نقوس المهدي، إنسان لا يحب الظهور، هكذا يطيب لي أن أصف نفسي، ويصنفني معارفي من المتأدبين، ولدت بقرية سيدي أحمد احدى القرى النموذجية المنجمية التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط باليوسفية عام 1953، ونشأت بقرية لمزيندة القريبة منها، عايشت مع أبناء جيلي وانأ بعد طفل الأحداث الدامية أحيانا التي كانت تدور رحاها بين العمال البروليتاريين، استخدم خلالها الرصاص الحي، والمعارك الطبقية التي خاضوها وقتئذ من أجل الكرامة وانتزاع حقوقهم المشروعة، وانخرطنا فيها بحماسنا تحت لواء الشبيبة الاتحادية الشيء الذي أثر على وعينا الطبقي.. إذ كانت اليوسفية إحدى قلاع الفكر اليساري، قبل أن يحولها المخزن الى وكر لتفريخ الفكر الارهابي والجماعات التكفيرية..
بعد المرحلتين الابتدائية والثانوية
– التحقت للدراسة بشعبة الفلسفة في جامعة محمد الخامس – الرباط،
– التحقت بمدرسة الممرضين المجازين في مراكش، واشتغلت ممرضا مجازا بمصحة المكتب الشريف للفوسفاط باليوسفية
– أسست مع الاخ جبران الشداني موقعي: أنطولوجيا السرد العربي، وأنطولوجيا الإيروتيكا العربية
– مشرف بمنتدى مطر
– أنشأت العديد من المجموعات الفيسبوكية التي تتناول مختلف المواضيع الفكرية
* أصدرت مجموعتين قصصيتين
– صنائع من نوبة عراق العجب – متوالية قصصية – منشورات منتدى مطر.. مطبعة انفو برانت- فاس 2014
– …إلخ – قصص قصيرات – منشورات رابطة أقلام أحمر – سفي برس – آسفي 2014
شاركت في كتب جماعبة
– مرايا ج1 وج2 ، قراءات في شعر محمد علي الرباوي، 2015، تحت إشراف د. محمد دخيسي أبو أسامة
– أدب المناجم “الأدب في خدمة الذاكرة” يضم أشغال الملتقى المغاربي الأول لأدب المناجم التي تشرف عليه جمعية طارق بن زياد للتضامن والتنمية والتواصل حاسي بلال ـ بمدينة جرادة 2016
– موسوعة الجنسانية العربية والإسلامية قديما وحديثا – الكتاب الأول – تحت إشراف البروفيسور محمد عبدالرحمن يونس – جامعة بن رشد – هولندا – الطبعة الأولى لندن انجلترا 2018 – الطبعة الثانية عن دار دجلة الأكاديمية ببغداد 2021
– موسوعة الجنسانية العربية والإسلامية قديما وحديثا – الكتاب الثاني – الجنس في الرواية العربية – تحت إشراف البروفيسور محمد عبدالرحمن يونس – عن دار دجلة الأكاديمية ببغداد – الطبعة الأولى 2021
– من مؤسسي المنتدى المغاربي لأدب المناجم
– شاركت بعدة لقاءات وندوات
في جعبتي العديد من المخطوطات تشمل الشعر والقصة والدراسات تنتظر النشر
س- رحلة القراءة تبدأ بالكتاب الأول، فما هو أول كتاب قرأته؟ –
ج- عرفت الكتاب خارج حدود كراس المقرر المدرسي في حدود سن العاشرة، أي بعيد الاستغناء عن وسائل اللعب ولهو الصبا، والبحث عن وسائل أخرى لتزجية الوقت، وكان هذا الاكتشاف من أثمن الأشياء التي ملأت فراغ أيامي، حين أقام أستاذ اللغة العربية للصف الخامس ابتدائي الأستاذ السي محمد أغزاف طاولة في ركن من الفصل أسماها المكتبة المدرسية، وضع فوقها مجموعة من القصص المدرسية للناشئة التي وضعها محمد عطية