عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة؛ صدر كتاب «حكايات بعد العشاء» للكاتب والمسرحي الإنجليزي “جيروم كلابكا جيروم Jerome Klapka Jerome”. ترجمة “سماح ممدوح”.
«حكايات بعد العشاء» مجموعة قصص قصيرة نُشرَت عام 1891، تُقدِّم مُحاكاة ساخرة لقصص الأشباح في العهد الفكتوري، خاصةً تلك التي كتبها مؤلفون مثل «تشارلز ديكنز»، فالإطار السردي للمجموعة يعكس مُحاكاة مستمدة من مجموعة كتبها ديكنز عن الخوارق.
هذه المجموعة مكونة من ثمانِ قصص، عبارة عن حكايات عن الأشباح تُروى بعد العَشاء على لسان مجموعة من الأصدقاء الذين اجتمعوا للاحتفال بعيد الميلاد. ورغم أن القصص يحكيها أشخاص مختلفون، إلا أن راويها هو شخصٌ واحد.
يمكن القول إن الهدف الأساسي والتركيز الأهم للقصص هو الهجاء، من خلال تصميم الراوي الساخر على الالتزام العام بقصص الأشباح المرتبطة بشدة بتعاليم عقيدته الأرثوذكسية؛ في مجال السلوك الاجتماعي.
وفي هذا يُشبه الراوي تمامًا شخصية “السيد بوتر”؛ الشخصية المحورية في كتاب “مذكرات لا أحد” لـ”جروسميث”، ويتجلى هذا التشابه في محاولة التوافُق بين ما يراه من الأشكال التقليدية للسلوكيات؛ ونقد هذه السلوكيات بحس الدعابة. وهذا من أهم سمات الكتابة عند جيروم.
مما جاء في مقدمة المجموعة لـ”جيروم كلابكا جيروم (2 مايو1859 – 14 يونيو1927)”:
(إنها عشية عيد الميلاد.
بالتأكيد، وللعلم فقط؛ لم يكن ضروريًا على الإطلاق ذِكر التاريخ، فالقارئ المُتمرِّس سيعرف دون أن أُخبره بذلك، فطالما هناك قصص أشباح؛ إذًا فهي عشية عيد الميلاد.
إنها عشية عيد الأشباح، وليلة احتفالهم السنوي، فالجميع يحكون قصص الأشباح في ليلة عيد الميلاد، فحريّ بالمرء أن يُفكِّر في أن الأشباح تخرج وتتجول في ليلة العيد ليعرضوا ـ هُم أو هنَّ ـ أكفانَهم البيضاء المدفونين بها، وكمثل الأحياء؛ ينتقدون ملابس بعضهم البعض، ويسخرون من بشرة بعضهم الشاحبة.
أُخمِّن أنهم يُسمون ذلك «موكب عيد الميلاد»، وبالنسبة لهم أظن أنها وظيفة مهمة يستعدون لها بكل شغف ويتطلعون إليها في كل أنحاء أرض الأشباح، خاصةً أشباح هؤلاء المولعين بالتباهي، مثل البارونات المقتولات، والكونتيسات الملطخات بجرائم القتل، والإيرالات اللواتي جِئنَّ مع الفاتح المنتصر وأُغتيل أقاربهن ومِتنَّ وهُن تهذين بجنون.
يمكن للأحياء أن يجزموا أن الأشباح في تلك الليلة يمارسون الأنَّات الجوفاء والابتسامات الشيطانية. أيضًا، يمكن أن يكون هؤلاء تدربوا لأسابيع مضت على الصرخات التي تُجمِّد الدماء في العروق، والإيماءات التي تُجمِّد النخاع… سلاسلَ صدِئة، وخناجرهم الدموية المشحوذة في حالة استعداد للعمل… أغطية وأكفان حُفِظتْ بعناية من عرض العام الماضي؛ تم إنزالها ونفضها وإصلاحها، ثم نُثِرتْ في الهواء.
إنها ليلة أشباح مثيرة؛ ليلةُ الرابع والعشرين من ديسمبر. من الممكن ألا تظهر الأشباح في ليلة الكريسماس نفسها، فنحن نُضفي إثارةً أكبر على ليلة الميلاد، وربما هي ليست كذلك بالنسبة لهم، فهم لم يعتادوا تلك الإثارة.
ولا يقتصر الأمر فقط على تواجد وتجُول الأشباح بأنفسهم في هذه الليلة، بل أن الأحياء أيضًا لا يكفُّون عن استحضارهم بالتحدُث عنهم طوال ليالي الكريسماس، فما إن يجتمع خمسة أو ستة أشخاص حول مدفأة ليلة عيد الميلاد حتى يبدأوا ليلة طويلة من الحكي عن الأشباح، فلا شيء يُسعد الأحياء في هذه الليلة أكثر من سرد قصة أشباح حقيقية. إنه موسم احتفالي لطيف، تُلهمنا فيه القبور والموتى والدم والجُثث وجرائم القتل…..)
سيرة شخصية:
جيروم كلابكا جيروم
Jerome Klapka Jerome
كاتب ومسرحي وروائي بريطاني شهير من العصر الفيكتوري.
