وجدت قوات الحرس الثوري نفسها في مأزق في مواجهة الانتفاضة الطلابية والشعبية
استمرت الانتفاضة التي بدأت في يونيو عام 2009 شهراً بعد شهر بصرخات مستمرة. وتابعنا نبذة من هذه الصرخات ووصلنا إلى شهر سبتمبر من العام الماضي, وهذا هو الشهر الذي تفتح فيه المدارس والجامعات والخطر يترصد الخامنئي وهو يهدد قائلا: إلى الجامعات.. عليكم أن تكونوا منتبهين وحذار لا تتأثروا بهذه القضايا الصغيرة والحقيرة!
وفي اليوم الأول لفتح الجامعات, تنهض جامعة طهران بصرخات “الموت للديكتاتور. “وتشتعل هذه الانتفاضة الكبيرة رغم التمهيدات القمعية المسبقة للديكتاتورية الحاكمة وتهديدات الخامنئي لتخويف الطلاب.
وكان الإيرانيون قد نهضوا قبل 31 عاما في يوم الرابع من نوفمبر عام 1978 للتحدي أمام ديكتاتورية الشاه. وفي ذاك اليوم كانت القوات القمعية للنظام السابق قد احبطت مظاهرات طلاب المدارس بالقهر وسفك الدماء. ولهذا اليوم في التأريخ الإيراني وخصوصاً الطلاب معنى خاصاً ويسمى ب¯”يوم طلبة المدارس”. والآن وفي انحاء إيران وفي ذكرى شهداء ذاك اليوم تنهض إيران مرة أخرى. والفرق الآن هو أن المظاهرات ليست في المدارس فقط بل في جميع انحاء إيران. واصبح هذا اليوم يوما خاصا من أيام الانتفاضة الشعبية العارمة. والشوارع المركزية بطهران وفي كثير من المدن تشهد مظاهرات عارمة بشعار الموت للولي الفقيه. المواطنون في طهران يسيطرون على شوارع كثيرة وتضطر القوات القمعية للانسحاب أمام المواطنين المنتفضين. ويبلغ عدد المتظاهرين الذين يزداد عددهم في كل لحظة في شارع صغير يسمى ب¯ “خردمند” فقط بعشرة آلاف. وينهال عملاء ومرتزقة النظام بالضرب على وجوه ورؤوس المواطنين بالهراوات ولكن المواطنين وبوجوه ملطخة بالدماء يعيدون صرخات الموت للديكتاتور صامدين أمام العملاء. والشعارات تدعم الانتفاضة وتثير حماستها وتشعل قلوب المنتفضين بالغضب وتستهدف الشعارات جذور وأساس النظام. الشعارات التي تسمع للمرة الأولى في هذا اليوم: خامنئي قاتل وحكمه باطل والموت لمبدأ ولاية الفقيه و”الاغتصاب والجريمة والموت لهذه الولاية” يعنون ولاية الفقيه. ويفتح المواطنون ابواب منازلهم لإيواء المواطنين الذين يتعرضون الى هجوم وبطش من قبل عملاء النظام.
الموعد الآخر هو يوم انتفاضة السابع من ديسمبر يوم طلاب الجامعات حيث كسر الطلاب الطوق الذي كانت الولاية السوداء قد ضربته على الجامعة منذ ثلاثين عاما عندما نزعوا بوابة الجامعة وتدفقوا إلى الشوارع مثل حمم البركان وهكذا اندلع الحريق من شرارات السابع من ديسمبر ليلتهم الرداء المهترئ لنظام الحكم الرجعي القائم في إيران. وها هو الصوت البليغ للشعب الإيراني والذي وصل إلى أسماع العالم: “يكاد يسقط مبدأ ولاية الفقيه”, إنهم أحرقوا صور الخميني والخامنئي وأحمدي نجاد المشؤومة و داسوها وألقوها إلى صناديق النفايات هاتفين: “يا أخي الكنّاس، اكنس محمود بالمكناس”. وقد تم تلخيص سجل ومصير نظام ولاية الفقيه من وجهة نظر الشعب الإيراني بأحسن وجه في هذا الشعار: الاغتصاب والجريمة, الموت لهذه الولاية. كان هذا منعطفا في تاريخ الانتفاضة خلال الأشهر الستة الماضية ينم عن تجذر الثورة الديمقراطية وقفزتها وزحفها نحو التطور إلى جيش كبير لتحرير الشعب الإيراني وهو الطريق الذي سلكته وعبدته المقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق المقيمين في أشرف منذ 28 عاما واليوم أصبحت آفاقه مشرقة جدا في شعار: ليعلم الديكتاتور أن سقوطه قريب.