الإبراشي وأحمد سعيد العريان وكامل كيلاني، وقصص أرسين لوبين وشرلوك هولمز، وبعض مؤلفات طيب الذكر مصطفى لطفي المنفلوطي، ليزرع في نفوسنا حب القراءة والكتاب، توزع علينا مساء كل يوم سبت، لنعيدها في متم الأسبوع الموالي ملخصة في ورقة ونأخذ غيرها، كانت تلك القصص العجيبة اول صلة لنا بحكايات الجنيات والسعالي وعالم الخوارق والملاحم العجيبة والخيالات الرهيبة، لم نكن قد وصلتنا بعد قولة الحكيم الفرعوني التي تقول: (الكتاب أفضل من لوحة رائعة النحت، أقوى من حائط متين البنيان، انه بديل الهرم والمعبد في اعلاء اسمك)، أو تلك القائلة: ” ليتني أجعلك تحب الكتب أكثر مما تحب أمك”، ولا تلك التي جعلت أحب كاتب إلى نفسي يقول بتواضع زائد في مديح القراءة: “فليفخر الآخرون بالصفحات التي كتبوا، أما أنا فأفتخر بتلك التي قرأت” [بورخيس: أسطورة الأدب/ ص 108]. كنا فقط نلتهم تلك القصص لما توفره لنا من متع زائدة تغنينا عن دروس النحو والصرف والتربية الوطنية والحساب والعقاب، ومن لعب نهاية الأسبوع، لما تحملنا إليه من عوالم غريبة وفضاءات ساحرة لم نكن نألفها في قريتنا الفوسفاطية الصغيرة المغمورة المنسية، والمنقطعة عن العالم، المخفورة بأهرامات الأتربة، المبتوتة في تجاويف هضاب الكنتور، وبديلا عن حكايات آبائنا التي يحشون بها أذهاننا، وكأنهم يرهبوننا نفسيا من أوصاب الشغل الشاق المنتظر، عن أهوال وأخطار العمل بالمنجم والجنازير وهدير المحركات الجبارة، وعن أمراض الحساسية والربو، والسل، وآلام المفاصل، وديدان الأنكيلوستومياز، والشيخوخة المبكرة، وحوادث الشغل المميتة، وفظاظة المهندس وتقارير أعوانه الجائرة، والماء البارد الذي يقطر من سقف المنجم، والمياه الجوفية العائمة التي تغمر لحد الحزام، والحزام المطاطي النقال الذي يلتهم في غفلة أعضاء العمال، أو يعجن أجسادهم المنهكة كالطحين، وعشرات الحكايات الأكثر رهبة تقع في جوف الجبل، تحت الأغوار السحيقة لباطن الأرض، التي تذكر بالقرابين التي كان يتزلف بها قدماء المصريين للنيل خلال سخائه السنوي على الحقول. والتي تشكل بدورها مادة مروية تستحق بدورها أن تدون في كتاب..
كانت البداية بخطوة وتدرجت القراءات
س- لماذا نقرأ؟
ج- مثلما يحتاج البدن للأكل والزرع لحبات المطر.. ومثل عشق الناس للموسيقا والرسم والرياضة، يحتاج العقل البشري أيضا للزاد المعرفي كل حسب ميولاته ومداركه وشطارته
فالقراءة تجعلنا أقل وحدة، وأكثر عزلة وميولا للوحدة، وتنقلنا عبر الأزمنة والأمكنة على بساط أثيري، بعيدا عن مكر العلاقات، وأوهامها وسخفها، فـــ(فالكتب كالناس، منهم السيد الوقور ومنهم الكيس الظريف ومنهم الخائن والجاهل والوضيع والخليع، والدنيا تتسع لكل هؤلاء، ولن تكون المكتبة كاملة إلا إذا كانت مثلا كاملا للدنيا) كما يقول العملاق عباس محمود العقاد. وقد عبر عن ذلك أمير الشعراء حينما (بدل بالكتب الصحابا)
