إخفاء الشيء افضل طرق الاشارة إليه
بورخس
الرقم 13 في رواية مكنسة الجنة يشد القارىء اليه شاء ام أبى ويأخذه الى عوالم قصية قد لاتنتهي بحدود هذه القراءة،فقد دون مادس الدانماركي في مفكرته عدد الجثامين المستخرجة من المقبرة الجماعية التي دفن فيها رسامو جداريات الرئيس بعد إعدامهم بتهمة رسم الذباب على وجه الرئيس في تلك الجداريات والمكتشفة جوار بئر النفط المرقم 334 غرب القرنة حيث حدود مسؤولية الجيش الدانماركي ضمن قوات الاحتلال بعد عام 2003. ربما لم يكن مادس المخطىء في العد لانه سلم مفكرته الى مدين المترجم العراقي العامل مع قوات الاحتلال ،وانما كان الخطأ بسبب تعود مدين عد الاشياء بالمقلوب بتثير من أمه التي تعلمت العد بهذه الطريقة من امها او من المعلمة حنا في سوق التوراة في البصرة..هنا تتحكم بنا الاشارة التي يبثها العدد13 ،يستحضر القارىء الحواري الثالث عشر للسيد المسيح يهوذا الاسخريوطي أستاذ الرياضيات الهندي الذي _ كان _ لايلفظ او يكتب ذلك الرقم ابدا , كان يعلمنا ان نعد في مدرسة المللك فيصل الابتدائية عشرة , احد عشر , اثنا عشر أي , اثنا عشر بي , اربعة عشر , خمسة عشر، اخفى الرقم 13 أي اشار اليه بقوة كما يقول بورخس .
الرقم الاساس في رواية ( مكنسة الجنة ) , هو 13 , الحواري الثالث عشر يهوذا , خائن السيد المسيح وصالبه , الرقم 13 _ اذن _ لن يدخل الجنة –جنة النص- وسيكنس منها .
من يكنسة , غويلي العبد وهو يصنع او يحيك المكاانس , ام زكية وهي تقتل غويلي العبد في الممر السري لحمامها , ام نورست وهي تكتبهما , ام رمزي وهو يروي ام راو اكبر؟ , لنقل انه مرتضى كزار وربما انا القارىء ،انا من سيكنس الجميع ؛ ليبقى منفردا بجنة القراءة ؟!
تقول الرواية( او الراوي أو من هو ادرى بحداث الرواية واسرارها !)في ص21 من رواية مكنسة الجنة ان”كل خرائط الارقام والحروف والابار لن تدل هذه الدمية السوداء على هويتي”
لكن هويتك , واضحة _ كما تقول القراءة _ تبدو واضحة حين تتردد بين خشبة قوس حرملة ( رواية صفر واحد ) وهي ترسم حرف سي الانكليزي المنحني يمينا،، بين توتر ذاك القوس وبين الانحناءة الطرية لجسد الرضيع الذبيح وهو يتلقى السهم _ الخط المستقيم _ المنطلق ..
على هذه الطريق , تجد الهوية , من انت، رمزي ؟ ام غويلي العبد؟ ام نورست؟ ام الراوي المولود في عيد العمال المصادف 3 / 4 / 1982 !؟
يمكنك وانت تعرف من انت , ان تختار النقطة المناسبة لقلبك على هذا الخط الساخن المستقيم أو ان تركن لعقلك ! القارئ الان يرى الرقم 13 , او يهوذا الاسخريوطي على نقطة الانطلاق _ انطلاقة السهم ويراه قبلها .
الاعداد هي لغة الطبيعة _ يقول فيثاغورس _ وهي لغة هذه الرواية ايضا , خطاطة مدين في المقطع الخامس من الرواية ص 21 , ترسم المقبرة , بخارطتها التي توزيع الجثامين , كما لو كانت مربعة ( 2 / 5 / 3 / 2 ) هكذا كان توزيع الرسامين على ارباع المقبرة , اما مفكرة مادس فقد اشارت الى ( 7 / 4 / 2 = 13 ) ثمة رجل زائد ؟
هل كان جسدا زائد ام رقما فقط ؟ وما الفرق كلاهما كائن , هذه الزيادة حقيقة ام وهم ؟
اشارات القراءة تقودنا الى الحواريين الاثنى عشر والى النقباء الاثني عشر والائمة الاثني عشر والى الحواري الثالث عشر يهوذا الاسخريوطي وتقودنا الى المقطع 13 من الرواية المكونة من 45 مقطعا والى المقطع 31 مقلوب 13 !
الراوي في ص 99 , يتحول الى القراءة , يرمم الكتابة يملأ فراغاته بالخيال ويرسم مشاهد لاقتحام رجال الامن لبيوت الرسامين الاثني عشر , اثنا عشر رساما مع الذباب على وجوه الرئيس , رسمهم الراوي وارتعب خوفا .
