اشترى مولاي ابراهيم جهاز فونوغراف. حدث ذلك في نهاية الستينيات من القرن الماضي. لصعوبة النطق بالكلمة حذف الغراف، وسمّاه الفونو.
يفترش في فصل الصيف، بعد صلاة العشاء، سجاد من الصوف وسط ساحة البيت، ويضع بجانبه صينية الشاي.
ينادي علي ابنه البكر بصوته الجهوري:
ـ حسن هات الفونو والأسطوانات!
ينزل حسن من الطابق العلوي. يبحث في الغرفة المطلة على وسط المنزل. يخرج الفونو، ويضعه بالقرب من والده بحذر. يربط خيطه بالكهرباء، ويقدم له الأسطوانات. عندما يكون مزاجه رائقا يختار اسطوانة الحمداوية.
منذ ذلك الوقت وحسن يسمع الحمداوية تغني:
[إلى خيابت دابا تزيان].
تعطّل الفونو.. وجاء التلفاز. غنت ورقصت الحمداوية بالصوت والصورة.
رحل الوالد.. لا يعرف حسن متى ذهبت الحمداوية وعادت من الحج، لكنه علم من الجرائد بأنها عاشت أياما عصيبة قبل أن ترحل إلى العالم الآخر.
بعد سنوات طويلة من الانتظار، كان يأمل بأن يكون اليوم أجمل من الأمس. لكنه اقتنع في النهاية بأن الحياة بنت الكلب ظلت خائبة، ورفضت أن تصبح زينة كما وعدت المغنية بذلك.
—
المعجم:
ـ [إلى خيابت دابا تزيان]: جملة من أغنية شعبية مشهورة تؤديها الحاجة الحمداوية، ويمكن ترجمتها بالفصحى إذا خابت الحياة اليوم، يمكن أن تصبح غدا جميلة.
مراكش 13 شتنبر 2024