ كُلِّ خَلْجَةِ وَخَلْجَةً، سُكْنَةٌ وَسُكْنَةٌ، رُؤْيَا وَرُؤْيَا، وَهْمٌ وَوَهْمٌ، سَرَابٌ وَسَرَابٌ، وَهَذَا هُوَ اَلْإِنْسَانُ، اَلَّذِي لَا يُمْكِنُ إِصْلَاحُهُ أَوْ حَتَّى اَلتَّفْكِيرِ بِمُحَاوَلَةِ إِصْلَاحِهِ، هُوَ اَلْإِنْسَانُ اَلَّذِي يُرِيدُ مِنْ اَلشَّمْسِ أَنْ تُشْرِقَ مِنْ اَلْغَرْبِ، وَتَغَرَّبَ فِي اَلشَّرْقِ، وَهُوَ يَعْتَقِدُ بِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقٍّ مُطْلَقٍ بِهَذَا اَلطَّلَبِ، كَمَا هُوَ صَاحِبُ حَقٍّ فِي قَطْرَةِ نَدَى أَوْ شُعَاعِ شَمْسٍ، لَكِنَّهُ حِينَ تَثُورُ عَاصِفَةً لِتَحْجُبَ عَنْهُ اَلرُّؤْيَةُ يَقِفُ مَغْلُولاً، لَا يَمْلِكُ مِنْ أَمْرِهِ سِوَى اِنْتِظَارِ اِنْحِسَارِ اَلْعَاصِفَةِ، هُوَ يُرِيدُ بِكُلِّ بَسَاطَةِ اَلْحُصُولِ عَلَى مُعَادَلَةِ اَلْخُلُودِ وَالْبَقَاءِ، لَكِنَّهُ يُصْبِحُ مُتَهَاوِيًا مُتَهَالِكًا، يَغْمُرُهُ اَلْجُبْنُ وَيُغَطِّيهُ اَلرُّعْبُ، وَيَسْتَوْطِنَهُ اَلْعَجْز إِثْرَ شَوْكَةٍ سَامَّةٍ تَخِزُهُ مِنْ سَمَكَةٍ أَوْ غُصْنٍ يَتَدَلَّى.