( على بوابة مديرية الامن من البصرة خطت الاية الكريمة ( الذين امنو ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون ) 82 _ النمل )
رجال الامن او اللامن , الخوف من ملاقاة مصير كمصير الرسامين ! خاف من يهوذا او من رجال الامن فارتعب. حتى ان الراوي الخائف اخطأ بعد اسطر قلائل في العد واضاف غائبا اخر , الرسام الثاني عشر مفقود الان لماذا اخطأ المؤلف :
يقول ( اجمعهم واحدا واحدا .. الاخوين روضان وسعد وادي من غرب المدينة , ثائر رحيل من الفاو , نجم ورغدان وفوز من البصرة القديمة والخمسة الباقون من مؤخرة الخارطة او آخرها )
المجموع هنا = 11 وليس 12 او 13 ..
التعداد المموه لاسماء الرسامين يجعلهم 11 وليس 12 الا اذا اعتبرنا الاخوين روضان هما غير سعد وادي..قراءة الاسماء تقبل الاحتمالين.
خطأ متعمد ام متاهة عد جديدة ؟
لكن الراوي يقول : التقطهم جيدا _ويؤكد _ كما التقطهم رجال الامن، ولا أغلط من جمعهم كما لا يغلط زبانية التعذيب , لاننا جميعا نجيد الحساب ونحسب بالتعاقب … واحد اثنان ثلاثة .. ص99
تأكيد الراوي على إجادته للحساب مع وجود الاحتمال بالغلط / الغياب الجديد يفهمه القارئ كغياب خارج النص , وهو الغياب الاهم , ليس للرسام الثالث عشر وهو وداد كما سنعرف وانما للثاني عشر من هو هذا الرسام الثاني عشر ؟ ربما زكية المقتولة والمدفونة عموديا قربهم ؟وربما الراوي نفسه او المؤلف او ابعد بمئات الاعوام من هذه الاحتمالات..!
على الرغم من تاكيد الراوي على إجادته في الحساب يأتي الخطأ في العد و يكون المجموع 11 وليس 12 او 13 ..
لماذا هذا الخطأ العددي في المقطع 31 وليس في غيره( لاننسى انه مقلوب 13 ) هل جرى العد مقلوبا ايضا ؟
يقول الراوي( رغم ان طفولتي التي تعلمت فيها الحساب مشوهة ومزورة ايضا مثل مدين لكني لا أعد هياكل الاوادم بالمقلوب ! ) ص99
نبقى مع الرقم 13 وإشاراته ففي المقطع 13 من الرواية ص41 تقول ملاية لابنها ( نحن يايمة أناس في رواية ) , نلاحظ الفصحى والعامية معا , وفي نفس الصفحة يتضح الكثير ..
( تخيل _ وداد _ بأنه يعيش داخل كتاب بذلك الحجم , وتخيل نفسه داخل الكتاب , يقرأ كتابا , وشخص ما يتصفحهم جميعا )
هذا هو بناء الرواية كلها , يعلنه المقطع 13 من الرواية , كتاب طي كتاب , راوي طي راوي .
اختيار المقطع13 من الرواية للافصاح عن بنية الكتاب –الرواية،ذو دلالة موحية تؤكد ما ذهب اليه القارىء بأن العدد او الرقم 13 ودلالاته الميثولوجية هو المحور الاساس لرواية مكنسة
في الصفحة الاولى من الرواية نعرف ان حادثة حصان الجندي الانكشاري كانت عام 1636 قبل ان يشتري إفراسياب البصرة من العثمانيين بدراهم معدودة .
وكان هذا قبل 300 عام من ولادة الراوي / رمزي مكتوبلي في عام 1936 .
اشارة ما تشد الى العدد 13 المخبوء في التاريخين ازح 6 و 9 ستجد الرقم 13 فقط .
لكن إفراسياب _ يقول القارئ , ويقول التاريخ _ سيطر على البصرة قبل التاريخ بحوالي عقدين من السنوات واستنجد بالبرتغاليين لرد هجوم الفرس على البصرة .
فهل تعمد المؤلف تخطئة التأريخ ليظهر الرقم 13 ؟
ابدا _ القارئ لا يرى هذا _ فالاشارات لغة الماوراء , الحاضن الاجتماعي والكوني هو الذي يعمل ويرسل الاشارات والماوراء هو من تحكم بكتابة الرواية , اخطأ المؤلف ام لم يخطىء في التاريخ فهو ليس الا اداة بيد قوى خفية تنجز الابداع وتبث الترددات , ليرتسم العدد 13 واضحا في التاريخين ( 1636 _ 1936 ) .
