مرحبًا بالابتلاء لن يتجدد الأمل مجددًا، لا أدري ماهية القدر.! هل لديه عقل يفكر؟ أم فقط يعبث بنا لنهاية المطاف الذي لا نعلم عنه شيء البتة، وأنتِ تشبهين النبتة التي زرعت بصحراء جرداء في عالم مليء بالنفاق والأكاذيب المتوغلة بين ثناياه، وتلك الفتاة التي يمارسون عليها التعذيب، وإصدار أحكام لا تمت القانون بصلة، أنظروا إليها إنها تدخن السجائر دون النظر إلى مظهرها الخارجي للمارة، تذهب إلى المقاهي بين الشباب ويتحدثون في جميع المواضيع العامة والنقاشات الخاصة، والدخول في المعتقدات والأفكار التي تعبث بعقولهم وعقولهن، والنقاش حول الانتحار، ولا شيء يفلح سوى بالموت والفرار، الظنون الخاطئة التي تحمل كثير الإدعاءات من الفصيلة والشرف ورفع راية الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، وهم أولى الأشخاص الذين يمارسون كل ما يروق لهم في الخفاء، ونقد الظاهر وباطنهم مليء بالقذارة، ويصطادون أسماك المثالية ونفوسهم مليئة بالضغينة والحقارة، داخلهم يشبه المرحاض تمامًا فهو المكان الذي يليق بهم، في إحدى المحافظات المصرية، تحديدًا في إحدى قرى محافظة سوهاج، هناك فتاة طموحة شابة صغيرة في مقتبل العمر تدعى أسماء، لم تكمل دراستها والسبب إجبار الأهل بترك تعليمها، الأب الذي لا يمتلك أي رحمة قام بتعنيف أبنته من أجل زواجها المبكر وهي في عمر السبع عشر عامًا وحين قامت بالرفض من الزواج بإبن عمها الذي يكبرها بثلاثة عشر سنوات، تجمع الأب والأم بضربها ضربًا مبرحًا دون شفقة دون قلب، فهم بضعون مكانه الحجر، قامت اسماء بتجربة الانتحار ثلاث مرات لم تفلح وهذا ما جعل أهلها يغمُرهما العناد، وقاموا بحرمانها من الهاتف والأصدقاء المقربين لها وعدم مقابلتها لهم، حاولت الهرب بعد زواجها، إزداد الأمر سوءً في طموح الأب بقتلها لأنها سوف تجلب العار لكامل العائلة، كما حاولت الإنفصال عن زوجها، حتى أضطر الأب إلى طردها من منزل عائلتها الذين هم بالأحرى يكونون سند لها ويقومون بحمايتها، فكيف حال اسماء حين لا تجد الحماية بداخل منزل عائلتها؟ أعمامها رفضوها أيضًا فلم تجد مكانًا سوى أنهم أرجعوها لذلك الذئب الذي يقال عنه زوجها، وفي كل فترةٍ من الفترات تحدث فيها المشاكل ينعتوها بأقذر الكلمات، الذي لا يجد الأمان والاستقرار النفسي داخل عائلته بالأحرى سوف يبحث عنه بالخارج، ولكن هذا خاطئ للغاية بل سوف يرى الجميع دون استثناء أحدٍ أعدائه، نعم هو كذلك الأمر يتوقف على البذرة إن كانت جيدة فسوف تصلح النبتة، وإن كانت فاسدة سوف تفسد، ويتم تحليل الأمور الحياتية بالعقل والمنطق، هناك مَن سوف يستخدم هذا وهناك مَن سوف يتخذ الإجرام طريقه لتفادي المخاطر من أجل الدفاع عن نفسه، الدموع المتمردة صادقة وليس كل الدموع يطلق عليها دموع تمساح، في ذلك المجتمع كل شئ مباح، نتفنن في التخويف والترهيب والتهديد بالوعيد، فهذا يعد أعمال إرهابية وإجرامية مرفوضة جملة وتفصيلًا، الذي يتحمل مثل تلك الأشياء الملموسة، ليس لديه ما يخاف عليه سوى مصير أطفاله، نعم لديها ثلاث أطفال، ما مصيرهم.! حين يجيدون كل هذا يحدث لطفلةٍ مثلهم ذات السبع عشر عامًا، سبع عشر عامًا لم تجد يومًا به راحة لم تجد نفسها، سوى أنها ولدت في بئر من الندوب أدى بها إلى التفكير بالهرب والانتحار، تأبى الخضوع وتحاول في أن تتخلص من واقعها المعاش، بداخلها تمرد إذا ظهر سيفتت الجميع وسيقطعه إلى آشلاء.
