هُنَاك فَتَاة جَمِيلَة الشَّكْل ذَات عَيْنَيْن جميلتين ، واسعتين وَالشَّعْر المجعد ،
أَنِيقَة الابْتِسَامَة وصاحبةالروح الشُّفَافة تأسر قلب كُلٍّ مِنْ نَظَرَ إلَيْهَا . . .
بينها وَبَيْن جَدَّتِهَا عِلاقَة وُد وَمَحَبَّة تَفَوَّق
الْخَيَال ، متعلقتان بِبَعْضِهِمَا ، يَخْرُجَان سَوِيَّة
لِلتَّنَزُّه وللتسوق وَحَتَّى لِقَضَاءِ بَعْضِ مشاوير
عَمِل الْجَدَّة ، وَلَا يَفْتَرِقَان إلَّا لِلضَّرُورَةِ . . . .
وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لاَبُدّ لِلْجَدَّة السَّفَر ، وَالابْتِعَادِ عَنْ حفيدتها لفَتْرَة غَيْرَ مَعْلُومَةٍ رَبَّما تَكُون أَسَابِيع أَو شُهُور وَحَتَّى سِنِين ، سَفَرٍ مِنْ أَجْلِ عَمَلٍ أَوْ أَمَرَ مَّا ؟
شُعُور مَايؤلم حقاً ، فَكَيْف لِلْجَدَّة أَنْ تُخْبِرَ حفيدتها . . . . . ففَكَّرْت بِعُذْر ، وَحَاوَلْت إقْنَاعٌ حفيدتها بِالسَّفَر الضَّرُورِيِّ وَلَا بُدَّ مِنْهُ ، وبوقت قصير ،
الْجَدَّة . . . تودع حفيدتها و تقنعها بِأَنَّهَا لَا تَغِيبُ كثيرإ وستعود . . . . .
— وداعاًحفيدتي . ..
— وداعاً جَدَّتِي الحبيبه سأَبْقَى بانتظارك . . . .
مَعَ أَنَّ الحفيدة غَيْر مقتنعة بِمَوْضُوع سَفَر
الْجَدَّة المفاجئ ، إلَّا أَنَّهَا أُجْبِرَتْ عَلَى تَقْبَلُه
وَهِيَ فِي حَالَةِ صُعف وَحَسْرَة وَتَخَوّف مِن
غِيَاب جَدَّتِهَا . . . . سَافَرْت الْجَدَّة وَطَالَتْ مُدَّةُ
غِيَابِهَا ، وَلَكِنْ مِنْ حِينِ إلى حين آخَرَ يَتِمّ الِاتِّصَالُ بَيْنَهُمَا لِيَطْمَئِنّ عَلَى بعضيهما ، وَيَدُور بينهما حوار
صامت، عَبَّر كَأَمْرِه الجوال يُتَرْجِم احاسيسهما وافكارهما ، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمْ تَفَكَّر بِمَا يَدُورُ فِي فِكْر الْأُخْرَى .
الْجَدَّة : تَذَكَّرْت أَنَّ الْيَوْمَ هُوَ نِهَايَةُ السَّنَةِ الميلادية ، وَلَيْلَة بِدَايَة السُّنَّة الْجَدِيدَة ،
اعْتَدَلَت فِي جَلَسَتْهَا ، وَقَالَت لِنَفْسِهَا
كَيْف لِي أَنْ اِحْتَفَل بِهَذِه الليلة الْبَارِدَة والمغطاة بِالثُّلُوج وَأَنَا اِرْتَجَف بَرْدًا وَلَا يشعرني بالدفٖٔء سِوَى صَوْت ضحكات حفيدتي وَظُهُور رصعات خدودها . . .
وَكَيْفَ لِي أَنْ أَحْضَرَ شَجَرَة الكريسماس
وَنَحْن تعودنا أَنَا وَهِيَ عَلَى تَحْضِيُرهَا
وتزيينها بِالْوُرُود وَقُلُوب الْحَبّ والدببة
الصَّغِيرَةِ الَّتِي تُحِبّهَا حفيدتي والبالونات الْمُلَوَّنَة . . . يارباه” …كَمْ هُوَ شعورها مؤلما ؟! . . . .
نَظَرْت الْجَدَّة عَبَّر شاشَة الجوال وَهِي تتمعن بملامح وَجْه حفيدتها البريئ وَقَالَتْ لَهَا مَاذَا
تتمنين ياصغيرتي ؟
إجَابَتِهَا الحفيدة : جَدَّتِي أَتَمَنَّى أَنْ تَكُونِي بقربي ، وَجُودك مَعِي ونحتفل سَوِيَّة مِثْلَ كُلِّ عَامًّ مضىَ .