القارئ يؤمن بسمو الاشارات , والا كيف يمكن له ان يفسر انهاءه لقراءاته لهذه الرواية الممتعة كان هذا اليوم 7 / 3 / 2010 بينما ورد في الصفحة الاولى من الرواية ان زمن كتابتها كان يوم 7 / 3 / 2007 والفارق ثلاث سنوات .
بل ان القارئ حين يجمع اعداد تاريخ القراءة 7 / 3 / 2010 يجدها = 13 اما حين يجمع اعداد تاريخ الكتابة (7 /3 / 2007 ) ستكون = 19
ولهذا العدد اشارة اخرى في الرواية .
للقارئ ان يتمسك باشاراته , وينجذب اليها , لما هو وحي وفن وجمال لا لما هو مزوق ومخطط بدقة ,
ان ( الفن يحدث ) كما قيل ….
لنقرأ دالة اخرى / اشارة موحية ,الشاعر الكوني الكبير محمود البريكان له قصيدة عنوانها الرقم 96 وهما العددان المزاحان من التاريخين ( 1636 _ 1936 )
العددان 96 يرسمان رجل ومشنقة هكذا …..
ربما لعبت كرات البليارد دورا في تعليم العد بالمقلوب , ام ملاية جدة وداد , كانت تعلم ابنتها ام وداد بكرات البليارد .
وربما سجل العدد 13 حضوره عندها وعند مدين ابنها الثاني بتأثير حنا المعلمة اليهودية في سوق التوراة .
هل احتلت زكية التي قتلت غويلي العبد وقتلها وداد، الرقم 13 في مقبرة رسامي الجداريات ؟
لماذا قتلت زكية ؟ ولماذا قتل غويلي العبد ؟
اشارات عجزت الرواية عن بثها بترددات دقيقة , ربما ستجد من يلتقطها .
ثمة غائبان في الرواية , الثالث عشر , غيبته اوربا المسيحية وغاب في مفكرة مادس الدنماركي ..
والثاني عشر وقد غاب في العراق ! وغاب في الرواية التي رسمها رمزي وكتبتها نورست او مرتضى وربما انا القارئ …
بعض الفرق الباطنية المنطلقة من الغيبة المرتبطة بالرقم 12 , شطحوا بعيدا مع الارقام فكان العدد 19 رمزهم المقدس شهرهم 19 يوما وعامهم 19 شهرا
19 = 361 يوما ..x 19
19 = واحد ، وفقا لحسابات الجمل وعلم الجفر ..
الواو=6 + الالف = 1 + الحاء = 8 + الدال 4 = 19 المجموع لكلمة واحد.
اما الرسام المجهول او زكية فرقمه 13 ..
القارئ المهتم والمنشد للاشارات يعيد قراءة الكلمة واحد ناقصة الحرف الواو = أحد
أي 19 – 6 = 13
إذن 13 = احد
أحد تعني احدهم , مجهول ما وقد تعني تأكيد المعرفة وتعزيزها ..
احد ايضا اول ايام الاسبوع اليهودي ..
لماذا استخدم العرب والمسلمون هذا الاسم ايضا ؟
يتساءل القارئ ويتذكر فايروس امية من رواية ( صفر واحد ) الفايروس يتشكل دائما باطوار مختلفة ..
بنية الرواية كلها مؤسسة على الغياب المموه وهي مما ابدع مرتضى كزار في عرضه على كل مساحة الرواية من دون ان يلاحظ خلل او عدم تناسق ، الامر الذي يؤكد تمكن الروائي من حرفته واجادته لرسم الاحداث بما يتسق تماما مع غرضيات الرواية- وايدولوجيتها المتخفية تحت الاشكال ..
لنتوقف إذن , رمزي مكتوبلي في انتظارنا وهو يقول لمدين من الدنمارك … واعرف انني الثالث عشر الذي فلت من العلم … وقبضت عليه الارقام في قصاصتك الغبية . ( مكنسة الجنة ص126 )
رمزي مكتوبلي
هكذا هي حياتي تشبه شيئا لم يحدث
كومينز
من لايعرف رمزي مكتوبلي جيدا ،لم يقرأ رواية( مكنسة الجنة) لمرتضى كزار كما يجب ،ومن لم يفعل فقد خسر الكثير من المتعة القرائية،متعة النص .
الشخصية الاساس في الرواية(رمزي) تنتمي لعائلة مكتوبلي المتسربلة بالاسرار والمشبعة بالغموض والغيابات ،تماما كما هو حال الرموز والمجازات المكثفة…
الاسم رمزي نجد سميّا له في الرواية الاولى للمؤلف(صفر واحد)في شخصية رمزية ام عقيل الذي سيستشهد ابنها في انتفاضة17/3/1999ضد الطاغية(صاحب الجداريات في رواية المؤلف الثانية ،مكنسة الجنة)وستقام ل عقيل بعد 9/4/2003 جدارية تخليدا له-جدارية هناك وجداريات هنا- ثمة تواشج وتواصل بين الروايتين كما بينا في القراءة الثانية.
