كم كانت فرحتي عندما أرسلني عمي إلى أحد أصدقائه القدامى ليتم تعييني في شركه مرموقة بعقد مؤقت بعد سنوات المعاناة في العمل الخاص حينها ذهبت إلى الشركة لمقابلة المدير الذي رحب بي و أرسلني إلى السكرتير لمعرفه الأوراق المطلوبة للألتحاق بالعمل.
بمجرد خروجي من المكتب داعبتني الأحلام فبعد أن ألتحق بالعمل في ذلك الصرح العظيم سوف أبذل كل جهدي حتي يتم تعييني و أحصل علي كل مميزات التعيين من تأمينات و دخل ثابت و علاج مجاني قد أعاني لمده سنوات حتي أحقق ما أريد و لكن تلك ضريبه لابد من أدائها مقدما رغم ضعف اليومية و مشقة العمل بس أحسن من القاعدة و البطالة.
وفي اليوم التالي هممت بكل نشاط أن اجهز اوراقي في أسرع وقت فقد كنت في صراع مع الزمن في تجهيز الأوراق وقد صرفت علي تجهيز تلك الأوراق مبالغ من لحمي الحي و ما هي إلا بضع أيام حتي جهزت ملف تقديم الأوراق و سلمته للسكرتير الذي تناوله بأبتسامه عريضة و أخبرني بمجرد عرض الملف على المدير سيتم الإتصال بي لإستلام العمل
كنت في غايه السرور و أنا أسلم الملف للسكرتير
مر أسبوع في أسبوع و بعد عده أشهر و أنا أنتظر تلك المكالمة التي لم تأتي بعد قررت الذهاب إلى الشركة ولقاء السكرتير فقد مللت الإنتظار وتسلل إلى اليأس و الأحباط.
كان اللقاء فاترا لم برحب بي مثل أول مره و كانت ردوده مقتضبه و لكن مع ألحاحي في معرفه موعد الألتحاق بالعمل وتلهفي للحصول علي وظيفه و شرحي لظروفي الصعبة التي أمر بها و الديون التي أصابتني في مقتل رق لحالي و أخبرني أن الموضوع محتاج صبر و فتح درج مكتب مقابل له و أخرج عشرات من الملفات ظلت حبيسه الدرج منذ عده شهور كلها لراغبي العمل في المؤسسة بنظام اليومية
أنزعجت من كم الملفات فكل ملف وراءه شخص يحلم بالعمل و ربما ظروفه أسوء من ظروفي
وكانت صدمتي أكبر عندما علمت من السكرتير أن تلك الملفات لا أمل لها في العمل لأن هناك ملفات أخرى لأشخاص أكثر أهميه يتم تمريرها بسرعه و بتوصيات وتم ألحاقهم بالعمل بمجرد تقديم الملف
طلبت من السكرتير أن يعطيني ملفي و بكل بساطة أعطاني الملف و كأنه يزيح حمل ثقيل أنهك كتفيه
خرجت من الشركة و كأنني كنت في حلم جميل تحول إلى كابوس مزعج، فكم من حلم تم دفنه في هذه الأدراج، شهقت في ضيق محاولا أحتواء غضبي، فكم مغفل أنتظر أن يخرج ملفة من هذا الدرج
و كم درج موجود في ربوع الوطن. أصبحت تلك الأدراج مثل القبور بلا شواهد تدفن فيها الأحلام البسيطة لمن لا غد له.