– تبًا لك يا عماد، هذه القصة مؤلمة للغاية ولكن هذا الأمر صحيح، لا يشوبه غبار، المرأة في مجتمعنا الشرقي هذا، لا يجب عليها أن تفعل سوى ما يأمره بها الأهل تقول سمعًا وطاعة، وهذا هو بر الوالدين بعينه.
وأين بر الأبناء؟ ألا يجب عليهم أن يكونوا بارين أيضًا، المعضلة الكبرى هي أن لا ينصب الأهل كأنهم آلهة، ولكنهم فعلوا، وهم الأشخاص الذين لهم الأولية في أن ينعتوا أسماء بأنها عاهرة، بدلًا من إضطهادها وإبادتها حية، الذي تتفوه به ليس منطقي يا فريد.
– ملابسها التي تظهر صدرها المرتفع وما أدراك ببنطالها الذي من خلاله شَدَّتْ خَصْرَهَا، مكياجها ضحكتها ذات الصوت العالي، وماذا لو كانت مدخنة؟ وهناك ما أسوأ من هذا، فهي تستحق لقب عاهرة بجدارة.
أحمق تمامًا، ولا تمتلك أي فكر، فقط تتبع القطيع في إصدار أحكام وهمية، دون تحليلها بالمنطق، أنت لا تعرف بماذا يعاني هذا الإنسان؟ وما الذي قام بتجاوزه.! وعليك وضع مليون خط تحت كلمة إنسان، وعليك التصرف كما تشاء في طريقة تحليلك لماهية الكلمة، تعتقد بأنك ذات سلطة ووقار بمجرد أنك رجل عفوًا قد ظلمت الرجال أقصد ذكر، تنظر إلى المرأة بعين الشهوة، تريد الزواج من أجل الشهوة، نعم نعم هذه فلسفة القطيع التي لا تحمل وقد ظلمت الفلسفة، نظرتك للفتاة بهذا الشكل فهو نابع عن عدم الإدراك، أنا لا أمقت الغريزة البشرية لأنها مثل الأكل والشرب فطرة الإنسان، ولكنك استخدمت تلك الفطرة بطريقة سلبية للغاية، فهذا سيجعل منك متحرش وربما أنت هكذا بالفعل، كونك قلت لها بأنها عاهرة، كونك أصدرت حكم لا تعرف ماهيته، فأنت هكذا.
– عليك أن تفهم مقصدي يا عماد، الوضع الذي تعيشه الفتيات في وقتنا هذا لا يصح، وطريقة تفكيرك هذا، يجعلني أعطيك لقب ديوث، أنت تريد حريتها، ومَن هم أمثالي يرفضون الحرية، لأنها إن زادت عن الحد سوف تعُم الفوضى العارمة، ونظرتك خاطئة تمامًا ودليل على أنك لا تفهم شئ.