إن سبب انتصار الانتفاضة النوعية والعارمة في يوم السابع من ديسمبر عام 2009 كان يكمن بالذات في هذا الصمود والصلابة والوقوف والعراقة في أسس الانتفاضة التحررية. وتبعث الثورة روح الحياة والقوة في أواصر المحبة والعواطف الإنسانية بين أبناء البشر وتجعل القلوب والعلاقات الاجتماعية بين المواطنين طيبة ونزيهة وشفافة ورحيمة وتزيد من التسامح ورحابة الصدر في العلاقات والروابط لتجعلنا كجسد واحد في السراء والضراء ونتقاسم الأفراح والأتراح كما يقول الشاعر الإيراني سعدي الشيرازي:
“أبناء آدم أعضاء يوحدها
من خلق طينتهم جسم بجوهره
إن أفسد السقم عضوا من هياكلهم
حنت جوارح أخرى من محاجره”
ووجدت قوات “الحرس” ومخابرات الملالي نفسها في مأزق وإحراج إلى حد أنها وخلافا لدعاياتها المألوفة بأنه تم القضاء على “مجاهدي خلق” تكشف كل يوم رؤوس خيوط جديدة من علاقة انتفاضة الطلاب وقادة الحركة الطلابية ب¯ “مجاهدي خلق”.
و تتزامن أيام شهر محرم مع الايام الأخيرة لعام 2009 وان مراسم العزاء في هذا الشهر فرصة سينتهزها المواطنون لاستمرار الانتفاضة ولكن رحيل آية الله منتظري يعطي امكانيات أكثر للمواطنين للتعبير عن سخطهم واحتجاجاتهم ضد نظام الحكم. وكان منتظري قد أصدر فتوى في 10 يوليو 2009 تقضي بعزل الخامنئي من منصبه ك¯ الولي الفقيه “معتبرا أن ولايته ساقطة بالضرورة وتلقائيا” بسبب افتقارها للعدالة والأمانة وصوت غالبية أبناء الشعب, ووصف حكم الخامنئي بأنه “جائر” وولايته بأنها “جائرة” . وتحولت مراسم تشييع جثمانه إلى انتفاضة أخرى ضد الولي الفقيه واجهزته القمعية, وهذه كلها مقدمة لانتفاضة عارمة أخرى في الطريق, انتفاضة عاشوراء!.
وتحتاج انتفاضة عاشوراء إلى دراسة تفصيلية وسنتطرق اليها في مناسبة أخرى باذن الله. وهنا نكتفي بالقول بأن سلطات النظام الحاكم اعلنت لاحقا أنه وفي هذا اليوم أي قبل نهاية العام 2009 بيومين كانت هناك خمس مناطق من طهران تحت سيطرة المنتفضين واذا ما ترابطت المناطق الخمس المذكورة ببعضها بعضاً لسقطت طهران. وكان نظام محمدرضا بهلوي قد سقط قبل 31 عاما فور سقوط طهران. وللحديث صلة.
* خبير ستراتيجي إيراني
m.eghbal2003@gmail.com
استمرت الانتفاضة التي بدأت في يونيو عام 2009 شهراً بعد شهر بصرخات مستمرة. وتابعنا نبذة من هذه الصرخات ووصلنا إلى شهر سبتمبر من العام الماضي, وهذا هو الشهر الذي تفتح فيه المدارس والجامعات والخطر يترصد الخامنئي وهو يهدد قائلا: إلى الجامعات.. عليكم أن تكونوا منتبهين وحذار لا تتأثروا بهذه القضايا الصغيرة والحقيرة!
وفي اليوم الأول لفتح الجامعات, تنهض جامعة طهران بصرخات “الموت للديكتاتور. “وتشتعل هذه الانتفاضة الكبيرة رغم التمهيدات القمعية المسبقة للديكتاتورية الحاكمة وتهديدات الخامنئي لتخويف الطلاب.
وكان الإيرانيون قد نهضوا قبل 31 عاما في يوم الرابع من نوفمبر عام 1978 للتحدي أمام ديكتاتورية الشاه. وفي ذاك اليوم كانت القوات القمعية للنظام السابق قد احبطت مظاهرات طلاب المدارس بالقهر وسفك الدماء. ولهذا اليوم في التأريخ الإيراني وخصوصاً الطلاب معنى خاصاً ويسمى ب¯”يوم طلبة المدارس”. والآن وفي انحاء إيران وفي ذكرى شهداء ذاك اليوم تنهض إيران مرة أخرى. والفرق الآن هو أن المظاهرات ليست في المدارس فقط بل في جميع انحاء إيران. واصبح هذا اليوم يوما خاصا من أيام الانتفاضة الشعبية العارمة. والشوارع المركزية بطهران وفي كثير من المدن تشهد مظاهرات عارمة بشعار الموت للولي الفقيه. المواطنون في طهران يسيطرون على شوارع كثيرة وتضطر القوات القمعية للانسحاب أمام المواطنين المنتفضين. ويبلغ عدد المتظاهرين الذين يزداد عددهم في كل لحظة في شارع صغير يسمى ب¯ “خردمند” فقط بعشرة آلاف. وينهال عملاء ومرتزقة النظام بالضرب على وجوه ورؤوس المواطنين بالهراوات ولكن المواطنين وبوجوه ملطخة بالدماء يعيدون صرخات الموت للديكتاتور صامدين أمام العملاء. والشعارات تدعم الانتفاضة وتثير حماستها وتشعل قلوب المنتفضين بالغضب وتستهدف الشعارات جذور وأساس النظام. الشعارات التي تسمع للمرة الأولى في هذا اليوم: خامنئي قاتل وحكمه باطل والموت لمبدأ ولاية الفقيه و”الاغتصاب والجريمة والموت لهذه الولاية” يعنون ولاية الفقيه. ويفتح المواطنون ابواب منازلهم لإيواء المواطنين الذين يتعرضون الى هجوم وبطش من قبل عملاء النظام.
