راضية الشهايبي شاعرة تونسية، تحمل قصائدها الكثير من ملامح الحب والاغتراب والصراع، وهي في رحلة دائمة للبحث عن ذاتها . أصدرت الشهايبي ثلاثة دواوين: “ما نشرب من صمتي” – ،2006 “لتراتيل الترحال” – ،2008 “المسار الرقمي للروح” – ،2010 هنا حوار معها:
* تظهر في كتاباتك الشعرية صور ومفردات قصيرة أشبه بقصيدة الومضة، لماذا لا تتيحين للومضة القصيرة مساحة أكبر؟
أكتب قصيدة الومضة، لأني أشعر بشحنة متوترة ومركزة من الانفعال، احتاج لإفراغها بسرعة، لأنها تتحرك شوقا بداخلي للخروج، ولهذا لا استطيع الصبر حتى اكتب قصيدة طويلة، بل أريد أن أجلس في جلسة واحدة اخرج هذا العالم وأركز في قصيدتي على التفاصيل الصغيرة، لان الشعر برأيي هو عصارة الكلام وأنا أحب مساحات الصمت في القصيدة، ولست دائما مع مساحات الكلام الشاسعة واعتقد أنني اكتب نصا واحدا في كل مسيرتي الشعرية، أي أننا نكتب النص نفسه بأشكال أخرى، وكل شاعر له مفاتيحه الخاصة يدخل بها إلى مفردات يأنس إليها حيناً .
* كيف ترين دور المثقفين في استنهاض الأمة؟
ثورات الربيع العربي لم تكن لتنفجر لو لم تنهض على جذر ثقافي فني، ولولا الوعي الذي وفرته النخب الإبداعية والثقافية والفكرية في العالم العربي لما انفجر الشارع العربي بهذا الربيع .
وأعتقد أن الثقافة منذ عقود طويلة كانت تناضل، وكان النظام البائد هنا أو هناك يحاول إخراس الفن وإسكاته وكل أشكال الإبداع التي كانت ملاحقة هي التي يمثلها الشارع العربي، والآن وصلت إلى حالة التحول إلى أن وجد الشاعر لها تعبيرا في الشارع، بمعنى أن الثورة هي تجل أو أحد تعبيرات الوعي، وإحدى مفردات الفن والثقافة التي ترجمت ووجدت متسعا في الشارع .
* ما أبرز التحديات التي تواجه المثقف التونسي؟
التغييرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية تلقي بظلالها الثقيلة على المثقف التونسي، وبالتالي يجد نفسه منغرسا شاء أم أبى في هذا الحراك الذي ليس بالضرورة أن يأتي دائما لصالحه أو لصالح خطابه، بل قد يكون هذا الحراك في مواجهة الثقافي نفسه، وفي مواجهة الثقافة نفسها ورؤية المثقف يجب أن تكون أكثر اتساعا في تعاطيه مع العمل الثوري والالتزام والانحياز لقضايا الجماهير ولدور الثقافة والأدب في تأصيل المدارك وحفظ الحقوق .
* كيف هي العلاقة بينك كأنثى وبين القصيدة؟
شبه الشاعر الكبير الراحل نزار قباني القصيدة بالمرأة، والقصيدة بالنسبة لي أنثى من نوع خاص، جامحة صعبة الترويض والأمر يختلف، لأنه يصبح أكثر حميمية وأكثر عمقا وجاذبية بالنسبة للشاعرة، أنا أختصر أنوثتي في قصيدة تعبر عن جمال الأنثى وهمومها وحبها وعشقها وتمردها وخيبتها، فالقصيدة أنثى بشكل أو بآخر .
* ما مقومات القصيدة الناجحة؟
لا توجد مقاييس أو معايير ثابتة، ولكن يبقى أهم شيء هو معيار اللغة والمعرفة، فهما الأفق الذي يمنحنا إياه النص الإبداعي، والقصيدة تستطيع تشكيل بنائها اللغوي والشكلي الذي يعطيها صيغتها النهائية وملامح مرونتها وقابليتها للتجديد والاتساع لمضامين جديدة، وبالرغم من ذلك يبقى تحديد معايير القصيدة الرصينة نسبيا، لان اللغة في حد ذاتها تقبل التغيير والتجديد في نفس الوقت .
* ماذا قدمت قصيدة النثر للشعر العربي؟
لا يمكن إنكار أو تجاهل ما وصلت إليه قصيدة النثر من انتشار، فقد أثبتت نفسها كجنس مميز قادر على التجديد والتجدد والتأقلم مع متغيرات العصر، ولا يمكن إنكار دورها في تطور الشعر العربي، قصيدة النثر أمدت الشعر العربي بروح جديدة ونظرة مستقبلية استشرفت مقومات تجديدية على مستوى الفكر والمضمون والموضوع واللغة والمفردات، جعلت الشعر أكثر جمالا ومتعة وعطاء .