قد تكون التجربة اوسع واشمل وربما تكون اصعب حين تمتزج المفاهيم المتقاربة والمتشابكة في أن واحد ، فالتحولات المتعددة والتطلعات الجديدة التي شهدتها الساحة العراقية خلال السنوات الست الماضية رسمت ملامح وارست اسس ومفاهيم لكل المعايير الاجتماعية والسياسية والتربوية والثقافية … الخ .
والاعلام احد الميادين بل اخطرها واهمها في عكس الصورة المتوالدة من تجليات الماضي واشتغالات الحاضر والمستقبل .
لقد امسى الاعلام اداة تصنع الحياة تنحتها بأطر وافق تتناسق وتتناغم مع واقع الفجر الجديد بألا لامة وافراحه معاً .
من هذا المنطلق تعددت الاراء واختلفت الرؤى حول دور المثقف في صناعة الاعلام الوطني ودور الاعلام في تأثيره على المثقف والمجتمع – فكرة تجلت لتضعنا امام محك مهم ، كيف يمكن ان نصل الى بر الامان في ايجاد مفهوم للاعلام الوطني ؟ وما دور المثقف في هذا الميدان ؟
موضوع حيوي ومثير للجدل قدمته دار الشؤون الثقافية بجلسة حملت الشعار نفسه ( دور المثقف في صناعة الاعلام الوطني ) عقدت في قاعة غائب طعمة فرمان في الدار يوم الاربعاء المصادف 22 / 7 / 2009 لتضم نخبة من مثقفي واعلاميي العراق ممن مارسوا العمل الثقافي والاعلامي ليقدموا افكارهم واراءهم ولتتخلل الجلسة مداخلات فكرية ونقدية لعدد اخر من الكتاب والمثقفين .
ادار دفة الحوار وقدمها الدكتور فائز الشرع / استاذ في جامعة بغداد .
وكانت البداية مع ( الشاعر نوفل ابو رغيف ) مدير عام دار الشؤون الثقافية العامة وراعي هذا التجمع الثقافي وصاحب الفكرة في تقديم الموضوع امام الرأي العام .
تناول بكلمته جانباً من التحول الكبير الذي شهده العراق والذي بدأ يستكمل ادواته ويواصل تشكله وصولاً الى القدرة على التعبير عن الواقع .
فالصحافة باشكالها وتمظهراتها المتعددة سجلت صدى لافتاً عد ضرباً من ضروب التغيير في الهوية الاعلامية ، معرجباً على اشكاليتين رئيسيتين بقيتا مبهمتين تمثلتا بـ :
1- الاعلام الوطني / مفهوماً وادوات ورؤية قلقة ومصطلحاً لم يحسم بعد
2- الاعلام الواعي / او الاعلام المثقف ومدى القبول بصحة هذا التوصيف .
ليطرح بعدها جملة تساؤلات تصب في مفهوم وطنية الاعلام وستراتيجيتة منها .
أ- هل سيحسم التنازع حول مفهوم الوطنية في الاعلام ومن ذا يمتلك احقية ان يقرر صحة ما يتبناه في زحمة الرؤى والمواقف ، ودور الثقافة في خلق وتوجيه الاجندة الاعلامية ؟ وماهو دور الاعلام المثقف عن سواه ؟ ومدى تأثير المؤسسة الثقافية في صناعة الاعلام المميز ؟ والثقافة وتأثيرها في انتاج خطاب اعلامي ؟ كلها تساؤلات تحتاج اكثر
من ندوة لمناقشتها والبحث عن اجوبتها بشكل مقنع يتلاءم مع واقع المرحلة الراهنة .
قدمت بعدها اوراق عمل متعددة تمحورت حول النقطة الجوهرية في دور المثقف في صناعة الاعلام الوطني
تناول الشاعر عبد الزهرة زكي (نائب رئيس مؤسسة المدى الثقافية ) صلة الاعلام بالثقافة وبين صعوبة الفصل بين المفهومين ضارباً المثل بتسمية وزارة الثقافة والاعلام التي جمعت المصطلحين لتصنع منهما وزارة تشمل في مؤسساتها المثقفون والاعلاميون معاً ، فالصحافة بوسائطها المختلفة (الالكترونية ) والتقليدية نشأت وترعرعت في احضان الثقافة والدليل على ذلك ان اول نقيب للصحفيين كان الشاعر المعروف (محمد مهدي الجواهري ) ومجلس النقابة انذاك ضم نخبة من ارقى المثقفون في العراق فالصحافة اذن هي المهنة الاساسية لعمل المثقفين .