لقب رمزي القدري مكتوبلي = مكتوبٌ عليَ هذا / مكتوب لي ، بمعنى لم أكتبه أنا وانما فرض على حياتي وسيرتي من الخارج، فرضه الاعلى المتعالي،الكاتب او الراسم للرواية ولوحاتها. ( بالتعبير الدارج كنا نسمي الرسالة البريدية مكتوب ،اي كتب لي من قبل شخص اخر بعيد).هذا اللقب –مكتوبلي- يعلن ابتداءا عن سر هذه العائلة ، والتي يعتبر رمزي آخر افرادها، سرها او شبكة اسرارها في سيرتها وحياة اعضائها المسيرة قدريا وفقا للقب القدري المستسلم والمتواكل (مكتوبلي) وهذا اللقب التبريري يتضمن التنصل سلفا مما سيرتكبه ابناؤها من افعال،وفي ذات المسار يبث وبتكثيف عال حزما من الرسائل للقارىء المؤمل إستلامه لها متسقة مع تردداته وتردداتها،لهذا القارىء وحده لا للقارىء المار المتماهل قصير الرؤية والرؤى ..
وقد يعني هذا اللقب( مكتوبلي ) ان أحدهم، أحدا ما ((لاننسى أن أحد =13 ))كتب الرواية بدلا عني، عن الراوي وعن المؤلف وربما بدلا عن الجميع بما فيهم القارىء !….
أحد الغائب ، المتستر ، المجهول ، أحد الماوراء ،هو الذي كتب حكاية هذه العائلة وكتب عليها ان تكون هكذا بشقائها وانحرافات ابنائها ومصائرهم المأساوية ومع كل هذا الشقاء والشذوذ كتب عليها ان تكون سعيدة بمصيرها ، وكتب علينا نحن قراء الرواية ان نتلقى رسائلها ونعاود انتاجها وصياغاتها وفقا لما يريد هذا الصانع المجهول
كان اسم الجد الاول لها هو- سعيد مكتوبلي- لكن الرواية لاتقدم اي تبرير للتسمية واللقب فاشتغلت سيمياء الاشارات و…استحضر القارىء وهو يقرأ لقب العائلة مكتوبلي ،استحضر كتاب البرازيلي كويهلو وعنوانه (مكتوب)وهذا يربط الاشارات ب بمناطق النفوذ البرتغالي ثانية ، البرازيل أو امريكا اللاتينية..والى المسارات البحرية للارمادا البرتغالي وسفنه المسلحة بالمدافع والصلبان والرجال ،ومنهم، الرحالة والمؤرخ بيدرو تخسيرا المتستر بالكاثوليكية لأخفاء يهوديته – ربما خوفا من بطش محاكم التفتيش — والذي نزل لايام في محلة السراجي في البصرة وربما كانت التقارير ا!
لتي رفعها الى قادته سببا في افتتاح قنصليتهم هناك..
عام 1492باتت الاندلس بكاملها كاثوليكية ،سقطت غرناطة وابحر كولمبس تجاه العالم الجديد ،و بين عامي 1580-1640 خضعت البرتغال لملك اسبانيا ،كان هذا زمان حصول حادثة حصان الانكشاري اثناء تشابيه يوم عاشوراء ، وخلاله وصل بيدرو تخسيرا للبصرة ايضا.
السفن الحربية البرتغالية اتجهت بقراصنتها الى الهند والخليج، واتجهت ايضا – في نفس الوقت – مع سفن الاسبان عبر الاطلسي،حيث تخلّق ساحرا ادب امريكا اللاتينية فكان كويهلو وكتابه (مكتوب) وكانت قصة كورثازاو(خط الكف).. نتذكر خط الطباشير الذي يرسمه وداد ويؤشر حدود الرواية ونتوقف فقد قادتنا الاشارات بعيدا و…
نرى الاندلس جامعة الفن والجغرافيا وصانعة التناص (بين امريكا اللاتينية وتاج الخليج،البصرة )حيث يصل هانز مكنزي الاسكتلندي،قادما عبر الطريق البحري ذاته من الجزيرة الانكليزية ،وهنا في البصرة، في الداكير، سيظهر في اولى لوحات الرواية وتحته سعيد مكتوبلي وهو يناوله مفكا او شعرتين ناعمتين!
سمى سعيد ولده باسم مكنزي اعجابا بالاسكتلندي وتنورته القصيرة وسيكون لمكنزي العراقي هذا حفيد اسمه رمزي، عيناه خضراوان كعيني مكنزي ،سيعمل مع قوات الاحتلال البريطاني مترجما وسيرحل اليها،الى اسكتلندا تحديدا كلاجىء سياسي..وربما سيرتدي هناك تنورة مماثلة.
