عن دار ألف في دمشق صدر هذا الشهر كتاب د. صالح الرزوق (الاتجاه المعاكس في كتابات صباح الأنباري).
وفيه يتناول موضوعين أساسيين هما: الحدود بين الأنواع الأدبية والفرق بين الحداثة والتجريب.
بالنسبة للحدود يرى الناقد أن الأنباري مخلص لمفهوم الدراما وليس لشكل وأسلوب المسرح. فهو لا يعول كثيرا على الحبكة أو العقدة المسرحية ولكنه يتمسك بفكرة الأداء على الخشبة بحضور نظارة.
وأهم عناصر فن المسرح المفقودة في كتابات الأنباري هي الحوار في مسرحياته الصامتة والتسلسل في مسرحياته الناطقة. وعليه كان اهتمامه الأول بالحالة النفسية للشخصيات وبمشاعر الخوف والرهبة في جو من العنف والقسوة يذكرنا بمسرح القسوة لانطونين أرتو.
أما بالنسبة لفكرة الحداثة في مسرحيات الأنباري يرى الناقد أنه كاتب حديث ولكن خارج مفهومنا للحداثة الكلاسيكية. بمعنى أنه تجريبي ويلغي نفسه باستمرار.
أحيانا يلتزم بفكرة المسرح كعرض يفترض المشاهدة وأحيانا يقترب من كتابة مونولوجات واعترافات نفسية لا تختلف عن شكل ومضمون القصة الجديدة التي مهد لها الطريق في فرنسا بوتور وكلود سيمون.
بالإضافة لذلك يركز الكتاب على شكلين أساسيين اهتم بهما الأنباري: المونودراما و المسرح التاريخي. و يحاول الناقد أن يجادل موضوعة التاريخ.. هل هو تاريخ فعلي أم أنه تفكيك لأثر التاريخ وتراكماته في حياتنا كأفراد يمثلون جماعات نمطية.
وينتهي الكتاب بحوار ذي شجون يدور بين الناقد والأنباري يتحدثان فيه بصوت مرتفع عن علاقة الفن بالسلطة والمجتمع والذات الفنية.
ويؤكد الكتاب منذ البداية في (التمهيد) أنه مجرد ملاحظات حول المسرح بشكل عام وتجربة صباح الأنباري بشكل خاص. ويدعو النقاد للإدلاء بدلوهم في الموضوع. وبهذا المعنى يقول:
“لقد كانت الغاية من هذه القراءة الموجزة إثارة المزيد من التساؤلات وفتح المزيد من النوافذ على هموم المسرح المعاصر وعلاقته بالفكرة الفنية ثم بالأدوات أو القانون – وهذا عندي هو اللغة والأسلوب. وكلاهما من ممتلكات ومتاع الأب كما يرى روسو ومن بعده لاكان. فاللغة والشكل الفني هما اختراع أبوي. وهذا يعني أن لهما حصانة وحتى لا نقع بالتكرار يجب أن نقع بالخطيئة وأن نحمل وزر التفكير بتحدي القوانين المرعية. وهنا تبدأ المشكلة..
هل أزمع صباح الأنباري على قتل الدراما. وهل شحذ سكاكينه للطعنة القاتلة؟؟..”