قال القط مومو :
صباح الخير يا ميمي . تعالي اجلسي بقربي . كم أنت وديعة وجميلة .
جرّت ميمي ذيلها ، وتمسّحت بجسده . في البداية ماءت فرحة ، وجلست بجانبه .
ثم أشاحت بوجهها لتعبر على أنها ضجرة ، كما تفعل امرأة عندما تريد أن تطلب شيئا ، تعرف أنه ليس في متناول زوجها ، ولا بد أن يبذل مجهودا استثنائيا لتحقيقه ، وإلا امتد الخصام إلى الفراش .
ـ ما بك يا ميمي ؟ يبدو أنك لست على ما يرام !
أجابت بصوت حزين :
ـ أنا قلقة ، أشعر بالضجر!
قال مومو باستغراب :
ـ ما عاش من يقلق راحتك ، أو يتسبب في حزنك !
علقت ميمي بحسرة :
ـ سمعت صاحب البيت يقول لبعض أصدقائه بأنه يستطيع أن يدخلنا إلى البرلمان مثل باقي الناس . أحسست كأني في حلم جميل لكن عندما استيقظت ذاب وتلاشى مثل الضباب الذي تطرده أشعة الشمس القوية .
قلت مع نفسي لماذا لا يخصص لنا البشر نحن معشر القطط قانونا يسمح لنا بدخول البرلمان والحكومة مثلهم ؟
أجاب مومو مندهشا :
ـ والله فكرة جميلة يا ميمي لن تخطر على بال إنس أو جن .
وأضاف بأنه قبل ذلك :
ـ لابد أن ننتظم في أحزاب ونقابات ، ونبدأ في التمرس على الديمقراطية ، فالطريق أمامنا طويل وشاق .
رفضت ميمي بلباقة وقالت :
ـ لا ، لا ، لا ! سيأخذ ذلك وقتا طويلا ، تفنى أجيال ، ولا نصل إلى المبتغى . نحن نعيش معهم داخل نفس المنازل والأسر ونعرف عنهم ما لا يعرفونه عن أنفسهم . لماذا لا نضغط عليهم ليخلقوا لنا قطاعا في الحزب والنقابة يهتم بشؤوننا . نحن أيضا نحتاج إلى تنظيم لمناقشة مشاكلنا والبحث لها عن حلول .
قال متعجبا :
ـ اقتراح رائع . أنت تفكرين يا ميمي أحسن من بعض البشر . سنقترح عليهم في الأحزاب والنقابات أن يتقدموا بمشروع قانون في الانتخابات المقبلة ينظم للقطط حصة من المقاعد ، ولوائح خاصة ، وسندخل معهم إلى البرلمان ، ولن نبقى وحيدين مع الخدم في البيوت عاطلين عن العمل .
تعرفين لو تحقق هذا الحلم يا ميمي سنقود قطط العالم ، ونخوض معركة الديمقراطية في بلدان أخرى ، وسنطالب الأمم المتحدة أن تخصص لنا هيأة تعنى بشؤوننا ، وسننتخبك على رأسها . وسنجعل من بلدنا مضربا للأمثال ، ومفخرة لكل الأمم والشعوب .
تبتسم ميمي وتضيف :
ـ لو تحقق ما تقول ، سيحظى صاحب البيت وملهم الفكرة بمكانة لم يحظ بها بشر في العالم من قبل . سنكرمه ونبني له تمثالا في كل بلدان العالم ، وسنطالب الأمم المتحدة نفسها أن تبني له واحدا .
بدأ مومو وميمي يحلمان . رأيا نفسهما يذهبان مع الأسرة إلى البرلمان ، وأصبحا يتقاضيان أجرا وتعويضات في نهاية الشهر بالملايين ، ويقدمان دعما منتظما للحزب والنقابة . يرتديان ملابس فاخرة ، ويتناولان الغذاء والعشاء في أرقى المطاعم بالبطاقة التي خصصها لهما البرلمان . لا يضيعان وقتهما في النوم ، أو التغيب عن الجلسات مثل الكثير من البشر . كل منهما يترأس لجنة . يدرسان ويقترحان القوانين ، ويسافران إلى بلدان ما وراء البحار، ويؤطران تجمعات مع القطط . يرافعان عن حق القطط في تنظيم نفسها ، ويضعان الخطط والاستراتيجيات للنضال من أجل توسيع ديمقراطية تشمل كل قطط العالم .
قال مومو بحماس :
لا بد يا ميمي أن نرد الاعتبار لحياة القطط . سندافع عن حقها في زيارة البيطري مرة في الشهر ، والاستحمام ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع . لا بد من تحسين الغذاء، واحتساء أجود أنواع الخمور، وتخصيص فراش أو سرير للنوم في المكان الذي نختاره ونرتاح فيه . سنطالب بتحسين ظروف حياة القطط التي تنام في الشوارع ، وإيجاد سكن لائق تعيش فيه مع أبنائها ، وأجر كافي لتأمين حاجياتها من الطعام وأداء فاتورة الماء والكهرباء والهاتف والانترنيت ، وباقي متطلبات الحياة الكريمة .
علقت ميمي وهي تنظر حولها :
ـ لا تنس يا مومو اقتراح مشروع قانون للحد من تحرش الذكور، وتنظيم قانون للزواج وآخر للحد من النسل . نحن أيضا نحلم أن نقيم الأفراح والأعراس ، وندعو الضيوف من الأحباب والأصدقاء . نغني ونرقص في هذه الليلة المقدسة التي لا تحدث إلا مرة واحدة في العمر .
اقترحت ميمي على مومو أن يوجها أيضا رسالة إلى بعض الصحف العالمية التي سخرت من رغبتهما في الدخول إلى البرلمان ، وفضحها أمام المنابر الدولية وعند جمعيات الدفاع عن حقوق الحيوان ، ورفع دعوى ضدها في هيأة الأمم المتحدة ، ودعوة كافة القطط في العالم إلى التضامن معهما .
ثم قال مومو محدثا نفسه :
كل شيء ممكن يا ميمي . لم يبق شيء في العالم يمكن أن يكون مستحيلا . من كان يصدق بأن يضع البشر قوانين تنظم زواج الرجل بالرجل ، والمرأة بالمرأة ! من كان يصدق بأن الرجال يمكن أن يحملوا أجنة في بطونهم ، ويلدون مثلما تفعل النساء ! فلماذا لا تدخل القطط إلى البرلمان ؟
مراكش 25 أكتوبر 2022
هي ” كليلة ودمنة ” المغربية المستوحاة من واقع هذا العصر الذي لم يعد فيه المستحيل، ومن حق مومو وميمي ان يحلما كما يريدان، بدءأ بتقديم دعوى قضائية ضد كل من يحمل هاذين الإسمين من البشر وكم أصبحوا كثر….
رووووووووووعة، ابداع أدبي من ” شكل ثاني”
الله يعطيك الصحة والعافية أستاذنا الفاضل