اما تجربة صحيفة (المدى ) فربما تكون متميزة نوعاً ما وقد خضعت لمراهنات كثيرة كون مؤسسيها (زهير الجزائري ، سلوى زكو ، فخري كريم ) من المثقفين بأستثناء الاخير فهو اعلامي معروف والعاملون فيها كذلك من امثال عبد الزهرة زكي وصفاء صنكور (نقاد وكتاب وشعراء ) ، اذن الصحيفة نجحت وتواصلت بالرغم من خطابها الثقافي الواضح على الصفحات الثقافية فيها لكنها قدمت تحقيقات صحفية ناجحة بدءاً باول تحقيق لها عن منطقة الاهواروالاخبار والتقارير السياسية لها نصيباً اوفر فضلاً عن الدراسات والبحوث النقدية ونجحت (المدى ) باغناء قراءها باصدار (الكتاب الشهري ) الذي يطبع ويوز مجاناً ، ولم تغفل عن تغطية الاحداث السياسية والثقافية معاً ، لقد قدمت ( المدى ) دليلاً قاطعاً على امتزاج الخبرات الصحفية والثقافية (في الداخل والخارج ) صنعت خطايا وعملاً اعلامياً مثقفاً ، وسيبقى عملها على هذا المنوال لتنتج اعلاماً عراقياً يرتقي بمستوى وتفكير المواطن العراقي الطموح .
الاستاذ (باسم العوادي ) عضو هيئة الامناء في شبكة الاعلام العراقي تناول الموضوع من مفهوم اخر ابتداه بتساؤل ماهي جدلية العلاقة بين المثقف والاعلام ؟ وهل العلاقة – علاقة تشابه وتقارب ؟ فلكل مفهوم منهما تفسيره الخاص من ناحية المنطق ، فالاعلام صنعة بينما الثقافة فطرة وغزيرة ، فكل منا يطمح ان يكون مثقفاً لكن ليس الجميع يطمح ان يكون اعلامياً .
ثم تحدث عن دور الثقافة عبر التاريخ الانساني ، وكيف عاشت ونمت بدون الاعلام – الاعلام الذي انطلق مع الثورة التكنلوجية الحديثة ، ليعود ويقارب مرة اخرى بين المفهومين بوصفه الثقافة هي الروح والاعلام هو الجسد الذي يعكس جمالية الروح ، ولينحى منحي جديد في وصف الثقافة ودورها في احداث التغيير في الاوضاع الاجتماعية والمنعطفات السياسية ولتوصف امم وحكام بأنهم مثقفون او همجيون عبر تجارب وطرق التعامل مع الاخرين ، ثم يدخل الشعر بعد ذلك في حقل الاعلام كونه كان اول وسائله في التعبير .
وليجيب الاستاذ (باسم ) عن تساءول الشاعر (نوفل ابو رغيف ) عن الاعلام الوطني وكيف سيحسم التنازع حوله ؟
فوسائل الاعلام متعددة وكثيرة منها وسائل مثقفة واخرى لاتمتلك الثقافة كما ان مفهوم الوطنية لدى العراقيين قد اختلفت ولايوجد اجماع عليه فما تراه هذه الوسيلة وطنياً قد تراه وسيلة اخرى عكس ذلك ، والمشرفون والمتصرفون بالصحف ووسائل الاعلام لهم الدور الاكبر في تحديد سمة الوطنية ، اما التساءول حول مدى تأثير المؤسسة الثقافية فالثقافة دائماً تلعب دور الرقيب والرقابة على الاعلام ولاكن تبقى الصلة متلازمة بين الاعلام والثقافة فلايمكن للاعلام ان يرتقي الابوجود الرقابة الثقافية عليه .
