كلما نظرت في المرآة يحزنني ما بلغته من شعر أبيض وحتى الآن أنا مجرد مدرس للتاريخ موقوف عن العمل.
أفكر في جوع الآلهه وتعطشها للدماء، أرتبك كثيرا
فيطمئن قلبي إذا ما نظرت للقمر، يحدثني رب الموتى أن أزوره في صحراء أبيدوس قائلا: نحن على العهد يا حابي.
تسرقني ذهبية آشعة الشمس فوق معبد آتون، أشعر بتعليماته أنفذها حتى ترضى السماء.
أجلس على مقهى في حي شعبي، أتذكر حينما أفاقتني رائحة غريبة لأفتح عيناي على أذن طويلة، عينين جاحظتين لوجه حيواني وجسد يشبه أجساد البشر.
السقف مرسوم عليه لوحة فنية تجسد أحد المشاهد التي تخيلها الإيطالي دانتي بالجحيم.
يقف أمامي رجل غاضب يبدو من ملابسه أنه ضابط شرطة، مكتوب على البدلة سرجون، يقول: سألت نفسك أمس عن نشأة الكون، أليس كذلك؟
قلت: نعم
أحد الآلهه: لقد شققت الطاقة الكونية المقدسة نصفين ليصعد أحدهما الأرقى للسماء ويهبط الآخر الدوني للأرض، مزجت بين تكوينات كلا من الإنسان والطبيبة ننخرساج التي هبطت من الفضاء، فارتقى جسدك إلى أفضل حال.
لقد هبطت إلى هنا منذ آلاف السنين وقتها كنت أنت وباقي البشر في الكهوف، كان معي صحيفة من حجر أتيت بها من مركز الكون خصيصا؛ أشرح بها للبشر كتاب التكوين.
الآن هل هدأ بالك يا حابي؟
أنا:بالطبع لا؛ فلست أحمقا لأصدق تراهات.
فجأة ساد المكان صمت مخيف، انقسم الحضور فريق جهة اليمن وآخر جهة اليسار لتظهر الملكة على العرش:”أنا سأقطع لك الشك باليقين، اقرأ تلك الشفرات واغمض عينيك”.
قرأتها واغمضت عيني، لأفتحها على رؤوس كهنة البيداء معلقة على جدران المعبد.
إنه معبد دلفى، وها هو أنوبيس هبط على الأرض مع اكتمال القمر.
أنوبيس: تلك ورقة شفرة جئت بها من زمن سحيق، وذاك المعبد يناجيك بإعادة العرش المسروق.
قلت له: لماذا سرق؟
سرحت قليلا لأتذكر معلمي سرجون الذي خطف من العراق؛ لتسيل دماؤه على رمال الصحراء بخنجر بدوي، دماؤه التي كتب بها إسطورة بدين جديد.
أنوبيس: انظر هناك! إنها بداية الخيط، ثم اختفى مع دقات جرس الموتى.
قرأت على الجدران حيث أشار: “اعرف نفسك بنفسك”.
فتحت ورقة الشفرة لأقرأ: تقف على أرض الحكماء الأصليين، نيلك ممتد من كيميت وحتى اليونان، صوفيا التي خطفت من هنا تأمرك بفضح سر معلمك المقتول، أمامك رحلة إلى(أ. ف) لتخرج لك آلة السفر عبر الزمن من الرمال السوداء، عندها ستحل لغز الماضي وتصنع المستقبل، على أن يكون الخيط الثاني في جيبك.
وضعت يدي في جيبي لأجد قرص ذهبي لامع.
تذكرت حينما كنت أسير في صحراء عدن أفكر في تناقض رواية المجلد الأول عن أب الآلهه وحقيقة الواقع الذي رأيته بعيني وهي الإلهه الملكة.
قلت: هل سرق الذكر العرش من الأنثى؟
هنا بدأت الخيوط تتجمع أكثر فأكثر.
توجهت إلى أرض الفردوس، حاولت إزاحة الرمال التي تغطي الغطاء الذهبي، وفجأة عاصفة
ترابية، السماء تمطر، أصوات الرعد تقبض قلبي، حاولت أن أتمالك أعصابي، وبالفعل انفتح الغطاء، فأخرجت من جيبي القرص الذهبي الذي طار
بعيدا بفعل الرياح.
جريت يمينا ويسارا محاولا إيجاد القرص الذي اختفى تماما.
صعدت من بين الرمال الآلة التي حير سرها ملوك سومر.
سمعت صوتا خافتا يقول: سر التعويذة بالداخل.
فتح لي باب دائري أزرق، دخلت لأجد رسالة على الأرض باهتة الأحبار، قرأت: الأمل أمامك يناديك أسفل(ه. أ. خ)يوجد الجزء الأعظم من(ق. ذ)
في مكان منحدر ناحية الشمال هو(أ. ك)، الخيط الثاني يلتف حولك ولن تقدر على أن تمسك به إلا عند(م. م. س. ح)الذي شيده(سنموت)،وسيخفق قلبك كثيرا عندما تجد(ع. خ. ع)الذي يزين إصبع من تكحلت عيونها ولبست الرداء الأبيض على الجسد الأسمر، ولتفز بكتاب بين صفحاته مفتاح الحياة، على أن تكون سماؤك من ترشدك لرمز يعبر عن تاريخ أرض تم احتلالها من سكان(أ. ح) التي تعبد الإلهه اللات، فإنها تأمرك بالركوع لها، تأخد الجزء الذهبي ستجده معلقا في رقبة الليث بجوار الملكة التي ترفع يدها اليمنى، وستسافر على جمل إلى(أورسالم) ليهبط عليك طير فيحضر لك عبدي المطيع يعطيك صحيفة بها سر تحفظه وإلا لعنتك العباد في كل البلاد، إذا أطعتني فورا ستجد ما تتمناه أسفل قدميك في اليونان.
أما الطلب الثاني أن تفضح سر موسى والفرعون لترضى عنك آلهة سومر.
قبل أن أسافر بالآلة أخذت أفكر في الطلب الثاني؛ سألت نفسي: أخانتي الذاكرة حينما أخبرتني بمقتل معلمي سرجون أم أن لجنة إعادة كتابة التاريخ كان لها رأي آخر؟
وبعد أن أغلقت كتاب الأساطير نهضت من على مقهى الشعراء لألحق بموعد مع الطبيب النفسي.