هكذا باختصار اول العائلة وآخرها كما كتب لها !
خطاطة العائلة ترتسم امامنا..
((سعيد مكتوبلي(يعمل مع مكنزي البريطاني الاسكتلندي في الداكير في البصرة)
• ولده مكنزي (العراقي)وابنته زكية
• جودت ورفعت ابنا مكنزي
• رمزي بن جودت
• اما نورست فهي حفيدة رفعت
• الزوجات الاربع لسعيد مكتوبلي و مكنزي العراقي وجودت ورفعت غائبات…(نتذكر بورخس وإخفاء الشىء افضل طرق الاشارة إليه)والد نورست و امها غابا ايضا!)
باشتغاله على هذه الخطاطة العائلية سرديا ، يؤشر مرتضى كزار براعته في رسم المصائر المتشابكة وتفرده في انتاج نص ذي حيوية في توليد الاشارات وامتداداتها،يعلو بنا نحن القراء ويهبط كما يشاء، نطارد الراوي المجهول = أحد =13 الذي تنص الرواية وتصرح في ص 118 / المقطع 31(لنتذكر دائما ان الرقم 31 هو مقلوب الرقم 13).بأنه رمزي مكتوبلي لكن القارىء لايقربهذا التصريح من المؤلف ، لايصدقه، ويظلّ منشدا لمعرفة الراوي ،يشده الى ذلك سر من اسرار قوة السرد في هذي الرواية الممتعة.
ربما حاول رمزي او نورست(وهي جدته زكية او حفيدة عمه رفعت !)وقبله حاول المؤلف أدلجة الرواية وتوجيه احداثها، لكن ما هو واضح للقارىء ان هناك من يؤدلج هؤلاء معا ويسيرهم مع احداث الرواية كما لو كان هذا مكتوبا لهم او عليهم ،مكتوبلي.
ثمة من يكتبهم/يكتبنا،جميعا،يعيد إنتاجهم بأصابع ماهرة وإن أفلتت منه – ( كما يرى قارىء مشبع بالروائع الكلاسيكية للادب الروائي العالمي )– شخصيات ثانوية عديدة، اثَََََََّر وجود بعضها اوظهوره المفاجىء ثمّ الاختفاء دون نمو سردي ،اثر ذلك على البناء الفني واربكه احيانا، لكن تماسك العمارة البنائية والفنية للرواية غيبت هذه الهنات وغطت عليها ومن الشخوص الثانوية او غير مكتملة النمو(بنات حميد طبانة/شعوان/نديمه /كيغانوش/فريد جنديل/رعد الاشقر/ ابووفاء البعثي البيطري!/تومان العبد/ ابو ثورة المصور/توأم رمزي الغرائبي المولود من بطن جودت ابي رمزي!(وهذه حادثة لافتة لكنها تركت بلا بداية وبلا نمو اونهاية) / اخرون واخريات..افلتوا من شبكة الرواي وماتوا كما ولدوا خدجا ناقصين.دون تطور وتناسق مع مجريات السرد خاصة توأم رمزي الغرائبي الموجود في الرواية كزائدة دودية ملتهبة كان ينبغي استئصالها ..بينما تستفز شخصية غويلي العبد واهمالها سرديا مع اهميتها في احداث الرواية ،اهتمامات القارىء وتثير استغرابه.
لكن قارئا آخر متحررا نسبيا يرى:ان ثراء الدوال وتوالد الاشارات تمثل مبررا فنيا لوجود حنا اليهودية او سلوان وحتى الصبية الاسكتلندية التي ستقود رمزي الاعمى في منفاه ..وهكذا البعثي ابو وفاء والذكراليتيم للقنصلية البرتغالية وما بثه من اشارات مكثفة ومثيرة لمتعة التلقي .،وكذا كيغانوش الارمنية وسلوان وجبارة الصابئيان وتومان ترسم كشفا او خارطة للتنوع السكاني للبصريين والذي قد يكون معرضا للانقراض او التناقص كما تريد الاشارات ان تبثه او تقوله بايماءاتها من دون إفصاح ..ويرى ان شخصية غويلي احد اهم مربعات الفراغ في هندسة الرواية ، وعليه ،اي القارى!
ء املاءها.
تتضامن حكاية عائلة مكتوبلي واسرارها مع عائلة اساسية اخرى هي عائلة -العبيد-(والتسمية من القارىء)لنقل هكذا/عائلة حياوي قتيل الحرب مع ايران والمكتوب عليه ان يقتل مع انه الرافض للقتل ،وزوجته ملايه الفرحة بانها جزء من رواية وامها وولديها وداد ومدين..الخطاطة العائلية هذي تختصرهم ..
