أيتها المرأة المتدثرة بخضاب الملائكة
العابقة برضاب عشتار الجليلة الطاهرة
يتألق فيك بزوغ الفجر
يتأجج صليل حبك في دمي
لما تعفرتُ بالضوء بين ذراعيك
رأيت الله بكل شفافيته النورانية
رحماكِ….
تحجبي عن أنظار الأنبياء المراهقين
الذين يهلوسون برؤية لألأء فخذيك
وعنقودي نهديك المتوهجتين وراء ستار الليل.
******
تتدحرج أيامي على منحدر الأفق
نحو سديم الطفولة الباكرة
أتمرغ في ضفائر أمي
أقرأ ما تيسّر من سورة الموت
على مسامع الطير
ثم أزيح غبار الدهور عن سيف الفتوحات
ليختال مزهواً بتقطير الدماء
في شوارع أشبيلية
وأزقة قرطبة
ومسالك بغداد
تغيب أحلامي المشعة في فيافي الريح
دموع أمي تدعوني
لألتقط الأشعة من شرفات الغمام
وجراحي تعزفها مخالب الذئاب الكاسرة
الجاثمة فوق أرض الشمس والمطر
في الشمال الذبيح
أميط اللثام عن الصنم المتأله
فوق ربوع بلادي
أرفرف فوق حدائق بابل
منتشياً بخرير صدى البروق والرعود
أدرك بأن الطريق إلى نينوى
أبعد من موطن أوتنابشتيم
ولكن…
حين أسمع نبض الأرض
تتفتت صخور المستحيل تحت أقدامي
فأمضي في مجاهل الظلام
حاملا قلادة أنليل المبجّل
أمضي مزهواً في فلوات الريح
لأحرر دوموزي من عالم الأموات
وأتعلم أبجدية الموت.
******
كما تتوغل مياه الأمطار في باطن الأرض
هكذا يتغلغل حب جنّة عدن في عروقي
ينساب دجلة بين بطاحها
كرفوف العصافير في مطلع الفجر
ويسيل الفرات رقراقاً كقطيع من الغيم
أنا رعشة حب في عذوبة الأبدية
تترنح على شفتي نجمة الصبح
ويصهل جواد العشق في جسدي
يسطع انبلاجي فوق مفاتن الطريق
المؤدية إلى مقصورة الله.
******
كل من يُصلب على جلجلة قدسية الوطن
يقوم من بين الأموات في اليوم الثالث
مزهواً بريش الملائكة
معطراً بأريج السموات.
*******
كنتُ في وطني
أشبه بطفل تائه
يبكي عند مدخل غابة مظلة
أو طفلٍ عاري في مقبرة
تلاحقه الأشباح.
*******
كما يترنح عصفور الهوى في عشه المخملي
هكذا يتهادى صهيل حب وطني
في مراعي الذكريات
أطالع وجهي كل صباح في مرايا الريح
فأرى خلف شفيف الضياء
وطني يتضوّر كالطير بين الحرائق
يلهث سيزيف في أنفاسه
ويشهد موته ينجلي
كانجلاء المسيح فوق الجلجلة.
******
وطني
آية من المنّ والسلوى
وبخور ومسك ولبان
ولكن….
بعد ربيع الفسق العربي
أصبح وطني
يترنح على خيط مشدود
بين الموت والميلاد.
******
وطني
أخاف أن يأتي يوم
لا تجد من يرثيك.
******
وطني عصفور
يترنح بين المقصلة والنار
ينكمش كالوردة في الصقيع
نزل الوحي عليه إبّان الربيع العربي
قائلا: اقرأ باسم الذين باغتتهم النبوة
من شذّاد الآفاق
القادمون من فجاج البلدان التي يكللها السيف
ليتوضؤا بدمك
ويلعقوا جراحك
ويتشظوا في جسدك
ويقيموا الصلاة بين أفخاذ االجواري
من بناتك العفيفات
ثم يركعون ابتهالا لله
فوق رفاتك.
******
وطني!…
رغم الحريق الهائل الذي يحوطك
لازالت هناك ينابيع دفّاقة
تسقي الواحات الخضراء المشعّة
بين بواديك الزاهية.
******
قريتي….
أشبه بفراشة تتألق في وهج النار
تغسل نهديها كل صباح
بأبخرة الشمس
وبخور السماء
وتنام تحت ظل الله.
******
كان الناي يبكي على وهج أصابعه.
******
دماء أطفالنا
على مر العصور
يشربها الغزاة
كالخمر المعتق في خوابي الدهور.
******
بعد أن يتنزه في منتجعات جسدي
يمضي سابحاً إلى ما لا نهاية
على أمواج العشق
في بحار الوجد والشوق والصبابة
تاركاً غبار الأحزان والمسرّات
على ستائر القلب.
******
ما عاد اليوم جميلا
كما كان بالأمس
كان الشعراء يتقيلون تحت ظلال الفراشات المزوّقة
يتنزل عليهم الوحي من شرفات قوس قزح
فتتوهج قصائدهم كقناديل أزلية
تتطاير من أردانهم حمائم السلام
وكانت الأرض روضة
يتنزه في ربوعها كل بني البشر
بدون استثناء
ولكن…..
حينما هبت رياح الربع الخالي
قتلت جميع أحلام العشاق
وأزالت كل الواحات من الصحراء
وبعثرت جميع الذكريات الجميلة
في مهاوي النسيان.
******
لقد قاد الزعماء والمشايخ الأجلاء
الأمة العربية الشمّاء
من زمن الانتصارات الوهمية
إلى زمن العري الكامل
وانطوى الحلم إلى الأبد
وبات الكل يعلم
بأن العدو لم يأتِ من الخارج أبدا
وإنما انبعث من داخل السجون والمعتقلات
من المحيط إلى الخليج
حيث أصبح الشعب طعاماً لإله مرعب
لا يشبع
ولا يكل
ولا يمل.
. ******
أرتعش حزناً وألما
كلما أسمع بأن طفلا فلسطينياً
قد قضى بين ذراعي أمه المستباحة
وهو حاضن ثديها في فمه
بكل ما أوتي من طفولة بريئة
ولكني أتساءل بيني
وبين نفسي
وأنا مسحور بالدمع المتلألئ في عيني أمي الثكلى
وأوجه السؤال إلى كل الشرفاء
من بني يعرب
وبني عثمان
وبني ميديا القدماء
والمحدثين
وكل شذاذ الآفاق
الذين دنّسوا أرض بلادي الطاهرة
أرض الآلهة… بلاد الرفدين
ماذا عن ملايين الأطفال الأبرياء
الذين قضوا ظلماً وعدوانا
بناء على فتاوى شيوخ الضلالة والغباء
الذين بعد ألفي عام
لم يستطيعوا إنجاب
سوى فاجرة…. اسمها داعش؟