الاستاذ حميد المختار / رئيس تحرير مجلة الشبكة العراقية
ربما كان حديثه متميزاً يدخلنا بعالم الرومانسية والحلم قدمه باسلوب الروائي يسحبك رغماً عنك للاستماع لرأية ، فهو يرى ان الاعلام بتجلياته كافة هو الفخ الذي يدخله المثقف طوعاً ليقضي فية اياماًَ وليالي يحرر الاخبار ويصححها يصقل لغته يجعله يحلم برواية شاملة متنقلاً بين الشعر والفلسفة والعلم ، فالاعلام حقل واسع زرعناه اشواكاً ، لكن هل حقاً ان الصحافة والاعلام مفسدة للادب ؟ هما أتون لحرق الذات ، ندخله بانفسنا ليخرجنا من العزلة التي نحيا ها فلا عزلة مع الواقع ، الذي ننحدر من سيله الجازف الى قيمة اللذه ، الاعلام خامات نستطيع ان نبني منها نصوصاً لاعمالنا الدرامية ، فالنص كالوطن تماماً عليك ان تتعلم كيف تضحي وانت تبني اعلاماً وطنياً حراً شريفاً .
اخيراً تحدث الصحفي هادي جلو مرعي / مدير مرصد الحريات الصحفية ليعيدنا الى ارض الواقع بورقته الثائرة والاكثر حماساً والتي خرجت احياناً عن اطار الموضوع ، فالصحفيون لهم دورهم في صناعة الرأي العام عبر وسائل الاعلام فالصحفي العراقي يواجه متاعب شتى تتمثل اولها بعدم اهتمام السياسيون بالصحفيين ، لقد جير الساسة الاعلام لصالحهم
فالصحفي اليوم يتعرض للاهانة والعنف امام الجميع ، والاعلام لازال ناشئاً فتياً يتمايل مع هذه الكتلة او هذا الحزب ، حتى القنوات الفضائية تحكمها التوجهات السياسية فكلامنا هذا على سبيل المثال سيظهر وفقاً لسياقات عمل كل قناة وبحسب توجهها السياسي .
وهنا اختلطت المفاهيم الوطنية لدى الصحفي مرة اخرى وصار من الصعب فرز وتحليل المفهوم الحقيقي للوطنية
انتهت اوراق عمل الجلسة لتجرنا الى مداخلات عديدة فالشاعر ( نوفل ابو رغيف ) يرى ان الفصل بين الثقافة
والاعلام امر غير وارد وان تغليب الثقافة غير مبرر خاصة وان الموضوع محدد بدور المثقف في صناعة الاعلام وتمنى ان تكون الجلسة اكثر هدوءاً
بينما رأى الناقد (محمد السباهي ) ان العراق يحترق فلامجال للهدوء بل لابد ان تكون اكثر حماساً وان مثقفوا الداخل تعرضوا للرصاص والاذى والتهجير بينما يتنازع السياسيون على المناصب ، وبقيت الديمقراطية شعارات ترفع لتحقيق المصالح الخاصة في حين بقي المثقف والاعلامي والاديب يسعون لبلورة صورة الاعلام الوطني .
ترى الاعلامية ( ضمياء الربيعي ) ان مفهوم الاعلام الوطني غير واضح ووسائل الاعلام تقدمه وفقاً لنظرتها الخاصة وتعقيباً على مسك زمام الصحافة بيد المثقفين هو امر غير مرغوب فبينما يهتم المثقف بالنتاج الثقافي يهتم الصحفي بمستجدات الاخبار والاحداث الحاصلة .
أما الكاتب ( حسب الله يحيى ) فتأسف عن عدم الوقوف حداداً على حرق مطابع دار الشؤون الثقافية العامة هذه المطابع التي أحتوت كلماتنا وحروقنا ، كما ان عنوان الجلسة عائم وينبغي على الاعلامي ان يكون مثقفاً كي يقنع الرأي العام وهذا لم تنشده في هذه الجلسة وان من يرى في الثقافة فطرة وغريزة ورغبة وفي الاعلام صنعة رأي غير صائب .
