* وآلآن أحب أن اعترف ..أنه ليس في العالم من تأثرت به
وتربيت عليه مثل كارل ماركس،وانما كنت أتفادى ذكر
أسمه خشية ألأتهام بالشيوعية
– سلامة موسى –
*مهمة الكاتب أن يملأ صدر القارىء بأهتمامات وهموم جديدة،
هموم بشرية، تزيد على همومه الشخصية،كما يملأه بمسرات الحياة ،بأن يكشف له عن ألوان من الجمال والشرف والحق والفنون،لم يكن يعرفها من قبل في الطبيعة وألأنسان والفن
– سلامة موسى-
-1-
في 4آب 1958،اوقد المربي الكبير المفكر المصري(سلامة موسى) شمعته ألأولى،في الشاطىء الثاني.بعد ان اورث محبيه عمقا معرفيا لايبلى.وحصريا أورثه لكل من يسعى الى المستقبل،بدراجة هوائية أطاريها :العلم وألأشتراكية.واللافت للنظر ان الشبيبة العراقية
في سبعينات القرن الماضي، كانت تتدفق نحو كتبه لتستضىءبها، وتحاورها،وتجعلها ضمن كتب التثقيف الجماعي في تنظيماتها..والطريف ..ان كتب سلامة موسى ..كانت هديتنا ألأولى لحبيباتنا:(المرأة ليست لعبة الرجل)(البلاغة العربية)(الحياة بعد الخمسين)(حياتنا بعد الستين)(مقدمة عن ألأنسان السوبرمان)(هؤلاء علموني) (برنادشو).(تربية سلامة موسى).(ماهي النهضة)* (مختارات سلامة موسى )وهنا اتساءل ..اي قوة حضور لهذا المفكر الكبير،الذي يغادرنا عام 58..ويستمر في توعية الشبيبة العراقية حتى منتصف السبعينبات؟؟وها نحن آلآن نستعيده معرفيا
-2-
*(أكتشفنا فجأة عندما فقدنا سلامة موسى،أننا لم
نقدر فيه المفكر كما ينبغي،وأننا لم نتعلم منه بالشكل
الكافي،وأننا لم نحبه كما كان يحب ان نصنع)
*عبد الرحمن الشرقاوي
آلآن حين اعود لأطروحات سلامة موسى،علي كقارىء ان اتعامل معها بمنظور التحقيب، أي ضمن حقبتها،فقد اسهم سلامة موسى، بتثبيت المصابيح،في أشجارنا،وجعل الطريق لنا سالكة..دربنا على قوة ألأمل من خلال كل كتاباته، وليس فقط(الحياة بعد الخمسين)(وحياتنا في الستين).
-3-
*(أنه الرائد الذي لم يخش الملك فدافع عني
وأنا سجين)…عباس محمود العقاد
بعد ان ذر التشدد ألأصولي غباره،في مفترق الطرق..أستعادت معظم اطروحات سلامة موسى عافيتها من جديد،ويمكن غراسها في الذاكرة العذراء للأجيال المبرعمة..ولكن هل يمكن ان يكون ذلك والنت يمارسه غواياته المتعددة المواهب؟
-4-
*الصحفي ينقل ألينا الحوادث،فور وقوعها،ولكن ألأديب ،ينقلها الينا بعد ألأختمار والتدبر كما لو كان شخصا آخر غريبا، اي يكتب في وجدان وتعقل.
– سلامة موسى –
لم يؤطر جهده في مؤلفاته، الغزيرة،والتي كانت شاهد عدل على اخطر حقبة ضمن مرحلة التحرر الوطني..كان يستعجل المستقبل العربي في كل ،كتاباته ،وكان له الحضور الساطع في الصحافة المصرية.،من خلال رئاسة لصحف ومجلات مميزة، منها(المجلة الجديدة)كتب فيها في العقد الثالث،من القرن الماضي من سوف يصبحون ،علامة عالمية ،امثال نجيب محفوظ، وقد وظف محفوظ ذلك،في ثلاثيته،مع تغييرات أقتضاها السرد الروائي،في ثلاثينات القرن الماضي بذل سلامة موسى جهودا أستثنائية لبث الوعي الأشتراكي ،من خلال (ألأتصال بعشرات الشبان والمجموعات وغير المباشر بما كتبه من مئات المقالات وعشرات الكتب مستهدفا اقناع قرائه وأصدقائه بفساد النظام القائم لضرورة اصلاحه وتطويره)*
-5-
*قرأت أعمال سلامة موسى،وتأثرت بها ،كما تأثر بها،أبناء جيلي ولايزال يتأثر بها أبناء وبنات ألأجيال التالية.
– توفيق حنا –
هل كان سلامة موسى فابيا بطبعة منقحة ؟ ام نسخة طبق ألأصل ل (برنادشو)؟
في عام 1910،ينشر سلامة موسى كتيبا بعنوان(مقدمة السوبرمان)، شخصيا قرأت هذا الكتيب في منتصف السبعينات،كنت يومها قد قرأت معظم مؤلفات سلامة موسى خصوصا وهي متوفرة في مكتبة بيتنا،ولم يكن(مقدمة السوبرمان)من ضمنها، في الحقيقة صدمتني اطروحات المفكر الكبير، وارادت ان تحدث عندي ردة فكرية،فهو في
الكتيب،مصابا بأستعلاء عنصري،نيتشوي النزعة،نسبة الى الفيلسوف ألألماني(فريدريك نيتشة)،ولايخلو من وصايا،لاتليق بمفكر مثل انساني مثل سلامة موسى،..ولولا توضيحات شقيقي ألأكبر /المناضل اليساري(محمد مسعود)،طيب الله ثراه،لتخليت عن فكر سلامة موسى،فقد اوضح لي شقيقي:هكذا هي البدايات،مع المثقفين ،وتلك كانت خطواته ألأولى..وله عذره في ذلك،وها انت قرأت معظم كتبه،وجذبتك الى فضاءات ألأنسانية الرحبة.