• حياوي الاب
• ملاية زوجة حياوي وامها التي علمتها العد بالمقلوب
• وداو ومدين ولديهما
• القطط او البزازين
اما الخطاطة المكانية لعائلة حياوي فهي خطية حلولية يرسمها القارىء هكذا..
≈ مجهول ← بيت القنصلية البرتغالية ← حمام زكية ← ضريح الشيخ شوفان ← مجهول ≈
وتتشابك مصائر العائلتين في هذا المكان ومنه تتحرك, منذ اقامة زكية بنت سعيد مكتوبلي للحمام محل بيت القنصلية البرتغالية في البصرة محلة السيمر، ومن ثم قتلها ل غويلي العبد المختبىء في الممر السري للحمام حيث كان يجدل اويحوك المكانس من الياف شجيرة اسمها شجيرة الجنة!
اما لماذا اختبأ غالي او غويلي؟ فالاسئلة تتوالد لتربطه باعدام الرسامين وبمقتل زكية او نورست من بعد وبغياب وداد وهروب مدين ورمزي الى الدانمارك وبريطانيا بسبب تعاونهم مع قوات الاحتلال،غويلي ايضا كان متعاونا مع احتلال اسبق، نستطيع ان نقول ان الرواية سيرة للاحتلالات المتتالية للبصرة ابتداءا من الاحتلال العثماني مشارا اليه بالجندي الانكشاري، والاحتلال الفارسي تمثله مدرسة بهلوي التي كانت زكية مكتوبلي معلمة فيها ثم التواجد البرتغالي-القنصلية- فالانكليزي مع الحرب الاولى ممثلا بالمترجم غويلي العبد وعمل هانز مكنزي في الداكير، والى الاحتلال الاخير البريطاني الدانماركي اوائل القرن الحالي حيث هرب المترجمين مدين ورمزي الى الدانمارك واسكتلندا…
جغرافية العائلة مستقرة لكن عناوينها ومصائرها متحركة تتغير تبعا لغير وظائف المكان من قنصلية الى حمام – ربما للتطهر من أدران البرتغاليين وجرائمهم في الخليج – وربما رأت زكية ان الماء والصابون غير كاف لازالة الادران فطهرت المكان بدم غويلي ليتحول حمامها ثم الى ضريح يزار وجدرانه ملأى بخصلات الشعر بشتى انواعها، تبعا لتعدد الاحتلالات وتتاليها و تأثيرها على احداث الرواية زمانا وامكنة.
وكل هذه التغيرات مرتبطة برمزي الشخصية المحورية في الرواية اذ يتشابك مصير رمزي مع مصائر سكان الرواية واماكنها وازمانها من القرن السابع عشر الى اوائل القرن الحادي والعشرين ، فكونه اخر افراد عائلة مكتوبلي يجعلهم جميعا بما فيهم نورست ذات الشخصيتين او النصفين(الحار والبارد) ،يجعلهم مختزلين فيه، يتبادل معهم التاثر والتاثير فيرث عينين خضراوين من علاقة عائلته بمكنزي الاجنبي ويستغله عمه رفعت بعلاقة شاذة ،فيما يقوم رمزي باعداد نورست وتدريبها لتكتب الرواية بدلاعنه .
وعبر المكان (بيت القنصلية او ضريح شوفان بعد ذاك) تعشّق رمزي بعائلة حياوي،واشتبك مصيره بمصيرها، خاصة بولديها ، وداد الذي سيمارس المثلية الجنسية معه امتدادا لما فعله معه عمه رفعت وهو طفل صغير،تاكيدا على الجو الناشز والشاذ الذي تفصح الرواية عنه او تلمح ، ومدين حيث سيلتقيه في المنفى الاوربي للمترجمين العاملين مع قوات الاحتلال،
وعبر هذه العائلة ستمتد تاثيرات شخصية رمزي الى كيغانوش وسلوان الصابئي وغويلي العبد، بل حتى الى رواية المؤلف الاولى صفر واحد من خلال تماثل الاسم – رمزية، رمزي—وما يعنيه هذا الاسم من ايحاء بالاشارة، كما ارتبط رمزي مكتوبلي بالرسامين المعدومين بواسطة وداد الذي زودهم بالاصباغ الغذائية فتسبب بتكاثر الذباب على جداريات الرئيس وبالتالي اعدامهم،وان رمزي ذاته قد يكون احدهم ،اي الرسام الثالث عشر((العدد 13 مثير للتشاؤم عند المسيحين عادة(لماذا يتشاءم غيرهم !)) كما ارتبط من جانب اخر مع عائلة حياوي وملاية وولديهما عن طريق عمته زكية صاحبة الحمام والتي سيدفن وقوفا قرب جثث رسامي جداريات الرئيس.