الاستاذ ( جبار المشهداني ) تحدث عن اشكالات المثقف العراقي فالمؤسسات الثقافية لازالت تفرض شروطاً على المثقفين .
الشاعر والاعلامي (محمد الكعبي ) يعتقد ان التقاليد القديمة لازالت تؤثر في مجريات العمل الصحفي الذي يخضع للامزجة والمؤسسات الاعلامية بقيت خاضعة للسيطرة السياسية وعلينا التخلص من الازدواجية لنتمكن من صناعة اعلام وطني حر.
اخيراً جاءت مداخلة الاعلامي (حيدر قاسم ) لتختم الجلسة حيث اكد على ضرورة المزج بين الصحافة والثقافة وان الاعلاميين وقعوا ضحية للوضع الذي نعيشه وابتعد بعض المثقفين عن هدف الثقافة بسبب ابحارهم في عالم السياسة العميق.
مداخلات واجابات ومحاورات ساخنة لاتقل في حرارتها عن حرارة اليوم التموزي الذي عقدت فية الجلسة النقدية لكنها افتقرت الى عنصر وعضو فعال لم يبدي رأيه فيما اثيرت من نقاشات انهم اساتذة واكاديميوا كلية الاعلام الذين غابوا عن الجلسة ولانعرف ما السبب ؟ ربما لعدم توجيه الدعوة لهم ، فكان من المفترض ان يبرزوا دور الاعلام وليضعوا مفهوماً محدداً وواضحاً للاعلام الوطني
تبقى هذه الملتقيات بما تقدمه من اوراق عمل وطروحات وسيلة لتطوير الوعي والافكار وتبحث عن جوهر الاختلاف بوجهات النظر ، فأ نضاج وسائل الاعلام وبلورتها يبقى مرهوناً بيد الاعلامي المثقف المتمكن من صنع القرار لنفسه ووضع الاجوبة لكل مايدور في خاطر القارئ او مايسعى للوصول اليه
نتمنى ان تكون دار الشؤون الثقافية العامة دوماً بودقة تحتوي الافكار الخلافة المتطلعة لمستقبل زاهر يكون الاعلام فيه راقياً ، وان تبقى هذه المؤسسة داراً للنتائج الثقافي المتنوع والمتلون بألوان الشعب العراقي بأطيافه واشكاله
والاعلام احد الميادين بل اخطرها واهمها في عكس الصورة المتوالدة من تجليات الماضي واشتغالات الحاضر والمستقبل .
لقد امسى الاعلام اداة تصنع الحياة تنحتها بأطر وافق تتناسق وتتناغم مع واقع الفجر الجديد بألا لامة وافراحه معاً .
من هذا المنطلق تعددت الاراء واختلفت الرؤى حول دور المثقف في صناعة الاعلام الوطني ودور الاعلام في تأثيره على المثقف والمجتمع – فكرة تجلت لتضعنا امام محك مهم ، كيف يمكن ان نصل الى بر الامان في ايجاد مفهوم للاعلام الوطني ؟ وما دور المثقف في هذا الميدان ؟
موضوع حيوي ومثير للجدل قدمته دار الشؤون الثقافية بجلسة حملت الشعار نفسه ( دور المثقف في صناعة الاعلام الوطني ) عقدت في قاعة غائب طعمة فرمان في الدار يوم الاربعاء المصادف 22 / 7 / 2009 لتضم نخبة من مثقفي واعلاميي العراق ممن مارسوا العمل الثقافي والاعلامي ليقدموا افكارهم واراءهم ولتتخلل الجلسة مداخلات فكرية ونقدية لعدد اخر من الكتاب والمثقفين .
ادار دفة الحوار وقدمها الدكتور فائز الشرع / استاذ في جامعة بغداد .
وكانت البداية مع ( الشاعر نوفل ابو رغيف ) مدير عام دار الشؤون الثقافية العامة وراعي هذا التجمع الثقافي وصاحب الفكرة في تقديم الموضوع امام الرأي العام .
تناول بكلمته جانباً من التحول الكبير الذي شهده العراق والذي بدأ يستكمل ادواته ويواصل تشكله وصولاً الى القدرة على التعبير عن الواقع .
