في يوم الثلاثاء، 29 أكتوبر، كتب التاريخ صفحة جديدة ومضيئة في سجل العلاقات الدولية للمغرب، صفحةً طالما انتظرها الشعب المغربي، وتحققت فيها أحلام الملك والشعب. كان العالم العربي والإفريقي، بل والعالم أجمع، شاهداً على لحظة مفصلية عندما أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في خطاب تاريخي أمام البرلمان المغربي، تحولاً كبيرًا في الموقف الفرنسي تجاه قضية الصحراء الغربية. خطوة تجسد دعمًا واضحًا وقويًا لسيادة المغرب على كامل أراضيه، وتقف سدًّا منيعًا أمام محاولات زعزعة استقراره ووحدته الترابية.
خمسون عامًا من دعم الجزائر للبوليساريو في كفة، وكلمة واحدة في البرلمان المغربي في كفة أخرى
على مدار خمسين عامًا، كانت الجزائر داعمًا أساسيًا لجبهة البوليساريو، مسخرةً جهودًا دبلوماسية ومالية كبيرة لمساندتها. ولطالما كان المغرب يقاوم على جميع الجبهات ليحافظ على وحدة أراضيه، مقدماً أدلة تاريخية وجغرافية ودبلوماسية تثبت حقه الشرعي في سيادة أراضيه. ومع كل خطوة دبلوماسية كبيرة، كان المغرب يؤكد للعالم التزامه بنهج السلام والحوار، ساعيًا لحشد الدعم الدولي لاستقلاله الترابي.
لكن ما لم يكن في الحسبان أن يأتي التغيير المنتظر عبر كلمة قوية، صريحة، وواضحة من رئيس فرنسا. كلمة ألقتها فرنسا على مسامع البرلمان المغربي، فكانت بمثابة دعم واضح للسيادة المغربية، مانحةً للمغرب اعترافًا صريحًا يغير من موازين القوى الدبلوماسية في المنطقة. ومثّل هذا الخطاب ذروة الدبلوماسية المغربية التي طالما سعت لتصحيح المسار، وتحقيق رؤية الملك والشعب في نيل الاعتراف الكامل من العالم بسيادة المغرب على الصحراء.
لحظة مجيدة: كيف تعكس كلمة ماكرون تطوراً عميقًا في العلاقات المغربية الفرنسية؟
أصبحت العلاقات المغربية الفرنسية نموذجًا لعلاقة استراتيجية مبنية على أسس متينة من التعاون والشراكة. لكن الموقف الفرنسي الداعم للمغرب في هذا الوقت بالذات لم يكن مجرد تأكيد على عمق الصداقة، بل خطوة استراتيجية تبرز موقفًا جديدًا، ينبع من قراءة دقيقة للتحولات الإقليمية والدولية. وفيما أعلن ماكرون هذا الدعم، كانت الرسالة واضحة بأن فرنسا تنحاز للسلام والاستقرار، رافضةً أي محاولات تهدد وحدة الأراضي المغربية. إن هذا الدعم الفرنسي ليس مجرد انحياز سياسي، بل هو رسالة ذات أبعاد جيوسياسية عميقة تشير إلى رغبة فرنسا في تعزيز استقرار المنطقة، وضمان مصالحها المشتركة مع المغرب. ويأتي هذا الموقف تتويجًا لسنوات من الدبلوماسية المغربية التي أثمرت عن تحالفات جديدة وداعمة.
حُلم تحقق: الملك والشعب وجهودٌ آتت أكلها
لم يكن هذا الإنجاز سوى ثمرة لجهود مستمرة من الشعب المغربي وقيادته، فالمغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس، خطّط بوعي وثبات من أجل الحصول على هذا الاعتراف الدولي. وجاء الخطاب الفرنسي ليترجم هذا الحلم الذي لطالما حمله كل مغربي؛ حلم بسيادة تامة واعتراف دولي واسع بكون الصحراء جزءًا لا يتجزأ من التراب الوطني.
الرؤية الملكية السديدة، والجهود الشعبية الداعمة، والتحركات الدبلوماسية الدقيقة جعلت من قضية الصحراء مسألة إجماع وطني تتكامل فيها رؤى الملك والشعب. وإن هذا الإنجاز لم يكن ليحدث لولا التلاحم الذي ميز مسيرة المغرب في نضاله من أجل قضيته الوطنية.
أبعاد وتداعيات هذا الحدث على المستقبل المغربي والإقليمي
يمكننا القول بثقة إن هذا الحدث يمثل نقطة تحول تاريخية سيكون لها تأثير كبير على المستقبل المغربي والإقليمي. بفضل هذا الدعم الدولي الواضح، أصبح المغرب أكثر قدرة على تعزيز مكانته كقوة إقليمية مستقرة وقادرة على لعب دور أكبر في الساحة الدولية. كما أن هذا الموقف الفرنسي من شأنه أن يفتح الباب أمام دول أخرى لتبني مواقف مماثلة، مما يزيد من عزلة البوليساريو وداعميها. علاوة على ذلك، فإن هذا الموقف يرسل رسالة قوية إلى العالم بأن الاستقرار في منطقة شمال إفريقيا لا يتحقق إلا باحترام وحدة الدول وسيادتها، وهو ما سيساهم في تعزيز السلم والأمن في المنطقة. فالدعم الفرنسي يعد بداية مرحلة جديدة يكون فيها للمغرب دور أكبر في التعاون الإقليمي لحل الأزمات، وتعزيز الشراكات الاقتصادية والسياسية التي تخدم مصالح شعوب المنطقة.
يوم 29 أكتوبر، ميلاد جديد للوحدة والسيادة المغربية
سيبقى يوم الثلاثاء 29 أكتوبر محفورًا في ذاكرة الشعب المغربي كتاريخ مفصلي يُضاف إلى سجل انتصاراته الدبلوماسية. إن خطاب ماكرون لم يكن مجرد كلمات، بل اعترافًا بتضحيات الشعب المغربي، وتقديرًا لجهود الملك في تعزيز سيادة بلاده. هذا اليوم جسد الحلم الذي طالما راود كل مغربي، وهو أن يرى بلاده موحدةً، مستقرةً، وذات سيادة معترف بها دوليًا. اليوم، يسجل التاريخ انتصارًا جديدًا يُضاف إلى إنجازات المغرب، ويؤكد للعالم أن المغرب قد قطع أشواطًا كبيرة في سبيل الدفاع عن حقوقه، ويستعد للمضي قدمًا نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا تحت قيادة حكيمة، وبتلاحم شعبي لا يتزعزع.