يحرص معظم الأباء على مراقبة أبنائهم و إيجاد طرق للتعامل معهم في ظل التطورات الحاصلة في المجتمع العربي من تقدم علمي و تكنولوجي و تغيرات ثقافية و فكرية تخطت الحدود وعمقت المسافة بين الاباء و فلذات أكبادهم
فاتضح أن هذا الجيل قد ركب قاطرة التقدم في محاولة منه لمسايرة العصر و التأقلم مع المستجدات و المتغيرات و يظهر هذا جليا في نظرة الأبناء الى الحياة ونمط عيشهم الذي طالما انتقده أولياء أمورهم و اعتبروه مخالفا للمنهاج الذي ساروا عليه و الثقافة التي استمدوا أفكارهم و توجهاتهم منها
و نتيجة لهذا التصور الخاطئ عند بعض الاباء اتسعت الفجوة و تصارعت الأفكار بين الجيلين دون مراعاة الفارق الزمني فانعكس الإفراط في المراقبة على نفسية الأبناء و جعلهم أسرى للأوامر الفوقية التي تصدر عن آبائهم .
هذا النوع من الرقابة كانت له تداعيات خطيرة على استقلالية الأبناء و فقدانهم القدرة على إثبات الذات و تكوين الشخصية إذ يطمح معظمنا إلى جعل ابنه نسخة طبق الأصل منه و إن كان هذا التصرف نابعا عن حسن نية منا إلا أننا قد جانبنا الصواب و لم نكلف أنفسنا عناء البحث عن أساليب جديدة في التعامل و التواصل مع أبنائنا فغالبا ما يشتكي الأباء من عناد و تمرد أبنائهم فيقابلون ذلك بنوع من الراقبة الصارمة و التسلط يشعر الأبناء بالارتياح في ظل وجود هذه الأساليب في التعامل
إن تربية الأبناء عملية معقدة نظرا لما يتميز به واقعنا المعاصر من حركية مستمرة و تطور متسارع يفرض على الأباء تغيير بعض المفاهيم و التصورات في تعاملهم مع أبنائهم فلا يمكن للتربية أن تكلل بالنجاح إلا إذا تخلى الاباء عن منطق #أنا ربكم الأعلى # مع ضرورة فتح الحوار و دفع الأبناء إلى الاختيار و احترام خصوصياتهم و توفير مناخ تسوده المحبة ،الثقة و الهدوء فقد أثبتت الدراسات النفسية أنه كلما ازداد حب الطفل لوالديه كانت نسبة استجابته لمقترحاتهم و توجيهاتهم أكبر فتقل بذلك درجة العناد و المخالفة عندهم .
لقد صار لزاما على الاباء إشراك أبنائهم و التكيف مع احتياجاتهم و ميولاتهم دون افراط أو تفريط و دون اغفال لدور المرافقة التي تعزز الثقة و تكرس مبدأ الاحترام المتبادل .
—