ثم أكتشفت من خلال تكرار قراءتي لمؤلفاته ،اكتشفت ان المتناقضات في اطروحاته،هي ليست من نتاجه،بل هي افرازات بنية أجتماعية متخلفة مستلبة مستعمرة، ولايمكن ان نحذف مؤثرات برنادشو،عنه وقد مكث سلامة موسى اربع سنوات في بريطانيا،واصبح عضوا فاعلا في الجمعية الفابية،..لكن من ينكر مؤثرات:غاندي،أبسن،نيتشة،ابن خلدون، كروبتكين،ماركس..،باكونين
اذن يمكن أعتبار ألأنتماء الى الفابية،هو ماكان يلائم حيز الحرية المتاح في تلك الحقبة،حيث كانت مصر مستعمرة بريطانية. وحسب قوله شخصيا
(ولو كنت قد وجدت الحرية أيام الحكومات الملوكية السابقة لألفت كتابا عن ألأشتراكية بما كان يوجه ويرشد)*
-6-
*وبالرغم من كل شىء، لعب دورا كبيرا في أرساء
قواعد الفكر ألأشتراكي،ففي عديد من المقالات ،رفع سلامة موسى لواء ألأشتراكية،مستخدما حديثه العذب وسعة أطلاعه..وطريقة برناردشو في العرض….
الدكتور رفعت السعيد –
في عام 1913،يصدر سلامة موسى كراسة بعنوان(ألأشتراكية)، ويكون للكراسة دويها في المجتمع المصري..
هل كان ايمانه فابيا بالنسبة للأشتراكية؟ اي سيكون انتصار ألأشتراكية بالتدرج، وبحسب قوله شخصيا
(ألأشتراكية هي التدرج بالطرق البرلمانية )*
وحين تشتد الحملات ضد الفكر التقدمي في ثلاثينات القرن الماضي،يكتفي سلامة موسى
بتفعيل المثلث التالي:العلم/التعليم/تحرير المرأة .
في العقد الثالث من القرن المنصرم،انضوت مجموعات،تحت مظلة سلامة موسى،امثال(جمعية المصري للمصري)(جمعية الشبان المسيحية)،مكونين ورشات فكرية،وربما تنظيمية ،سرعان ما انسخلت عن تلك المظلة،وانظموا الى المنظمات الماركسية،والغريب –على حد قول رفعت السعيد:ان سلامة موسى لم يكن يعارض هذه الخطوة من جانب تلاميذه،بل انه لم يخف أرتياحه
عن المنظمات الشيوعية، التي نشأت في ألأربعينات
-7-
شخصيا ..كقارىء أنا مدين للمفكر الكبير (سلامة موسى) بالكثير ..وحده من :
*فتح شهيتي على تنويعات القراءات، وعدم التخصص بنوع واحد من المعرفة ألأنسانية. .
*نحن لانقرأ بل ..ندرس ..
تعلمت من هذا العنوان،الذي تعود براءة اختراعه لسلامة موسى بدايات ألأجراء القرائي،فتحولت من قارىء الى دارس نصوص.وما أزال..
*آلآن وبعد تعمق وعيي السياسي ..وبعد أحباطات حركات التحررالعربية،وجدت ان ألأصلاح التدريجي،يهذب السلوك البشري،ويخلصه من فزع الطفرة التي تأتي بها الأنقلابات العربية المقبلة علينا من ثكنات العسكر،والتي تجعلنا نترحم على الفترة السابقة ،حين نقارن بين أستبدادها واستبداد اللحظة
الراهنة.
*ارى في المفكر سلامة موسى ،مربيا كبيرا،دربني على ألأمل،في اضيق زنزانات حياتي،وفي اضيق ازقة التشرد،كانت حروفه..هديلا في روحي،ومع هديلها تتفتح لي نوافذ واسعة .
*لم ينل المفكر الكبير سلامة موسى ،أي دعم حكومي، لافي زمن الملكية، ولا في زمن العسكر،وهو يشعر بهذا ألأهمال المتعمد من قبل ضباط يوليو،الذين اول اجراء قاموا به هي حملة التطهيروألأعتقالات لليسار المصري في مارس 1954،وستلحقها الضربة الشرسة الثانية مع بدايات 1959،في عام 1957،وهما عائدان من دعوة رسمية ،يخاطب سلامة موسى ،المؤلف المسرحي
نعمان عاشور،الذي سيلاقي ألأهوال بسبب يساريته
ومسرحيته(سيما أونطى)،يقول سلامة موسى لعاشور وهما يتمشيان:
*أسمع يبني أنا لست ضد الثورة، وأحبذ منجزاتها..ولكن صناعتي هي الحرية..هي مطلبنا الوحيد على الدوام من اجل هذا الشعب القوي المجيد
* هذا هو سلامة موسى ، ينظر بعين الموضوعية لمنجزات يوليو،ويخشى ان تقمع الحريات بأسم المنجزات كما سيحدث حقا بعد رحيل المفكر سلامة موسى…
*المراجع
*الدكتور رفعت السعيد/تأريخ الحركة ألأشتراكية في مصر/ط1/دار الفارابي/1970
*مجلة أدب ونقد/يونيو/2010