لاشك أن المخرج في المسرح يهدف إلى إيصال رسالة يسعى من خلالها الى توعية المجتمع من خلال مادته الخام والتي عبارة عن خطاب معرفي ثقافي يكون الركيزة الأساسية في توصيل المفاهيم بالاعتماد على تفاعل الجمهور لخلق المتعة.. ولكن بما ان المسرح العراقي يحمل تاريخ مشرف لايستهان به إذ تعامل مع الموروث بالدرجة الأساس كما في مسرحيات يوسف العاني وطه
سالم وعليه لابد لنا أن نفرق بين المسرح التجاري والشعبي على اعتبار أن الرسالة المسرحية تؤسس وسط مجتمع بيئي.. للارتقاء بهذا النوع من المسرح.. فالمسرح الشعبي يعده د. صلاح القصب حقلا مهما من حقول التواصل بين طبقات اجتماعية داخل وسط بيئي يؤسس لثقافة جمالية ترتقي لهذا النوع من الفن إذا يختلف جملتا وتفصيلا عن المسرح التجاري فالثاني لاوجود له إلا في بضاعات الجملة لمواد مستهلكة أشبه بالبالات التي نجدها في الأسواق الشعبية .. وقد اتفق مع د. صلاح القصب في إدانته للمسرح التجاري ولأننا نتمتع بموروث جميل من الخزين المسرحي ..فعليه لابد أن نرتقي باختيار موضوعتنا وممثلينا وتقنياتنا وان نرتقي بالحس الشعبي وان نرتقي بالتجاري ونحسبه للشعبي كما يؤكد ذلك و من خلال ماورثناه وعرفناه عن تاريخ المسرح العراقي ويقول د. صلاح القصب أن مايقدم على مسارح بغداد من أعمال شعبية بعيدة عن أي ارتقاء يرفع بدرجات حرارة المجتمع لأنها مازالت بدائية وليست بمعناها الشعبي .. لان الكوميديا هي الارتقاء بمحيط الألم. .فالمسرح الشعبي يحسب ليوسف العاني وطه سالم وغيرهم وليس مهزلة وسقوطا رثا يسخر من الإنسان. . وفي صدد نفس الموضوع يستبعد الفنان عباس الخفاجي هذا النوع من المسرح وينكر وجوده إذ يقول لاوجود لكلمة تهريج في المسرح العالمي إنما أطلقت هذه التسمية على الأعمال التي تخرج عن ذائقة المتلقي فالتهريج ليس فنا .. وانا اقول فعلا التهريج ليس فنا لكنه نوع من أنواع التسلية أو النكته أن صح التعبير لأن النص المسرحي لغة خطاب مسبوكة ومنظمة مرتكزة العبرة منها كما اسلفت إيصال رسالة إبداعية ننسجها من المجتمع ولايمكن ان نستهين بالجمهور بجلب مطرب أو مطربة أو غجرية لإثارة الجالسين. . ومخاطبة غرائزهم ويقول جلال خزعل كاتب مختص في أدب الطفل وحاصل على جائزة أفضل نص من الهيئة العربية لمسرح الشارقة يقول ان من مظاهر القبح في المسرح العراقي هي دخول أشخاص طارئين على المسرح أشخاص متخلفين شجعوا على شيوع موجة التهريج في المسرح العراقي وخاصة في سنوات الحصار الثقافي والاقتصادي حيث سادت الفوضى في حياتنا الثقافية واليوم ساعدت المؤسسة الرسمية وزارة الثقافة التي جاءت بصيغة المحاصصة على شيوع هذه الظاهرة سواء على قصد وبدون قصد فهي لم توفر البنية التحتية المناسبة التي يحتاجها الإنتاج المسرحي … من جانبي كل الآراء عن التهريج في المسرح العراقي معقولة وهذا قد خلط علينا الأوراق بين الصالح والطالح بين الرديء والجيد بين الصح والخطاء. . لابد من إعادة بناء أو إصلاحات للبنى التحتية الثقافية ومسؤوليها يكفينا سخرية من واقع شوهته الحكومات ولازالت تعمل وتثقف لجانب واحد .
—