بعد اليوم لم يعد له ايّ لقاء مع أخيه سالم الذي كان مثار الجدل طوال الأشهر الماضية،جدل حول عمره القصير .كانت لحظة إعادة الصورة بمثابة الختم النهائي لحياته صفعة على ظهر قميصه الأخضر بسروال رياضيّ من يد قاسية مع إطلاقتين نزلتا معه النهر ،طلقتان قد وثقّتا ضحكاته ونهارات اللعب بالكرة ورغبته ان يصبح زوجاً تقام له الافراح.كم هو قاس ذلك النهر ؟وهو يتقّبل الاجساد تختلط فيه الألوان عند الضحى.!
وفي الغرفة التي يسكنها مع سالم المغدور من جريمة سبايكر كثيراً ما كان يمّرعليه ظِلُّ احد ابويه،وهو واقف ينظر إلى الغرفة التي أصبحت له من رحيل اخيه واحدهما يرنو اليه، كانت الأيام تجبره أن يتفقّد كلٌ شيء متعلق باخيه ملابسه ،ادواته وأنواع الساعات وثمة مسبحات ملوّنة واخيراً الحقيبة المتروكة فوق المنضدة هي الثانية بعدما جهّز نفسه من الحقيبة الأولى ولم تعد من رحلة قصيرة .!
تذكّر كلمات أخيه سالم خذ الحقيبة الثانية لك ..لا تتافف من حملها فهي ليست ثقيلة ،وانت ماذا تقول عن حقيبتك كان يتذكر آخر جواب له،ها..هي معي وجميل أن يخزن الإنسان ذكرياته في جهاز النقال الذي كثيراً ما يؤنسني ويقضي على وقت فراغي لكنني لا ابخل عليك من تصوير كلّ ما يتعلّق بسفرتي ،ولا اظنٌ انٌها الأخيرة هنالك في قاعدة سبايكر يكثر الصخب بيننا وتدفع السأم عنّا كلمات تخترق آذاننا من التحّية إلى آخر ضحكة . هو جهاز النقال الذي علّمنا أن نختصر كل شيء . ومع كل بوق يجد الذكور ضالتهم حين يستانسونَ بالبنادق،والحقائب وينسونَ الخوف ،او يكاد الخوف يسحبهم إلى منطقة الهدوء بعد العاصفة! فقد وجد احمد من كلام اخيه ما يعزز رجولته قال وهو يمسك بالحقيبة:ساحملكِ طوال الطريق..ساحافظ عليكِ من الضياع تذكّر حقائب النساء الملّونة يسرعنَ لحملها فيها من عبق الإنوثة ،ولكنّ الذكور حقائبهم فيها الملابس وهي تشبه لون الحرب فيها رائحة كريهة تحتفظ بها.هي حقائب للحرب وليست للحبّ!
كان النداءالذي اعقب الصلاة في يوم الجمعة من حزيرانَ قد تداخل معظمه إلى مسمعه،وما عليه الإّ أن يلغي الحبّ ويهيىء نفسه للحرب بخيط من القسوة والخوف ،ويتحمٌل الخذلان والهزيمة للحبّ.!
هيّأ نفسه إلى غرب البلاد الملتهبة والحقيبة لا تفارقه اينما نزل .مرّ بخاطره يوم اسلم اخيه سالم النفس عند نهر دجلة من إطلاقتينٍ جمعتا الحقد والكراهيّة.!
وفي اليوم التالي كتب في رسائل النقال حتماً ساواجه إوغاد العصررلكنني احنّ إلى غرب البلاد ..يغلق جهاز النقال من نداءات التوجه على وجه السرعة.لم تعدالحركات الخفيفة مجزية للحرب ولابدّ من ضربة موجعة نداءات كان يسمعها كل يوم حافظوا على إنسانيتكم مع كلٌ صولة حتى تتنفّسوا بطلاقة ، ومن الرسائل(إضافة) كان احمد في اليوم الثالث يجوب مدينته عاد لوحده دون حقيبته التي رافقته فقدها في آخر نقطة إشتباك كانت تحتفظ بجهازه،اعاد من ذاكرته ما كتبه من رسالة قصيرة عنوان ما مضى وما سيأتي…شيء مربع .! عاد ليجرٌب الحب من مدينته ،فقد يكون الشرط الاوّل من حياته ليقضي على شحنات الخوف والهزيمة والخذلان فيما مضى .كان اخي يؤجّل الحبّ بالرغم من رغبته الشديدة ،امّا أنا فاجد خريطة الحبّ قد إتسعت رقعتها ،وهو أوّل ما أرغب به قالها وهو يدخل الغرفة التي صمّم أن يجعلها للحبّ اولاً …(إضافة)ومن الرسائل التي تركها في الجهاز ….الخطوط في غرب البلاد مالها كثيرة التعرّج؟ الخطوط اخاديد للموت القهريّ…لا لم اعد احنُ إلى غرب البلاد.!