– عزيزي فريد، الحرية بدون مبادىء لا تسمى حرية، بل عبارة عن رغبة الشخص في عدم تحمل المسؤولية عن قراره، أمثالك يجد الحرية فوضى لانه يريدها هكذا ليفعل ما يروق له دون رقيب، أجعلني اسألك سؤالًا، ماذا لو كان الإله غير موجودًا؟ ما الذي سوف تفعله؟
بالطبع سوف أفعل ما أريده يا عماد، سأحتسي الخمر، وأفعل العلاقات المحرمة بين الفتيات، وأذهب إلى الحانات للرقص، وسأتعاطى المخدرات، ولكنني مستحيل أن أفكر بالقتل والسرقة.
– سؤالًا آخر يا فريد، ماذا لو كان القانون غير موجود؟
حتمًا سوف أقتل وأسرق، وأغتصب الفتيات، ولن يعاقبني أحد، سأفعل جميع الملذات دون توقف، ربما أجعل نفسي رئيس عصابة.
– أرأيت أيها الأحمق فهذا طريقة تفكيرك للحرية، هذه ليست حرية بل فوضى، البشر أنانيون للغاية يسعون للحصول على المزيد من كل ما يخص إرضاء نفوسهم، ولكن ليس الكل مَن سيفعل مثلك، هناك أشخاص ناضجون للغاية، ولكنهم سيتم ظلمهم من قِبَّل أمثالك، ولن يستطيعون العيش بينكم، إن كان لا هناك إله وقانون، ستفعل كل هذا، إذن وجود الإله والقانون يشكل أمر جيد للغاية، في عدم التمكن من ممارسة هذه الأشياء، إذن أنت لا تحب الله ولا تفكر به، لانك منافق، وتتحلى بعدم الضمير، ضميرك ميت، لأنك تنتظر سبب واحد أو فرصة واحدة لتفعل ما تريد.
تريد التغيير وتسعى للاختلاف يا عماد، عليك أنت تفيق من أوهامك هذه، لا تجعلها تتوغل بثنايا عقلك، أنت هكذا تضع نفسك تحت طائلة التمرد على العادات والتقاليد، فهذا خطأ وسوف تعرض نفسك للقتل لا محال، هذه عاداتنا وهذه تقاليدنا لا يجب علينا أن نسير على مخالفتها، لأنها أعطتنا الحق في كل شىء لأننا رجال نسعى ونتحمل ويجب أن نجد متطلباتنا مجابة.
– فريد كم أنت لعين.! غير مدرك مقدار خطأك وتفكيرك هذا، وإن تزوجت، سوف تعاني زوجتك كثيرًا، ومحاكم الأسرة هي الفيصل بينكما، العادات والتقاليد لإرضاء المجتمع لو بهذا الشكل لا أريدها، أحبذ أن تنعتني بالديوث يروقني الأمر، وأنت لا تفقه معنى الكلمة فسوف تأخذنا إلى منحنى آخر لا أريد التحدث به، إحترام الإنسان في العموم واجب على الجميع، والمرأة من ضمن الإنسان وليست كائنة فضائية من كوكب آخر، احترامها بينك وبينها واجب ودين يجب سداده، لا تمارس ذكوريتك وتعنفها أمام الجميع لن يطلقون عليك لقب رجل، بل سوف ينعتونك بالجنون وعدم احترام حقوقها التي من المفترض عليك حمايتها وليس نبذها.
إذهب إلى الجحيم، لا أريد سماع نقاشك المريض هذا، ولم ولن أتقبله.
– حسنًا يا فريد، كما يحلو لك قمت بتوفير طاقتي التي تكاد أن تنفذ بسببك، أنت تقتنع بأشياء غير مقتنع بها والعكس، إذن الحكم لا يمت القانون بصلة.
سيرة:
حسن أشرف حسن من مواليد محافظة الجيزة مصر عام 1994م، صدر له:
– مجموعة قصصية بعنوان “صمتًا رجاءً”.
– رواية بعنوان “ما بعد اللعنة”.
– مجموعة قصصية بعنوان “غرائز البشر الحيوانية”.
– مجموعة قصصية بعنوان “تشاؤم شوبنهاور”.