طالب همّاش :
قالَ الساهرُ :
ما أروقَ هذا الإيقاعَ الهادىءَ
في جريانِ الليلِ الموسيقارْ !
وتقولُ السهرانةُ :
ما أعذبَ هذا الإحساسَ الناسكَ في سريانِ
النسماتِ المشتاقهْ !
الريحُ أحنُّ من الوترِ المشدودِ
على السرِّ المسكرِ في الغيتارْ …
والصحو أرقُّ من العصفورِ المرسومِ
كقوسِ الشهوة ِفي الدراقهْ .
فبأيّ ( مصابيحٍ ) تتنوّرُ روحُ السهرانةِ
في صورتها البيضاءِ على البلّورْ ؟
وبأيّ ( قناديلٍ ) سَتُضَاءُ سعادةُ روحِ الساهرِ
في الصمتِ المسرورْ ؟
وسماءُ العاشقِ أصبوحةُ صيفٍ ضاحكةٌ
تتلألأُ شمسُ سعادتها العذبةُ في السيلانِ الشفّافِ
لنهريّةِ ليلٍ رقراقه .
آهٍ ما أروقَ هذا الإقمارَ
وما أروعَ إشراقه !
وعلى الدمعةِ أن تهطلَ من عينِ السهرانةِ
في قدحِ السهرانْ !
ليكونَ النورُ المشرقُ
باكورةَ عينِ العاشقِ ،
والصورةُ كأساً مترعةً
تترقرقُ خمرتها كنوافيرِ الغدرانْ .
وعلى العاشقِ أن يسهرَ كلَّ جمالِ المرأةِ
كي تتأرجحَ كلُّ كؤوسِ الليلِ المشروبةِ
في الإقمارِ المسكرِ للكروانْ!
وعلى النهريّةِ أن تتهدهدَ بالموسيقى
حين تلامسُ ساقُ المرأةِ
أطرافَ الموجِ السكرانْ.
فالبجعاتُ على الضفّةِ بهجةُ عينِ العاشقِ
والصورُ الزرقاءُ طريقُ الحالمِ
لينابيعِ الريحانْ .
وعلى السهرةِ أن تتموّجَ
بين ذراعينِ من الموسيقى
لتصيرَ العتمةُ أكوازَ دموعٍ
تتقطّرُ كالخمرةِ في القلبِ النشوانْ.
يا رجلَ الليلِ السهرانِ
قبالةَ شبّاكِ السهرانةِ
رقّقْ روحكَ حين يرقُّ الحزنُ الهادىءُ ،
واسهرْ ليلكَ في ليلينْ !
هو ذا سهرُ الأقمارِ الربانيّ
يهزُّ قلوبَ الشعراءِ قبالةَ مائةِ عينْ !
هي ذي فرحةُ روحٍ
تشرقُ إشراقَ سعادةِ نورٍ من عينِ الناظرِ
وتحلّقُ في الأفقِ العاشقِ
طيرينِ فطيرينْ .
فاتركْ نفسكَ تسرحُ في سيرورةِ حزنٍ راهبةٍ
واسمعْ موسيقى الشلّالاتِ الليليّةِ
وهي تديمُ سعادةَ هذا العالمِ
من قلبينِ إلى قلبينْ !
يا رجلَ الليلِ السهرانَ
قبالةَ شبّاكِ السهرانةِ
اسهرْ ليلكَ في ليلينْ!
ما أجملَ أن يتموّجَ شبّاكانِ على غصنِ الليلِ
كعشّينْ!
العشُّ بقربِ أخيهِ العشِّ ..
وعصفورُ اللوزِ يجاورُ أولادَ عمومتهِ الأطيار….
وحيثُ الريحُ هي الموسيقارُ
تمرُّ على الأشجارِ
لتجعلَ منها ناياتٍ تترخّمُ بحفيفٍ حيرانَ
على سمعِ حبيبينِ جريحينْ!
فارفعْ مصباحكَ كالكأسِ إلى النشوةِ
كي تهتزَّالسرجُ المسرورةُ
في ليلِ الشرفاتِ المزروعةِ بالأقمارْ !
شبّاكُ الساهرِ في الليلِ له شكلُ جناحينْ .
شبّاكُ السهرانةِ في الليلِ له
شكلُ كنارْ .
شبّاكُ العاشقِ عشٌّ
لطلوعِ القمرِ الذهبيّ
وشبّاكُ المعشوقةِ مرآةٌ
تتمرأى فيها الدنيا
حين يروقُ الليلُ الراعي
وتروقُ نسائمُهُ الرقراقهْ
ويقولُ الساهرُ :
ما أروقَ هذا الإيقاعَ الهادىءَ
في جريانِ الليل ِالموسيقار ْ !
وتقولُ السهرانةُ :
ما أعذبَ هذا الإحساسَ الناسكَ
في سريانِ النسماتِ المشتاقه .
تتماوجُ ساعاتُ العزلةِ هادئةً
حولَ سراجِ السهرانة ِ
وترفرفُ أجنحةُ الراحةِ
كفراشاتٍ حولَ سراجِ السهرانْ .
تتماوجُ ساعاتُ العزلةِ …
والعاشقُ يستمتعُ ساعاتٍ ..ساعاتٍ
بالفرحٍ الإيقاعيِّ
المتراقصِ كالنافورةِ
تحتَ الأرجحةِ المنغومةِ لهنيهات الكروان.
يا لسعادةِ سهرياتِ الموسيقى الملآى
بنعومةِ أحلامِ الليلِ القمريةِ
وسكونِ ليالي الصيفِ
الصافيةِ الأحزانْ !
تتدلّى الأغنيّةُ من موسيقى الليلِ
على صدرِ الفجرِ
كعنقودِ الرمّانْ .
وعلى الساهرِ أن يشربَ كلَّ الليلِ
شفاهَ حبيبتهِ
ويلاطفَ بالكفّينِ طراوةَ دراقتها
المقطوفةِ من دونِ قطافْ
وعلى السهرانةِ أن ترقصَ
حول المصباحِ بثوبِ الرقصِ الشفّافْ
لتصيرَ الدنيا الورديّةُ
في هذا السكرِ مكوّرةً كالدراقه
وتطيرَ الريحُ معطّرةً فوق رؤوسِ الأشجارْ .
وتقولُ المرأةُ :
ما أروقَ أن تتروحنَ روح ُالسهرانِ
أمامَ مياهٍ رائقةٍ ، رقراقهْ !
ويقولُ العاشقُ :
ما أجملَ أن تتهادى روحُ السهرانةِ
كجناحينِ وراء جمالِ الأسرارْ .
talebhammash@gmail.com
سوريا –حمص
—