فالصحافة باشكالها وتمظهراتها المتعددة سجلت صدى لافتاً عد ضرباً من ضروب التغيير في الهوية الاعلامية ، معرجباً على اشكاليتين رئيسيتين بقيتا مبهمتين تمثلتا بـ :
1- الاعلام الوطني / مفهوماً وادوات ورؤية قلقة ومصطلحاً لم يحسم بعد
2- الاعلام الواعي / او الاعلام المثقف ومدى القبول بصحة هذا التوصيف .
ليطرح بعدها جملة تساؤلات تصب في مفهوم وطنية الاعلام وستراتيجيتة منها .
أ- هل سيحسم التنازع حول مفهوم الوطنية في الاعلام ومن ذا يمتلك احقية ان يقرر صحة ما يتبناه في زحمة الرؤى والمواقف ، ودور الثقافة في خلق وتوجيه الاجندة الاعلامية ؟ وماهو دور الاعلام المثقف عن سواه ؟ ومدى تأثير المؤسسة الثقافية في صناعة الاعلام المميز ؟ والثقافة وتأثيرها في انتاج خطاب اعلامي ؟ كلها تساؤلات تحتاج اكثر
من ندوة لمناقشتها والبحث عن اجوبتها بشكل مقنع يتلاءم مع واقع المرحلة الراهنة .
قدمت بعدها اوراق عمل متعددة تمحورت حول النقطة الجوهرية في دور المثقف في صناعة الاعلام الوطني
تناول الشاعر عبد الزهرة زكي (نائب رئيس مؤسسة المدى الثقافية ) صلة الاعلام بالثقافة وبين صعوبة الفصل بين المفهومين ضارباً المثل بتسمية وزارة الثقافة والاعلام التي جمعت المصطلحين لتصنع منهما وزارة تشمل في مؤسساتها المثقفون والاعلاميون معاً ، فالصحافة بوسائطها المختلفة (الالكترونية ) والتقليدية نشأت وترعرعت في احضان الثقافة والدليل على ذلك ان اول نقيب للصحفيين كان الشاعر المعروف (محمد مهدي الجواهري ) ومجلس النقابة انذاك ضم نخبة من ارقى المثقفون في العراق فالصحافة اذن هي المهنة الاساسية لعمل المثقفين .
اما تجربة صحيفة (المدى ) فربما تكون متميزة نوعاً ما وقد خضعت لمراهنات كثيرة كون مؤسسيها (زهير الجزائري ، سلوى زكو ، فخري كريم ) من المثقفين بأستثناء الاخير فهو اعلامي معروف والعاملون فيها كذلك من امثال عبد الزهرة زكي وصفاء صنكور (نقاد وكتاب وشعراء ) ، اذن الصحيفة نجحت وتواصلت بالرغم من خطابها الثقافي الواضح على الصفحات الثقافية فيها لكنها قدمت تحقيقات صحفية ناجحة بدءاً باول تحقيق لها عن منطقة الاهواروالاخبار والتقارير السياسية لها نصيباً اوفر فضلاً عن الدراسات والبحوث النقدية ونجحت (المدى ) باغناء قراءها باصدار (الكتاب الشهري ) الذي يطبع ويوز مجاناً ، ولم تغفل عن تغطية الاحداث السياسية والثقافية معاً ، لقد قدمت ( المدى ) دليلاً قاطعاً على امتزاج الخبرات الصحفية والثقافية (في الداخل والخارج ) صنعت خطايا وعملاً اعلامياً مثقفاً ، وسيبقى عملها على هذا المنوال لتنتج اعلاماً عراقياً يرتقي بمستوى وتفكير المواطن العراقي الطموح .
الاستاذ (باسم العوادي ) عضو هيئة الامناء في شبكة الاعلام العراقي تناول الموضوع من مفهوم اخر ابتداه بتساؤل ماهي جدلية العلاقة بين المثقف والاعلام ؟ وهل العلاقة – علاقة تشابه وتقارب ؟ فلكل مفهوم منهما تفسيره الخاص من ناحية المنطق ، فالاعلام صنعة بينما الثقافة فطرة وغزيرة ، فكل منا يطمح ان يكون مثقفاً لكن ليس الجميع يطمح ان يكون اعلامياً .