وقد نشأ فعل القراءة منذ إحساس المرء للتعبير عن ما يجيش في نفسه، بالصور أولا، ثم باختراع الرموز والوسيلة.. وتبلورت طريقة التعاطي مع الكتاب من الحب إلى العشق، إلى الشغف، إلى الهوس إلى السحر بالكتب، أو ما يطلق عليه علماء النفس داء المثقفين أو مرض العباقرة المعروف بــ (الببلومانيا)
س- كيف نقرأ؟
ج- القراءة مثل العبادات لها خفايا وأسرار وطقوس وأوقات.. في الإسلام لا يمكن للشخص ان يقرأ القرءان أو يلمسه إلا إذا كان مطهرا، ونزل الوحي بفعل الأمر: “إقرأ”، فهي إذ تمارس نوعا من السحر، وتفرض جوا خاصا قريبا من الحلولية، والانسجام الروحي المؤدي إلى الاندماج مع أحداث ومضمون الكتاب.. ولا بد من توفر نوع من هدوء البال والصفاء الذهني والسكينة، بعيدا عن الضوضاء والجلبة. إنها تنتشلنا من الكآبة وتحمي الروح من الأكسدة والاستلاب والاغتراب، أثناء قراءاتي لا بد من توفر قلم الرصاص لمتابعة القراءة، ولا تستهويني القراءة في المقاهي وفي الفضاءات العامة
ونستطيع القول بأن سحر الكتاب على شخصية القارئ له مفعول كبير إلى درجة تؤدي ببعض الأشخاص إلى تقليد كاتب معينين.. أو التأثر بالكاتب النموذج أو المثال، اعتراف محمد شكري بأنه تأثر بشخصية الكاتب محمد الصباغ، وتأثير سلامة موسى على نجيب محفوظ، وطه حسين على جابر عصفور، أو التأثر لحال بطل من الابطال الروايات العظيمة، والروايات ذات النهايات المغلقة، أو لحالة المهانة والازدراء الذي تعرض له أحد أبطال الروايات، حالة “أكاكي أكاكيفيتش” بطل المعطف لنيكولاي غوغول، او لمآل “روديون رومانوفيتش راسكولينكوف” بطل الجريمة والعقاب لثبودور دوستويفسكي
لا أحد يستطيع تعليم الحياة للآخرين مثل القراءة
يا لسحر القراءة، يما تتركه في نفوسنا من ذكريات.. او بما تحيي في ذاكراتنا من أحداث بعيدة
إنها نعمة لا توفرها إلا الكتب
وطوبى لخورخي لويس بورخيس الذي طالما تخيل الجنَّة على شكل مكتبة
س- ماذا نقرأ؟
ج- في الحقيقة المرء يقرأ ما ينسجم مع توجهاته وتكوينه واختصاصه.. ونزواته أيضا، ولكل امرئ كتب مفضلة وكتاب مفضلين، قراءاتي لا تقتصر على لون معين من المعارف، فإلى جانب قراءة الأعمال الروائية العربية والعالمية، أقرأ الكتب الفكرية بمختلف صنوفها، والنقد الأدبي والفلسفة وكتب التراث، والمواضيع التي تشمل الطب والأوبئة والوقاية منها، والكتب العلمية المتنوعة.. هذا التوجه الموسوعي في التلقي جعلني من هواة جمع الكتب و(قصاراي لفظة شرود أصيدها، وكلمة بليغة أستزيدها) كما قال بديع الزمان الهمذاني على لسان أبو الفتح الإسكندراني
في بداية تبلور وعيي الطفولي، وتخطي مرحلة إدراكية معينة شكل المنفلوطي كاتبي المفضل الذي يناسب سني ودرجة التلقي لدي، إلى درجة الحزن على مصير أبطال حكاياته. والتأثر لحالهم، اذ كان هو أيضا يحزن حزنا عظيما الى درجة البكاء.. وأتأسى الآن لدرجة الغبن والنكران والحيف والأوصاف السخيفة التي لحقته من طرف بعض الكتاب.. إذ لا أحد يعترف بفضله على القراء، وبجهوده في نقل الروايات العالمية.. ولا أحد يعترف بفضيلته في تشذيب اللغة العربية، وحده نجيب محفوظ أخلص في الوفاء والوداد، فكتب رسالة افتراضية يقول فيها: ((عزيزي المنفلوطي، كنت متجهاً إلى العلم، وذلك لتفوقي في الرياضيات، إلا أنك جعلتني أولي الكتابة أهمية لم افطن لها من قبل، وغيرت أحلامي بعد أن كانت تنحصر في الهندسة والطب، فإذا بي أصبح كاتباً. وهذا التحول، أنا مدين به لك، أيها الكاتب الكبير. بفضلك بدأت أقرأ العقاد وطه حسين وسلامة موسى وآخرين، وتلاحظ كم حدد هؤلاء نوعية اختياراتي في الكتابة. لكن الفكر يطغى في نتاجهم على الإبداع الأدبي. ولعل قراءاتي المبكرة لكتبك هي السبب المباشر الذي وجهني الى دراسة الفلسفة. ومر وقت طويل نسبياً قبل أن أفهم أن ميلي الحقيقي هو إلى الكتابة الأدبية وليس الى الفكر. وأتذكر الآن بين كتاباتك نصاً، كان بالنسبة اليّ بمثابة الموجّه الرئيسي، هو مقدمة أحد كتبك، “العبرات” أو”النظرات”، حيث كتبت في المقدمة عن فن الكتابة وقيمته)) رسالة نشرت ضمن ملف “عشرة كتاب وكاتبات عرب يساهمون في ملف رسالة إلى الكاتب الذي غير حياتي
س- أين نقرأ؟
ج- يقول المثل السائر من فتح مكتبة أو مدرسة أغلق سجنا، للتدليل على قوة وعظمة القراءة والكتاب في تهذيب الأخلاق، وبناء الإنسان، وقد كان الناس يلجئون إلى المكتبات العمومية للقراءة أو لاستعارة الكتب وتقاسمها، مما كان يخلق نوعا من الحيوية والنقاش والتنافس بين الخلان.. الآن وأينما وليت وجهك في المدن الكبيرة يندر أن تجد أثرا للمكتبات، فقد أغلقت تماما، واختفت واجهاتها المزينة بالمطبوعات والكتب والمجلدات، وحلت محلها المقاهي والمطاعم التي تعرض شطائر اللحم الفاسد وأصابع المقانق المغشوشة التي يسيل لها لعاب العابرين.. انه زمن آخر يفرض نفسه بكثير من الجسارة، ذلك أن الأمم المتحضّرة تبني المكتبات، أمّا الدول التي فقدت روحها، فتغلقها
س – متى نقرأ؟
ج- ليس هناك وقت محدد للقراءة، فكل الأوقات ممكنة ومتاحة.. وهناك جمعيات مواطنة تسعى لتشجيع القراءة فتنشئ مكتبات في عربات المترو والمفاهي، أو في المرحاض كما فعل هنري ميللر، فالقراءة رغبة تستثيرنا في أي وقت، وللكتاب سطوة الساحر على إدراك القارئ.. والإنسان يقرأ لا ليكتب، أو يصبح كاتبا، لان الكتابة ليست مهنة بقدر ما هي موهبة وهواية.. لذا لا تخلو نصائح كبار الكتاب للقراء من حكم وعبر وجواهر في امتداح القراءة.. فالكاتب كامل زهيري يقول: (اقرأ كأنك تعيش أبدا، وأكتب كأنك تموت غدا)، فيما يوصي عميد الأدب العربي أحد سائليه قائلا: إقرأ ثم اقرأ ثم اقرأ للتدليل على فضيلة القراءة وقداستها
س- لمن نقرأ؟
ج – تندرج القراءة تحت عدة مستويات، فهناك القراءة الوظيفية، وتهدف للإطلاع علي مواضيع معرفية معينة قصد إعداد دراسات، أو بحوث علمية. أما الثانية فهي بمثابة استجمام بين الكتب لأنها تشبع الفضول المعرفي، وتشيع نوعا من الراحة النفسية، والنرجسية التي تخلقها تلك الهالة التي نكونها عن شخص يهوى الكتب والقراءة
مرة كتب فرانز كافكا إلى أحد أصدقائه عن الكتاب الذي يجب أن يُقرأ، وعن ردّة الفعل الناتجة عن القراءة قائلا: (الكتاب الذي لا يوقظ بضربة على الرأس ليس جديراً بأن يقرأ!)
