طل هذا الصيف كهلال رمضان، كثرت فيه الأعراس والأفراح، وسعد الفلاح سعادة لا توصف، من كان رواسيا فك وحدته، ومن كانت له واحدة زاد عليها الثانية، رغب في الثالثة من كانت له اثنتين، وعقد على الرابعة صاحب الثلاث، ومن كانت له أربع طلق الأولى وتزوج أخرى،هكذا عندما يشبع البطن يوصي الرأس بأن يغني.
بعد عمل مضن، قررت أن أزور العائلة، ليالي الصيف جميلة، حبلى بالحكايات والسهر مع القمر، إلى أن يغالبنا النوم في وسط التبن، كم هو لذيذ صيف البادية أيام الزمن الجميل.
وأنا خارج لتوي من بيت أمي، بعد أن احتسيت كأس شاي منعنع، وطرف خبز مدهون بالزبدة البلدية، جلست في ظلمة أول الليل، أنتظر موعدي مع القمر، اذا بي أسمع صوتا يصدح بأغنية شعبية:
-بكاني الزين أيما
االي مابقات عندو قيمة.
لم أتمالك أعصابي،هذا يوم الزهو واللعب، تبعت الصوت ومشيت اتجاهه، كسلوقي اشتم رائحة صيد ثمين، لم اصب بالتعب أو النصب، كابدت حتى وصلت، التقيت بأصدقاء لي جمعتنا الدراسة، وفرقنا الزمن، كل أخذ وجهته.
رقصنا ، لعبنا، ضحكنا حتى استبانت نواجدنا، وأمتنا قلوبنا، لم نحس بذلك النشاط منذ سنوات، ألهتنا مشاغل الدنيا، لكن الآن عدنا إلى الصبا والطفولة، وتركنا كل شيء وراءنا.
وبعد أن أعيانا النوم، وجمعت الفرقة الغنائية لوازمها، وماتيسر من مال الدلاح، وغلة المحاصيل الزراعية، عدت أدراجي إلى الخيمة،لم يطرد الصبح بعد الليل، القمر لازال في كبد السماء، قادتني رجلاي لأن اختصر الطريق، كي أصل بأسرع طريقة ممكنة، لم أحس الا وأنا بجانب شجرة الخروب، وقبالتها مقبرة قديمة، تعود لسنوات خلت، وقفت أقضي حاجتي، ولما انتهيت من تأبط شيئي، لمحت كلبا يقصدني، ناديت عليه باسم كلبنا، شبيهه في لونه وشكله:
سويس أجي.
لم يحرك ذيله كعادته، حملت حجرا كي أدافع عن نفسي، تذكرت للتو أنه قد يكون جنيا، وأن الليل بمواليه كما يقولون،طفقت أقرأ في آية الكرسي تلعثمت فسكت، أحسست بشيء ساخن يهبط بين سروالي ولحمي، من أمامي وورائي، واصلت القراءة بجهد جهيد، تحول الكلب إلى امرأة، تشجعت وقلت هذه عائشة قنديشة، سأطلبها للزواج مقابل أن تمنحني مال الدنيا كما زعموا.
عندما اقتربت منها، انقلبت إلى حمار، ربما دوختها رائحتي، أنذاك شعرت بأن رأسي اصبح كجبل، ورجلاي تثاقلتا، حتى كدت أحسبها طرفا خارجا عن جسدي، أخرجت سكينا من جيبي وأغرسته في الأرض، كما أوصتني والدتي، سمعت صوتا باكيا، أطلقت ساقاي للريح، لم أعرف كيف وصلت؟، ولا كيف نمت؟، هذه المرة ليس في التبن وإنما في البيت الذي وجدته بعد أن استتفاقت موصدا وبجانبي وسادة اخرى ورائحة ما.