آمنتُ بها وراهنتُ

الصحراء تتسع ، تستولي على الضحك، على تسرب الماء نحو الشجرة، على القوت اليومي، على القليل من الصبر المتبقي وعلى صدق الدفء.
أبذل جهداً للغناء من تسرِّب الماء، فينقطع الزمن .
ابذل جهدا للصوت من ضلفة شباك الضحك، تتوالى المتراخيات وتتراكم بصيغة جمع.
أتحسس القوت اليومي، أبذل جهد اللـَّمس ، تتشوك الدقائق وتتحول إلى صبـَّار مُر ومتحجِّر.
في القليل المتبقى من ذخيرة الصبر أرفع أنصاب الذكرى، أتخيل أصدقائي القدامى، أصدقائي الجدد، وكمأخوذ ة بالسُكر أتخيل أصدقاء الغد.
أستأنف الجهد المبذول ، أكنس حديقة المنزل من قش المستبل.
هذا لا يعني أني لا أحترم الوقت،لكني كما قلت حين تسرب الماء من أصابع الشجرة توقف الزمن.
هل نعد الأشجار التي تسرب ماؤها ولم يمر بالجذر؟
الذهاب، الغياب، الرجوع، الصخب والصمت، كل هذا الخليط غير المتجانس ألا يستحي على نفسه ويرسم لوحته الجديدة؟ ألا يدري أن الصحراء تتسع؟
حتى الموت ممكن أن نخلق منه رائحة عطرية،،إذاً ……
أين الأقحوان ؟
ألا نعيد الماء لشجرته؟
هناك مجمرة تنتظر.. بالنسبة لي سارمي بها القش الذي كنسته من الحديقة وإن اضطربتُ، وإن اشمأزت عيون الساعات ممن لا يعرفون الخلاص، وإن، وإن، و….. أعرف أن هناك مجمرة تنتظر.
الصحراء تتسع… لكم الارتقاء … الصحراء تتسع.. لكم الطامح من الرذاذ.
الصحراء تتسع… لكم القداسة، الجنون، الفعل، العبث، البعث، والكلام.
لا أريد أن أتحول إلى عالمة، العالـِم لا يقيس الأشياء بميزان القلب.
لا أريد لعيوني أن تصبح ناقدة، الناقد يكذب على لحيته تماشياً مع نصفه الأسفل ويعلل سقوطه.
لا أريد أن أصبح وزيرة، الوزارة لم تـُخلق لعشاق الأوطان.
لا أريد أن أصبح مفتية، المفتي يستنبط أحكاماً وفق عورته.
لا أريد لـِما لا أريده أن يكون.
أريدكم طائراً تتعلل في المساء قرب جناحه جراح الرياح.
لقد أجهدتكم، لكن الصحراء تتسع.
الكلمات معدنية آكلها من جوعي وأدعوكم لمأدبة الكلام.
إذاً… كلوا معادنكم ،اشربوا الصحراء ، وتهيأوا لمأدبة يصبح بها كل انتهاءٍ ابتداء.
كل شيء تزيِّفه الصحراء إلا شفاهكم.
آمنتُ بها وراهنتُ..
…
لأنها حكمة الطيران.