س- لمن نكتب؟
ج – الكتابة كما عرفها جان كوكتو هي فن التورط، وفي حقيقة الأمر الواقع فالإنسان حين يكتب فإنما يكتب لنفسه، لتزجية الوقت أولا، فــ”كلّ ما نكتبه هو ترجمة” برأي جاك دريدا.. وتغلفه مسحة ذاتية، نابعة من داواخله، وناتجة عن انفعالاته، وتحت دافع معين لإرضاء نزواته.. أو لتفريغ لمكبوتات جوانية لا يستطيع البوح بها الا بالكتابة.. فيصدق الآخرون ما كتب، فــ (الكاتب لا يختار لغته فهو كذلك لا يختار أسلوبه، الذي هو ضرورية المزاج، فهو غضب داخلي، هو عاصفة أو إنقباض، هو بطء أو سرعة، يأتيه مع إنس حميم مع نفسه، لا يكاد يعرف عنه أي شئ، يضفي على لغته نبرة فريدة) بحسب تعبير موريس بلانشو في أسئلة الكتابة
س- كيف نكتب؟
ج- للكتابة طقوس معينة، ولكل طريقته في الكتابة، هناك من يكتب في المقهى، ومن يكتب في غرقة غارقة في أدخنة السجائر.. وهناك المشاؤون الذي يكتبون فصولا كاملة وهم يتمشون في الطرقات.. وتستهوي نجيب محفوظ بالذات
س- ماذا نكتب؟
ج- كل الكتابات هي بعض كتب مهضومة، ولا يمكن للمرء أن يكتب من فراغ.. فالكتاب ينطلقون من حيواتهم الخاصة، ويسقطون أخيلتهم على ما يدور حواليهم من أحدات وظواهر، الخيال والإبداع هما ما حول قرى صغيرة مثل ماكوندو لدى غابرييل غارسيا ماركيز، وكرمكول عند الطيب صالح، ومسيريدا عند أمين الزاوي، وبلدة بني شيكر عند محمد شكري، ونجيب محفوظ في خان الخليلي الذي لا يتعدى طوله من مدخله إلى منتهاه ثلاثين مترأ أكثر شهرة وعالمية، فهو يقول: ((عالمى الروائى كله مأخوذ من الواقع، ولكنه ليس الواقع؛ فالفن إعادة تكوين للواقع في ضوء رؤية المبدع وما يراه من نقد لهذا الواقع، إننى لست فوتوغرافيا حتى أرسم الواقع كما هو، وأنا واقعى بمعنى أننى لست كاتب فانتازيا، ولست كاتبا سرياليا أو شيئا من هذا القبيل، كل شخصياتى لها أصل فى الواقع ولكن من الممكن أن تلتقى الشخصية الحقيقية بصورتها التى رسمتها لها فى إحدى قصصى أو رواياتى، ومع ذلك فلا تستطيع أن تتعرف على نفسها في تلك الصورة)) مقتطف من حوار صحفي مع نجيب محفوظ عام 1988
س – كيف تنظم وقتك في القراءة والكتابة؟
ج- فيما يخص القراءة فإني اقرأ كل ما تقع عليه يداي باللغتين العربية والفرنسية، وبما توفره لي مكتبتي العامرة.. هذا مع المزاوجة بين القراءة الورقية والالكترونية وإشرافي على موقع أنطولوجيا السرد العربي وما يتيحه لي من قراءة الكثير مما يرسله العديد من الكتاب والأدباء والمفكرين العرب المحترمين.. زيادة على إشرافي على ما يفوق سبعين مجموعة فيسبوكية أرفدها بما يتيسر من الدراسات القيمة المختارة والنادرة والمنتقاة بعناية
س – تجربتك في الكتابة والكتابة الإبداعية: الشعرية والقصصية والروائية؟
ج – لا يمكن الحديث عن التجربة إلا بمراكمة العديد من الخبرات والمؤلفات.. وهذه صفة لا تنطبق علي، لأني أعتبر شخصي المتواضع مبتدئا أخوض مع الخائضين في محيط شاسع وعميق لا حدود ولا قرار له، وقارئا شغوفا بالمعرفة والإطلاع
س – ما هي في نظرك الأسباب التي تجعل الشباب يعزف عن القراءة؟
ج – نعتقد أن مسألة العزوف عن القراءة مسألة مركبة تبتدئ من المؤسسة التعليمية، ومن الأساتذة الذين يصدق عليهم قولة الصاحب بن عباد اشهيرة “بضاعتنا ردت إلينا”، حينما وصله كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه، ويقتصر مجهودهم على المقرر الدراسي وحفظه وتقيوئه في الامتحان.. ومسألة الغش والرشوة المقنعة التي أصبح يتبعها مدرسو الدروس الخصوصية وتوزيع النقط بسخاء لا نظير له في الفساد، كما أن أغلبية الناس يقطعون صلتهم بالكتاب والقراءة بعد توديع كراسي الدراسة.. وفي البيوت لا تكاد تجد بيتا واحدا به مكتبة منزلية، والمكتبات العمومية لا ودود لها لأنها تكلف الجماعة مصاريف إضافية.. وتحضرني قولة لناسك الشخروب ميخائيل نعيمة في حوار أجري معه عام 1963، ونشِر فى كتاب “أحاديث مع الصحافة”، 1989، ص152، (متى أصبحت المكتبة فى البيت ضرورة كالطاولة والسرير والكرسي والمطبخ؛ عندئذ يمكن القول بأننا أصبحنا قومًا متحضرين)..
كل الشكر والامتنان للدكتور سيدي عبدالواحد العلمي على لطفك وأريحيتك وحسن ثقتك بشخصي المتواضع