ثم تحدث عن دور الثقافة عبر التاريخ الانساني ، وكيف عاشت ونمت بدون الاعلام – الاعلام الذي انطلق مع الثورة التكنلوجية الحديثة ، ليعود ويقارب مرة اخرى بين المفهومين بوصفه الثقافة هي الروح والاعلام هو الجسد الذي يعكس جمالية الروح ، ولينحى منحي جديد في وصف الثقافة ودورها في احداث التغيير في الاوضاع الاجتماعية والمنعطفات السياسية ولتوصف امم وحكام بأنهم مثقفون او همجيون عبر تجارب وطرق التعامل مع الاخرين ، ثم يدخل الشعر بعد ذلك في حقل الاعلام كونه كان اول وسائله في التعبير .
وليجيب الاستاذ (باسم ) عن تساءول الشاعر (نوفل ابو رغيف ) عن الاعلام الوطني وكيف سيحسم التنازع حوله ؟
فوسائل الاعلام متعددة وكثيرة منها وسائل مثقفة واخرى لاتمتلك الثقافة كما ان مفهوم الوطنية لدى العراقيين قد اختلفت ولايوجد اجماع عليه فما تراه هذه الوسيلة وطنياً قد تراه وسيلة اخرى عكس ذلك ، والمشرفون والمتصرفون بالصحف ووسائل الاعلام لهم الدور الاكبر في تحديد سمة الوطنية ، اما التساءول حول مدى تأثير المؤسسة الثقافية فالثقافة دائماً تلعب دور الرقيب والرقابة على الاعلام ولاكن تبقى الصلة متلازمة بين الاعلام والثقافة فلايمكن للاعلام ان يرتقي الابوجود الرقابة الثقافية عليه .
الاستاذ حميد المختار / رئيس تحرير مجلة الشبكة العراقية
ربما كان حديثه متميزاً يدخلنا بعالم الرومانسية والحلم قدمه باسلوب الروائي يسحبك رغماً عنك للاستماع لرأية ، فهو يرى ان الاعلام بتجلياته كافة هو الفخ الذي يدخله المثقف طوعاً ليقضي فية اياماًَ وليالي يحرر الاخبار ويصححها يصقل لغته يجعله يحلم برواية شاملة متنقلاً بين الشعر والفلسفة والعلم ، فالاعلام حقل واسع زرعناه اشواكاً ، لكن هل حقاً ان الصحافة والاعلام مفسدة للادب ؟ هما أتون لحرق الذات ، ندخله بانفسنا ليخرجنا من العزلة التي نحيا ها فلا عزلة مع الواقع ، الذي ننحدر من سيله الجازف الى قيمة اللذه ، الاعلام خامات نستطيع ان نبني منها نصوصاً لاعمالنا الدرامية ، فالنص كالوطن تماماً عليك ان تتعلم كيف تضحي وانت تبني اعلاماً وطنياً حراً شريفاً .
اخيراً تحدث الصحفي هادي جلو مرعي / مدير مرصد الحريات الصحفية ليعيدنا الى ارض الواقع بورقته الثائرة والاكثر حماساً والتي خرجت احياناً عن اطار الموضوع ، فالصحفيون لهم دورهم في صناعة الرأي العام عبر وسائل الاعلام فالصحفي العراقي يواجه متاعب شتى تتمثل اولها بعدم اهتمام السياسيون بالصحفيين ، لقد جير الساسة الاعلام لصالحهم
فالصحفي اليوم يتعرض للاهانة والعنف امام الجميع ، والاعلام لازال ناشئاً فتياً يتمايل مع هذه الكتلة او هذا الحزب ، حتى القنوات الفضائية تحكمها التوجهات السياسية فكلامنا هذا على سبيل المثال سيظهر وفقاً لسياقات عمل كل قناة وبحسب توجهها السياسي .
