حَمَى الوطن، وما حَماهُ: (قصيرة) بقلم: محمد خليل الخوجة/ المغرب
في حديقة متناثرة النباتات، جافة الأوراق، وعلى مقعد خشبي مهترىء، يميل لونه إلى السواد، مكسور الجانبين، جلس رجُل سِتيني، يرتدي معطفا ثخينا، وقد علاه التمزق، على مستوى المنكبين، وأثرت فيه أشعة الشمس؛ حتى يُخيل للناظر؛ أنه لا ينزعه إلا لماما. وضع هذا الرجل ذو الملامح الكالحة، والشارب الكث الأبيض، على رأسه قبعة، التصقت بشعراته، وبين الفينة والأخرى كُنتَ تراه، وكأنه يتحسس شيئا ما، بأصابعه المرتعشة من تحت القبعة، فيُخيل إلى من يراهُ أنه يُعدلها، وعلى حين غفلة، أراد الرجل أن ينهض؛ فاعتمد على عكازين معدنيين، لكنه فقد التوازن، وسقط أرضا.
كان في الجهة المقابلة، شاب ينظر في هاتفه المحمول، وما أن رآه سقط حتى هرع إلى مساعدته، حاول أن يوقفه، ويعيده ليُجلسه على المقعد، وبينما هو يحاول، رأى ورقة داخل القبعة، فأمعَن النظر في جُملة مكتوبة بخط الرجل: قمت بحماية وطني، وما حماني!
فعلم الشاب للتو، أن الرجل جندي متقاعد، فسقط مغشيا عليه لأنه كان ينوي أن يلتحق بسلك الجُندية.