مرة اخرى يتحفنا الشاعر الوائلي بديوانه (قيثارة انهار)، وهو يكتب بحبر القلب عن الوطن والامل والحب والحياة، ويؤاخي كل شيء نتحسس به على رغم الالم والتوجس والوجع وكل متناقضات الوضع المر الذي نعيش فيه ، شاعرنا وبكل هذه المكنونات ينزف بحبر القلب قصائده المتوجة بأخيلةٍ ينتابها التوثب والتطلع والشغف، فهو كتلة ملتهبة من الاحاسيس، والمترجم الاول لما يدور حولنا، الوائلي وبابعاد زمكانية كبيرة لايحدها حد ويمنعها عائق يتنقل بنا بمتعة كبيرة واحساس مرهف ويرحل مع كل الانا بقصائده المتوثبة دائما وابدا، وعندما نعرف الشعر بأنه شكل من الأشكال الفن الادبي تستخدم فيه كل ابعاد الجمالية والتميّز والانبهار والدراما مع كل اشكاله المختلفة، ينبري لنا الشاعر فهو من يشدّنا اليه بقوة المعنى وحسن السبك وتماسك البناء الفني والشعري داخل القصيدة، وفي كتاب الجمهورية لأفلاطون يقول (الشعر يقودنا الى الاحساس بعمق بالحزن والالم)، وبقول ايضا(اذا لم يجيء الشعر طبيعيا كما تنمو الاوراق على الاشجار فخيرله ألا يجيء)، ويقول شوقي(تهرم القلوب كما تهرم الابدان، الا قلوب الشعراء والشجعان)، ويقول نزار قباني ايضا(الشعر كلام راق، يصنعه الانسان لتغيير مستوى الانسان)، اما الاديب البريطاني جونسون يقول(الشعر هو فن جمع المتعة بالحقيقة)، وشاعرنا الاستاذ عبد الحكيم الوائلي يقف بكل اقتدار عندما ينقل لنا قصائده بعنفوانها والقها وصيرورتها وبشغف كبير في ديوانه الصادر عام٢٠٢٠ من مؤسسة ثائر العصامي بغداد شارع المتنبي، هذا الديوان احتوى على ٢٩ قصيدة منها(قيثارة انهار، قلب بنبض البرتقال، الفينيق، وسّدوك اللحى، سأقطع سبابتي، حكاية العروش، آيات الحبل السري، من شاعر الى شرطي، سئم، لمَ تكتب، وغيرها من القصائد، ونقرأ من قصيدته وسدوك اللحى عندما يقول فيها:
هنيئا لك النوم
شعبَ النيام
لقد وسدوك اللحى
ومالست تعرف ماتحتها
وسدوك العمائم..
وسيماهم في الوجوه
من أثر الزهو بالسطو ليلا
نهاراً َجهاراً
يحوفون
—
ومن قصيدته قيثارة انهار نقرأ
وطني..
أرض من ذهب..
يتلظى جمراً..
والناس حفاة..
وسماءٌ.
تمطر بالمنِّ والسلوى
والناس جياع
وطني.. قيثارة أنهار..
وجنان ٌ من خمر وتغاريد،
والكل حزانى
—-
وفي قصيدة سئم يعاتب وطنه بكل ألم ليقول/
آه ياوطن الغرباء
سئمت روحي صمتكَ، ليلكَ
ملت..
أن يسألني عنك النخلُ
الاقمارُ
الاخيار، وجوابي الضائع فيكَ، ومنكَ
يرددمالاتعرفُ من اسماء
—-
وبقوة يقف بكل عنفوان وثبات صارخا باعلى صوته في قصيدته الثائرة (الطاغية) ليقول:
لولا يدنسُ اسمك الاشعارا
لذكرته فيما ذكرتُ..
مرارا
لم أخش قتلاً غادراً.. فلطالما قبلي..
قتلتَ الخير.. والاخيارا
ياكبوةَ الزمن الردي..
وعارهُ
أخجلتَ ياسقط الرجالِ العارا
—-
وفي قصيدة(لاجدوى) يقول
دعكّ مظفر!
دعكَ من الصابون….
أو الديتول
وحتى ماءِ الكوثر..
لاجدوى، هذا لويغسلُ بالجمرِ…
وبالتيزابِ..
مراراً
لايطهر
—–
ومن قصائده القديمة والتي كتبها عام ١٩٧٩ يقول في قصيدة( لم تكتب):
لمَ تكتبُ؟
صريركَ..
بات يمزقُ اوصالي
وجراحي يكلمها البوح
ان كنت تحبَّ الشعر بحق
ياقلمي
فتعالَ
تعالَ نمزقُ اشعارَ الدنيا
ونفتّش عن اثوابٍ اخرى
للحزن، تعال نموت من الصمتِ
اذا شئتْ
نتشظى، نفعل ماشئتَ…
ولكن…
لانكتبْ
—–
هكذا كتب الوائلي قصائده المشرعة وهو يرحل بنا بعيدا مع كلماته التي تفيض شجن والم ومعاناة ومكابدة طالما كان يشعر بها دائما وابدا ولنا وقفة اخرى مع هذا الديوان الذي يعدُّ اضافة ادبية ومعرفية اخرى للحراك الثقافي في العراق والوطن العربي.