حصرا في سبعينيات القرن الماضي كنا نصحو على زقزقة العصافير واصوات الطيور الاخرى.
عند الفجر نسمع اصوات يدا امي وهي تخبز في تنور الطين وصوت من بعيد لمكائن سقي المزروعات كانها تصفق على نغم الخشابة لان البساتين القريبة يعتمدون على الآلات القديمة في السقي(المنزح والدلو).
ومع اول شروق للشمس تجتمع العائلة لتناول وجبة الافطار (الريوگ) شاي حار (على الچوله) وكأن (القوري يعزف على الاستكان) وقيمر عرب عراقي يتغزل بالخبز الحار، وهناك الى النهر القريب يتوجه الاوز والبط رافعا جناحيه ويركض كسجين اطلق صرحه ليملأ (الشاخة او الكرمة) رقصا وطربا.
بعدها تنشغل النساء باعمال المنزل وتجلس الجدات لتصنع الحصران من خوص النخيل وتتفنن بصناعة المنتجات الفلكلورية اليدوية والتي تعتمد مادتها الاولية على النخيل.
في ذلك الزمان كانت وسائط النقل في القرى هي العربات التي تجرها الخيول والدراجات الهوائية والابلام في الانهر. حتى اذا صار وقت الضحى عند العاشرة صباحا تقريبا موعد الوجبة الضحوية من اللبن الخاثر تطفو عليه قطعة صفراء من الزبد واناء آخر من التمر البرحي او الحلاوي او الخستاوي وغيرها من انواع التمور التي كانت غاباتها تحجب اشعة الشمس عن الأرض.
كانت الانهر الصغيرة هي الحدود الطبيعية بين بستان وآخر ويطلق عليها في المصطلح الدارج (شاخه او گرمه) ماؤها عذب تطفو على وجهها نباتات مائية تسمى الطحالب (او الشمبلان) وعلى جرفها يرتفع القصب والبردي وكأني ارى الاسماك الصغيرة وهي ترقص في الماء ذهابا و ايابا والضفادع الصغيرة تقفز هنا وهناك وتعبر الى الضفة الاخرى سلحفاة صغيرة بكل هدوء
بسلإمة وبساطة وراحة بال كنا نعيش