تشابكات رمزي كمحور لاحداث الرواية مع كل شخوصها الاخرى يمكن اعداده بخطاطة رابعة تشمل كل زمان الرواية وامتداداته، اذ نشرفي جريدة البصرة وصاحبها ابوه جودت،نشر خبر ولادته عام 1936في نفس العدد مع خبرين اخرين يشملان عموم مساحة الرواية واحداثها .
الاول :خبر حادثة حصان الجندي العثماني الانكشاري التي وقعت اثناء تشابه المسرح العاشورائي عام 1636 في وقت مقارب لزمن فتح القنصلية البرتغالية في البصرة وهذ مبتدأ زمن الرواية..
الثاني :خبر ضريح شوفان والكشف عن تاريخ المكان وتحولاته من بيت للقنصلية البرتغالية ومرورا بتحوله الى حمام بعد شرائه من قبل زكية بنت سعيد مكتوبلي والى ان اصبح ضريحا مشكوكا بقدسيته .
الاخبار الثلاثة تجمع وتلم كل الرواية في قبضة يد صغيرة لطفل اسمه رمزي ..
هذه الخطاطات الاربع تحاك وتتشابك فيما بينها –كما حاك غويلي مكانس الجنة –على يد سارد ماهر اسمه مرتضى كزار لتكون ضمن خطاطة اوسع او خارطة أعم يرسمها القارىء وعينه على الاطلس الموجود في الرواية وفي مكتبة في العشار قلب البصرة ..
الخطاطات الاربع ،لعائلة مكتوبلي وعائلة حياوي والمكان الجامع بينهما وخطاطة رمزي وارتباطاته ،هذه الخطاطات تجتمع ضمن خطاطة او خارطة اوسع تبتدأ من شمال الجزيرة الانكليزية ،اسكتلندا ،وتنتهي فيها ايضا…
(اسكوتلاندا← البصرة←اسكوتلاندا)
تبدا بحرا من اسكلتندا الى البصرة وشط العرب، ومن البصرة جوا الى غلاسكو عاصمة اسكتلندا وبحيرة خوخ نيس…
كانت تحولات المكان الاول –قنصلية – حمام – ضريح –والذي ارتبط بعائلة مكتوبلي من لحظة شراء بيت القنصلية وانشاء حمام زكية محله، وربما من وقت اسبق، كانت تحولات قدرية ومكتوبة من قبل ارادة خفية لم تدرك ولم تر ظاهرة على سطح السرد الا من خلال آثارها التي قصها القارىء ورد جذورها بخيالاته الى حكاية جاسوس ارسله القائد البرتغالي (روي فيريرا او الفونسو السفاح او غيره)ليتقصى اوضاع البصرة واهلها قبل غزوها ..
احد ايام اقامته في البصرة اراد الجاسوس البرتغالي ولعله كان – بيدرو تخسيرا المؤرخ والرحالة المتستر بالكاثوليكية لاخفاء يهوديته – اراد شراء حاجة في الصباح من احد دكاكين، لكنه فوجىء بالحانوتي يعتذر منه مع وجود الحاجة عنده للبيع ويرجوه ان يشتريها من الدكان المجاور ،ولما استفسر منه عن السبب مستغربا تصرفه،قال البصراوي ان صاحبه لم يبع شيئا هذه الصباح ويريده ان يستفتح ويفرح !
إنذهل البرتغالي ، الجاسوس ، وكتب قصة هؤلاء الناس المتحابين ضمن تقاريره المرسلة لقائده…حكاية الايثار عند البصريين وادمانهم صناعة الفرح ربما كانت سببا – غير منطقي طبعا – لاكتفاء البرتغاليين بفتح قنصليتهم في البصرة بدلا عن احتلالها واباحتها كما فعلوا بوحشية على امتداد ساحلي الخليج العربي ،او خليج البصرة كأسم اقدم ذكرته خرائط الخليج!
وصل بيدرو تخسيرا اليهودي المتستر بالكاثوليكية إرتعابا من محاكم التفتيش ، وصل البصرة اوائل القرن السابع عشر وربما شاهد تشابيه عاشوراء وحادثة الحصان الانكشاري، ربما اذهلته قساوة القتلة ومنظر الرضيع الذبيح وذكرته بمحاكم التفتيش وبشاعتها فاشتغل لمعرفة المزيد كي يضمّنها في تقاريره ،لذا مر بالنجف (يسميها بيدرو مدينة علي) ومر بكربلاء (ويسميها مدينة الحسين)وهو في طريقه الى لشبونة ،وربما زار القديسة فاتيما ( فاطمة ) في البرتغال بعد ان سمع اسمها يتردد كثيرا و بقدسية في مدينتي علي والحسين عليهما السلام .
هذه الاماكن ومرجعياتها التاريخية المفعمة بالمآسي القت بظلالها على شخصية رمزي وروايته/اقصد لوحاته او رواية نورست..بل سترتد رجوعا الى رواية صفر واحد لتمتزج باحداثها!