امتلك جيروم ذخيرة من الخبرات والتجارب الحياتية التي جعلت له عينًا ناقدة وقلمًا غاية في الذكاء، يحمل رسائل فلسفية عميقة في محتواه، حتى أثر أسلوبه الأدبي في الكثير من الكتاب والأدباء والمسرحيين في إنجلترا.
أصدر العديد من الأعمال الأدبية التي لاقت نجاحًا وقبولًا واسعًا. واشتهر برواياته المصوّرة التي قدّمها للأدب الغربي. وما زال الناس يُخلّدون أعماله ويقرؤونها في جميع أنحاء العالم. حتى أصبحت كتبه من أكثر الكتب مبيعًا في العالم.
وُلِد جيروم عام 1859 في قرية كالدمور القريبة من برمنجهام وسط إنجلترا. وعاش طفولته يعاني من الفقر والحرمان إلى أن توفّي والده وهو في سن الثالثة عشر، وبعد ذلك بعامين توفّيت والدته، فاضطرّ لترك مدرسته (ماري ليبتون الثانوية في لندن) والعمل في وظائف بسيطة لتأمين لقمة عيشه، حيث عمل أربع سنوات في سكّة حديد لندن يجمع الفحم.
في عام 1877 قرّر أن يخوض تجربة التمثيل في المسرح، فانضم لفرقة أنتجت العديد من المسرحيّات ضمن ميزانيّة محدودة.
بعد ثلاث سنوات في المسرح دون تسجيل أيّ نجاح يُذكر، قرّر جيروم في عُمر 21 عامًا أن يمتهن الصحافة ويكتب المقالات والهجاء والقصص القصيرة، إلّا أنّ أكثرها لاقت رفضًا واضحًا.
في عام 1885م بدأ بتحقيق ببعض النجاحات من خلال كتابة النثر الكوميدي، ونال درجة من التقدير عن كتابه (المسرح والإيقاف)، والذي صوَّر حياة الممثلين المسرحيّين، مستوحيًا تجاربه مع فرقة التمثيل، وتلاها كتاب (أفكار خاملة لزميل خامل) والذي ضم مجموعة من المقالات الفكاهية.
في عام 1888م تزوّج من جورجينا إليزابيث، وقضى معها شهر العسل على نهر التايمز في قارب صغير، ومن هنا استلهم فكرة كتابه (ثلاثة رجال في قارب) الذي تمَّ نشره عام 1889، ويُعد أشهر أعماله حيث لاقى نجاحًا باهرًا وتم تحويله إلى أفلام ومسرحيات ومسلسلات إذاعية.
في عام 1889 أصدر كتاب (أفكار تافهة لرجل كسول)، وهو عبارة عن سلسلة من المقالات ظهرت بمجلة هوم شايمز تم جمعها فيما بعد لتنشر في هذا الكتاب الذي يحتوي على تأملات ساخرة لجيروم.
في عام 1907 أصدر مسرحية (العودة من الطابق الثالث) والتي تعد أكثر مسرحياته شهرة، رغم أنها ليست كوميدية، حيث تناول فيها تأثير الغريب المتشبه بالمسيح على مجموعة من البخلاء وعديمي الحيلة.
عندما بلغ جيروم من العمر 56 عامًا، تطوّع ليخدم بلاده عند اندلاع الحرب العالمية الأولى، إلّا أن الجيش البريطاني رفضه، فتطوّع للعمل كسائق لإسعاف الجيش التابع لفرنسا.
في عام 1926م كتب جيروم سيرة حياته الذاتية في مزرعة منزله الذي قضى فيه أواخر حياته، وأصيب في العام الذي يليه بسكتة دماغية ونزيف في الدماغ أودى بحياته، وكان ذلك عام 1927م.
من أعمال جيروم الأخرى:
رواية ثلاثة رجال في قارب: وتُعدُّ من روائع الأدب العالميّ الساخر، نُشرت عام 1889م.
أرض المرحلة: صدر عام 1889، ويتحدث عن العادات الغريبة لسكانها.
كتاب أفكار تافهة لرجل كسول: عام 1889م، ويضمُّ سلسلةً من المقالات التي نشرت بمجلة هوم شايمز .
رواية المطحنة الكسولة: 1891م.
رواية المدينة الفاضلة الجديدة: 1891م.
الأعشاب: قصة في سبعة فصول، صدرت عام 1892م.
رواية الشريك الراقص: 1893م.
ثلاثة رجال على البوميل: رواية ساخرة، نُشرت عام 1900م، وتُعرف أيضًا باسم ثلاثة رجال على عجلات.
ملاحظات هنري: 1901م.
بول كليفر: 1902م.
حديث طاولة الشاي: 1903م.
مسرحية العودة من الطابق الثالث: 1907م.
نكتة الفيلسوف: 1909م.
كل الطرق تُؤدّي إلى الجلجثة: 1919م.
حياتي وأوقاتي: سيرة ذاتية كتبها جيروم عن نفسه عام 1926م