الموعد الآخر هو يوم انتفاضة السابع من ديسمبر يوم طلاب الجامعات حيث كسر الطلاب الطوق الذي كانت الولاية السوداء قد ضربته على الجامعة منذ ثلاثين عاما عندما نزعوا بوابة الجامعة وتدفقوا إلى الشوارع مثل حمم البركان وهكذا اندلع الحريق من شرارات السابع من ديسمبر ليلتهم الرداء المهترئ لنظام الحكم الرجعي القائم في إيران. وها هو الصوت البليغ للشعب الإيراني والذي وصل إلى أسماع العالم: “يكاد يسقط مبدأ ولاية الفقيه”, إنهم أحرقوا صور الخميني والخامنئي وأحمدي نجاد المشؤومة و داسوها وألقوها إلى صناديق النفايات هاتفين: “يا أخي الكنّاس، اكنس محمود بالمكناس”. وقد تم تلخيص سجل ومصير نظام ولاية الفقيه من وجهة نظر الشعب الإيراني بأحسن وجه في هذا الشعار: الاغتصاب والجريمة, الموت لهذه الولاية. كان هذا منعطفا في تاريخ الانتفاضة خلال الأشهر الستة الماضية ينم عن تجذر الثورة الديمقراطية وقفزتها وزحفها نحو التطور إلى جيش كبير لتحرير الشعب الإيراني وهو الطريق الذي سلكته وعبدته المقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق المقيمين في أشرف منذ 28 عاما واليوم أصبحت آفاقه مشرقة جدا في شعار: ليعلم الديكتاتور أن سقوطه قريب.
إن سبب انتصار الانتفاضة النوعية والعارمة في يوم السابع من ديسمبر عام 2009 كان يكمن بالذات في هذا الصمود والصلابة والوقوف والعراقة في أسس الانتفاضة التحررية. وتبعث الثورة روح الحياة والقوة في أواصر المحبة والعواطف الإنسانية بين أبناء البشر وتجعل القلوب والعلاقات الاجتماعية بين المواطنين طيبة ونزيهة وشفافة ورحيمة وتزيد من التسامح ورحابة الصدر في العلاقات والروابط لتجعلنا كجسد واحد في السراء والضراء ونتقاسم الأفراح والأتراح كما يقول الشاعر الإيراني سعدي الشيرازي:
“أبناء آدم أعضاء يوحدها
من خلق طينتهم جسم بجوهره
إن أفسد السقم عضوا من هياكلهم
حنت جوارح أخرى من محاجره”
ووجدت قوات “الحرس” ومخابرات الملالي نفسها في مأزق وإحراج إلى حد أنها وخلافا لدعاياتها المألوفة بأنه تم القضاء على “مجاهدي خلق” تكشف كل يوم رؤوس خيوط جديدة من علاقة انتفاضة الطلاب وقادة الحركة الطلابية ب¯ “مجاهدي خلق”.
و تتزامن أيام شهر محرم مع الايام الأخيرة لعام 2009 وان مراسم العزاء في هذا الشهر فرصة سينتهزها المواطنون لاستمرار الانتفاضة ولكن رحيل آية الله منتظري يعطي امكانيات أكثر للمواطنين للتعبير عن سخطهم واحتجاجاتهم ضد نظام الحكم. وكان منتظري قد أصدر فتوى في 10 يوليو 2009 تقضي بعزل الخامنئي من منصبه ك¯ الولي الفقيه “معتبرا أن ولايته ساقطة بالضرورة وتلقائيا” بسبب افتقارها للعدالة والأمانة وصوت غالبية أبناء الشعب, ووصف حكم الخامنئي بأنه “جائر” وولايته بأنها “جائرة” . وتحولت مراسم تشييع جثمانه إلى انتفاضة أخرى ضد الولي الفقيه واجهزته القمعية, وهذه كلها مقدمة لانتفاضة عارمة أخرى في الطريق, انتفاضة عاشوراء!.
وتحتاج انتفاضة عاشوراء إلى دراسة تفصيلية وسنتطرق اليها في مناسبة أخرى باذن الله. وهنا نكتفي بالقول بأن سلطات النظام الحاكم اعلنت لاحقا أنه وفي هذا اليوم أي قبل نهاية العام 2009 بيومين كانت هناك خمس مناطق من طهران تحت سيطرة المنتفضين واذا ما ترابطت المناطق الخمس المذكورة ببعضها بعضاً لسقطت طهران. وكان نظام محمدرضا بهلوي قد سقط قبل 31 عاما فور سقوط طهران. وللحديث صلة.
* خبير ستراتيجي إيراني
m.eghbal2003@gmail.com