قَالَت الْجَدَّة : وَهَلْ لَك أَنْ تمنحيني الْعُذْرَ إنَّ لَنْ اتمكن مِن المجيئ وَالْحُضُور لِلاحْتِفَال مَعَك ؟ ؟
أجَابَتِ الصَّغِيرَة : وَهِي مُتَحَسِّرَة وَهَلْ لَك أَنْ تجيبي عَلَى سُؤَالِي وتقنعيني ماهُو السَّبَبُ او الْمَانِعُ مِنْ عدم حُضُورِكَ ياجدتي ؟
الْجَدَّة : نَعَم ساجيبك عَلى سُؤَالَك بَعْدَ مَا تجيبين عَلَى سُؤَالِي ياحفيدتي الْعَزِيزَة .
الحفيدة : نَعَم ياجدتي بِكُلّ سُرُور . . . .
الْجَدَّة : ياحفيدتي أَلَيْس عِنْدَك الْتِزَام وَكُلِّ يَوْمٍ تَذْهَبِين إلَى الرَّوْضَة ؟
الحفيدة : نَعَم ياجدتي وَلِمَاذَا تَسْأَلُيني عَنْ هَذَا ؟
الْجَدَّة : وَهَل يَسْمَح لكٍ بالغياب وَعَدَم مُتَابَعَة دروسك ؟
الحفيدة : أَنَّا لَا اتغيب وَلَا أسْمَحُ لِنَفْسِي بِالِامْتِنَاعِ عَنْ الحُضُورِ إلَى روضتي .
الجدة : أحسنت ياحفيدتي انكٍ مُثَابَرَةٌ
وحريصة عَلَى تَعْلِيمَك .
الْجَدَّة : سَأُخْبِرُك ياصغيرتي عَنْ سَبَبِ ابتعادي عَنْك ، وَعَدَم حُضُورِيٌّ لِلاحْتِفَال مَعَك ، إنِّي
مُجْبَرَة وَلَدِي الْتِزَام ولايسمح لِي بالغياب ،
مِثْلَ مَا أنتٍ لَن يَسْمَح لكٍ .
الحفيدة : وَكَيْف تَكُونِي مِثْلِي وَهِي متبسمة ؟ !
الْجَدَّة : أَنَا مِثْلَك طَالَبَه وَلَدِي دُرُوس وَوَاجِبَاتٌ وملزمة بأَدَائِهَا . .
أنت ياعزيزتي فِي الرَّوْضَةِ وَأَنَا فِي الكلية
الحفيدة : اِبتسَمَت وَهِي متعجبة مِمَّا تَقُولُ الْجَدَّة ، هَلْ هَذَا صَحِيحٌ ياجدتي أَم انكٍ تمزحين ؟
الْجَدَّة : نَعَم ياصغيرتي .
الحفيدة : ضَحِكْت فرحاً بِصَوْت أَنِيقٌ وَسَاحِر وَهِي مندهشة مِمَّا سَمِعْتَ مِنْ جدتتها !
وَبَعْدَهَا قَالَت لجدتتها أَدْعُو لكٍ بِالْعُمُر المديد وَتَحْقِيق الْأَمَانِيّ واتمنى لكٍ سُنَّةٌ
جَدِيدَة مَلِيئَة بالمسرات والافراح وَالنَّجَاح وَالتَّوْفِيق لكٍ بدراستك .وَأَنَا فخورة فِيك
يأجدتي لِأَنَّك رَمَز للطموح والتفاؤل وَالْأَمَل بِالْحَيَاة السَّعِيدَة والجميلة . . . .
الْجَدَّة : شكراً ياطفلتي ، وَأَنَا كَذَلِكَ أَتَمَنَّى لكٍ
حَيَاة سَعِيدَة وَادَعْو اللّهَ أَنْ يَجْعَلَكِ مِن الْفَتَيَات الطموحات ، وَالتَّوْفِيق لكٍ فِي كُلِّ مَرَاحِل حَيَاتِك . . . .
وَبَدَأَت الشَّمْسِ فِي الْمَغِيبِ وَبَدَأ اللَّيْل يغلف
الْكَوْن وَكَأَنَّه يَسْتُر أَسْرَار النَّاس .
وَهَذِهِ هِيَ سُنَّةٌ الْحَيَاة . . . تَدُور كالدولاب وَتَسْتَمِرّ بِالدَّوَرَان وَتَبَادُل الْأَدْوَار . . . . ولانهاية لطموح الْبَشَر . . . . مُسْتَمِرَّة وَلَا تَتَوَقَّفُ وَلَيْسَ لَهَا عمرا مُحَدَّدا ،
الْحَيَاة مُسْتَمِرَّة ومابين الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ ، كِفاح ، وَرِضَا ، وَعَدَمَ رِضًا ، وطموحات ، وتحديات ، واحلام ، وأمنيات ، وافراح ، وَأحْزَانٌ ، وانتصارات ، وَخِذْلَان ، وَاخْتِلَافَاتٌ ،
وثقافات ، وَأَزْمِنَة . . . .
نحن عِبَادِ اللَّهِ ، وَهُوَ خَالِقُ الْكَوْنِ ، وَمُدَبَّر الامور*