وهنا اختلطت المفاهيم الوطنية لدى الصحفي مرة اخرى وصار من الصعب فرز وتحليل المفهوم الحقيقي للوطنية
انتهت اوراق عمل الجلسة لتجرنا الى مداخلات عديدة فالشاعر ( نوفل ابو رغيف ) يرى ان الفصل بين الثقافة
والاعلام امر غير وارد وان تغليب الثقافة غير مبرر خاصة وان الموضوع محدد بدور المثقف في صناعة الاعلام وتمنى ان تكون الجلسة اكثر هدوءاً
بينما رأى الناقد (محمد السباهي ) ان العراق يحترق فلامجال للهدوء بل لابد ان تكون اكثر حماساً وان مثقفوا الداخل تعرضوا للرصاص والاذى والتهجير بينما يتنازع السياسيون على المناصب ، وبقيت الديمقراطية شعارات ترفع لتحقيق المصالح الخاصة في حين بقي المثقف والاعلامي والاديب يسعون لبلورة صورة الاعلام الوطني .
ترى الاعلامية ( ضمياء الربيعي ) ان مفهوم الاعلام الوطني غير واضح ووسائل الاعلام تقدمه وفقاً لنظرتها الخاصة وتعقيباً على مسك زمام الصحافة بيد المثقفين هو امر غير مرغوب فبينما يهتم المثقف بالنتاج الثقافي يهتم الصحفي بمستجدات الاخبار والاحداث الحاصلة .
أما الكاتب ( حسب الله يحيى ) فتأسف عن عدم الوقوف حداداً على حرق مطابع دار الشؤون الثقافية العامة هذه المطابع التي أحتوت كلماتنا وحروقنا ، كما ان عنوان الجلسة عائم وينبغي على الاعلامي ان يكون مثقفاً كي يقنع الرأي العام وهذا لم تنشده في هذه الجلسة وان من يرى في الثقافة فطرة وغريزة ورغبة وفي الاعلام صنعة رأي غير صائب .
الاستاذ ( جبار المشهداني ) تحدث عن اشكالات المثقف العراقي فالمؤسسات الثقافية لازالت تفرض شروطاً على المثقفين .
الشاعر والاعلامي (محمد الكعبي ) يعتقد ان التقاليد القديمة لازالت تؤثر في مجريات العمل الصحفي الذي يخضع للامزجة والمؤسسات الاعلامية بقيت خاضعة للسيطرة السياسية وعلينا التخلص من الازدواجية لنتمكن من صناعة اعلام وطني حر.
اخيراً جاءت مداخلة الاعلامي (حيدر قاسم ) لتختم الجلسة حيث اكد على ضرورة المزج بين الصحافة والثقافة وان الاعلاميين وقعوا ضحية للوضع الذي نعيشه وابتعد بعض المثقفين عن هدف الثقافة بسبب ابحارهم في عالم السياسة العميق.
مداخلات واجابات ومحاورات ساخنة لاتقل في حرارتها عن حرارة اليوم التموزي الذي عقدت فية الجلسة النقدية لكنها افتقرت الى عنصر وعضو فعال لم يبدي رأيه فيما اثيرت من نقاشات انهم اساتذة واكاديميوا كلية الاعلام الذين غابوا عن الجلسة ولانعرف ما السبب ؟ ربما لعدم توجيه الدعوة لهم ، فكان من المفترض ان يبرزوا دور الاعلام وليضعوا مفهوماً محدداً وواضحاً للاعلام الوطني
تبقى هذه الملتقيات بما تقدمه من اوراق عمل وطروحات وسيلة لتطوير الوعي والافكار وتبحث عن جوهر الاختلاف بوجهات النظر ، فأ نضاج وسائل الاعلام وبلورتها يبقى مرهوناً بيد الاعلامي المثقف المتمكن من صنع القرار لنفسه ووضع الاجوبة لكل مايدور في خاطر القارئ او مايسعى للوصول اليه
نتمنى ان تكون دار الشؤون الثقافية العامة دوماً بودقة تحتوي الافكار الخلافة المتطلعة لمستقبل زاهر يكون الاعلام فيه راقياً ، وان تبقى هذه المؤسسة داراً للنتائج الثقافي المتنوع والمتلون بألوان الشعب العراقي بأطيافه واشكاله