وداد سيذهب الى النجف ايضا كما ذهب بيدرو،وسيتقنع بزيه الجديد ، ربما ليمحو او يخفي ماضيه وهو يرسم جداريات الرئيس وصوره ، ليس وحده، كل شخصيات الرواية ستتخفى وتتقنع بشكل او بآخر، مدين سيختفي كاخيه ،لكن في الدانمارك وربما سيعبر البحر الى كرينلاند ،او يعبر شط العرب الى قرية كردلاند على ضفته الاخرى (كرينلاند محورة عراقيا).
كل هذا تنشره الاشارات امام القارىء وتنشر قصة( الحفرة والبندول لادغار الن بو) وهي تعلن نهاية المحاكم الكاثوليكية وقضاتها البشعين على يد الجيوش النابليونية..
ان رحلة البرتغالي بيدرو اتخذت مسارا مماثلا لمسار الخطاطة الرئيسة (اسكتلندا—بصرة—اسكتلندا) اذ بدأت من الساحل البرتغالي على المحيط الاطلسي ذاته ، فوصل البصرة ثم عاد برا الى الاندلس / اقصد البرتغال ، هذا ما يقوله كتابه:تاريخ الخليج والبحر الاحمر..
خط ناقلات النفط في رواية صفر واحد هو ذاته خط الأساطيل البرتغالية والهولندية والانكليزية وحتى الفرنسية من اوربا الى الخليج واهله(ربما مر بعضها عبر قناة السويس ثم مضيق مكة)،وهونفسه خط سفن شركة الهند الشرقية البريطانية التي اتت بهانز مكنزي الى البصرة اوائل القرن العشرين –نتذكر خط فايروس امية في صفر واحد—ونرى الاساطيل الامريكية والاوربية وهي تغزو العراق عبر نفس المسار ، وتحمل معها الميجر الدانماركية مالينوسكي ومادس وبراسه…
خط واحد ،،لمسار فايروسي ثابت ، باطوارمتغيرة عبر الزمان وتحولاته.
يستطيع رمزي او المؤلف ان يؤدلج الرواية وفقا لمتبنياته الفكرية، لكن ثمة من يكتبه ،ويعيد انتاجه من دون ان يعلم ،لقد تحكم رمزي ب نورست –جدته او ابنة اخيه!-لكن من الذي تحكم ب رمزي، القدر ربما؟ وربماٍ ما كتب له او عليه؟، وربما توأمه الغرائبي هو المتحكم؟ او حنا اليهودية الطويلة التي علمت ام وداد اوائل القراءة؟..هل ثمة رابط ما بين حنا وبيدرو تخسيرا اليهوديان؟
مثلت شخصية رمزي الاشكالية بؤرة اشعاع سردي تتشابك مع كل مساحة الرواية واحداثها لتؤشر قدرة مدهشة لهذا الحكاء الجديد مرتضى كزار والذي اراد ان يقول بوعيه شيئا ما – قصديا – لكن رمزي الشخص او الراوي الرئيس توسع في القول ورش إيماءاته ودواله على اللوحة/الرواية كلها ،ليقشر الاصباغ التي حاول بها المؤلف ان يغطي جماليات منجزه السردي بحجاب من افكاره لم يثبت امام نظرات القراءة ونسائمها الا قصيرا..
لقد تمرد رمزي عليه- على المؤلف – واظهر لنا نحن قراءه الالوان الحقيقية للخطاطات ،خطاطات الاماكن والعائليتن ومساره ،مسار رمزي مكتوبلي وامتدادات هذا المسار وما يثيره في ذهن القارىء ومخيلته من اسئلة وتداعيات لنقول مع عزرا باوند:ان العمل الفني المثمر حقا هو ذلك الذي يحتاج تفسيره الى مائة عمل من جنس ادبي اخر.
وهكذا هو هذا العمل السردي لمرتضى كزار..
لندع رمزي مكتوبلي على ضفاف بحيرة لوخ نيس في اسكتلندا مع الصبية الاسكوتلانية ايضا، متبادلا الدور مع هانز مكنزي الاسكتلندي الذي كان على ضفاف شط العرب مع الصبية البصراوية زكية مكتوبلي والتي قتلت فيما بعد ودفنت واقفة لتشكل مع جثث الرسامين علامة صليب من نوع غريب فعلا..هل سترسم الصبية الاسكتلندية علامة الصليب ايضا !ربما،،يوما ما قال موزارت :انا لااعرف ماذا ساغني،غير ان الاغنية وحدها تنضج..
هذا تماما – كما يرى القارىء- ما حدث لمرتضى كزار وهو يؤلف روايته(مكنسة الجنة)فقد غرق متلذذا في متاهاتها واغرقنا معه بابداع وتفرد..
آذار 2010
Jabir_kh@yahoo.com