وفاءاً للشهيد كامل شياع صدر عن دار الشؤون الثقافية العامة ، مؤخرا ، كتاب “عندما يتوهج المثقف .كامل شياع .. من بلاغة الكلمة إلى بلاغة الدم ” وهو من اعداد وتحرير مجلة الأقلام وتضمن عددا من المقالات التي كتبت عن مقتله اضافة الى حوارين معه وبضعة مقالات كان كتبها في فترات مختلفة من حياته.
في القسم الأول من الكتاب نقرأ لفالح عبد الجبار موضوعاً بعنوان” اغتيال كامل شيّاع أو خفة انتهاك الوجود” وفيها يقول : “على رغم ان اخبار القتل والذبح والخطف لا تنقطع، كان اغتيال كامل شياع اكثر من صدمة.لا استطيع تخيله جثة هذا الكائن الحي والحيي، الذي يمشي على استحياء، ويهمس في استحياء، ويكتب في استحياء. لا استطيع ايضا ان اتخيله في
مواجهة القتلة القادمين بسيارتين اعترضتا طريق سيارته في اتوستراد محمد القاسم ببغداد ليشهروا عليه مسدسات بكواتم صوت. لعل هنيهات مرت راوده فيها أمل بأن ثمة اختطافا
قد ينتهي بفدية وعودة، تطول او تقصر. لعل املا آخر راوده لجزء من ثانية بان ثمة التباسا او سوء فهم، وان المسلحين المجهولين سينبسون بكلمة، تفصح عن جلية هذا اللبس الملغز، او هذا الابهام الفاتك، او لعله بوغت بمشروع القتل وادرك انها النهاية. هي ثوان معدودات مرت قبل ان تنطفئ اضواء الوعي، ويحل العدم الابدي. لقد حمل كل هذه اللحظات معه”.
وكتب شوقي عبدالأمير” كامل شياع .. قنديل لا يطفئه الموت” وقال : بعد قليل من سماعي النبأ الفاجع الذي بلغني هاتفيّاً من صديق كنتُ أنظر إلى كامل شياع على شاشة تلفزيون “الحرّة – عراق” في ندوة مصوّرة عن “ثقافة الطفل” بحضور كل من الشاعر صادق الصائغ والدكتور جمال العتابي ولكن الحديث عوضاً أن يذهب إلى المستقبل لأن الموضوع هو الطفولة إنسحب نحو الماضي وأدهى من ذلك نحو الماضي المعتم وأهواله فصار المتحدثون وخاصة المُحتفى به، صادق الصائغ يتحدث كيف أن العراقيّ يتلقن الرعب والعنف كتربية حتى دون أن يشعر وكرد على هذه الملاحظة علّق كامل شياع بابتسامته وهدوئه المعهود قائلاً بأن الأساسي يبقى بالنسبة لنا اليوم هو “حبُّ الحياة وبناءُ الحياة..”. وكتب الباحث الكبير رشيد الخيون ” شياع.. كان أرفع من يأسنا!” ذكر فيها :” تضاربت الرواية حول مصدر الرصاصات القاتلة التي استقرت في بدن الكاتب والباحث والمثقف كامل شياع ببغداد، أكاتم صوت أخرس أم رشاش ناطق لا يخشى ولا يحذر شيئاً! مع أن الحدث ليس بالبعيد، ابن ساعته. ويبدو لأصحاب الروايات أغراضهم أيضاً، فتحوَّل القتل إلى كاتم صوت يعني أن الحكومة قوية والأمن مستتب، وأن الشرطة ومن طرزوا على أكتافهم السيوف والتيجان، بدورات اليوم أو اليومين، هناك من يخافهم ويهابهم، وبالتالي لا داعي لصحوات عشائر أو من يُعين!
اغتيل كامل شياع وكان نفسه يتوقع الحدث! لكنه استمر متعايشاً مع خوفه وقلقه، متحايلاً على التهديدات التي ترده، وهو الإنسان المسالم إلى حد الضعف، بأمل أن تعاد للثقافة العراقية حظوتها بين ثقافات الأمم، محاولاً استثمار هوامش الديمقراطية لترميم هامش ثقافي ما. كانت به وبأمثاله تعرف أنها وزارة ثقافة، ويطمئن المثقفون الى التعامل معها، ولا نعني ممن تكلست ذواتهم على الكراهية”.
وكتب ايضاً علي الشوك ، عبد الجبار الرفاعي ، سيار الجميل ، لطفية الدليمي ، عبد الزهرة زكي ، مصطفى الكاظمي ، لؤي عبد الاله ، د. جمال العتابي ، نوفل ابور رغيف .
وفي القسم الثاني من الكتاب نقرأ حوارين مع شياع الاول للصحفي مازن لطيف ، والثاني للشاعر حسام السراي .اما في القسم الثالث فنطالع عددا من المقالات التي كتبها الشهيد كامل شياع منها : الدستور ، الحريات وعودة المثقف ، الفلسفة .. الحقيقة وتعدد انماط التفكير ، الطريق الطويل نحو الحداثة، قراءة اولية في لوحة افكار ، هوية بإطار مفتوح ، طريق
الحداثة الطويل ، رومانتيكية .. ولكن ؟ ، دور المثقف ، المرابد التي اتخيلها .. وكذلك مقاله المهم جدا عن عودته من مغتربه بلجيكا قادماً الى بغداد “عودة من المنفى” الذي ذكر فيه : “عدت إلى العراق قبل عامين، تاركاً ورائي قرابة خمسة وعشرين عاماً من الهجرة القسرية. تلك العودة إلى ما حسبته م الذي الآخر أوالأخير، عللتها لنفسي بأن فصلاً من حياتي صار ماضياً ينبغي طيّه فطويته، وأن فصلاً آخر قد فتح إحتمالاته، على مصراعيها، أمامي فاستجبت إليه. لم أقصد أن أكون مغامراً حين مضيت في رحلة العودة التي لم أتخيلها منذ البداية نزهة في عالم الأحلام، ولم يأخذني إليها حماس رومانتيكي. لقد شعرت فقط بأنني مدعو لرحلة نحو المجهول، وفي ذلك يكمن سر أنجذابي اليها.
رحلة العودة وضعتني شيئاً فشيئاً إزاء اختيارات صعبة لم أكن أعي دلالاتها أو أقدر أبعادها، وحررتني من الارتباط بمكان محدد على حساب الزمن الخاص للتجربة الذاتية، واوقفتني بعيداً عن الأفكار المجردة حول التاريخ العام لأكتشف تنوّع التاريخ المحلي وتعقيده وإلتوائه. ومن يبحث، يجد!. بجانب التجربة الفعلية والتاريخ الحي، وضعتني هذه الرحلة وجهاً لوجه أمام موت جارف ، وشيك وعبثي. لا اعني هنا بالطبع أفكاراً أو أخيلة أو هواجس تستبق حدث الموت الرهيب، بل حقائق ملموسة يمتزج فيها الموت بالحياة ويتلازمان في كل لحظة. الموت في مدينة كبغداد يسعى إلى الناس مع كل خطوة يخطونها، فيما تتواصل الحياة مذعورة منه أحياناً، ولا مبالية إزاءه في أغلب الأحيان. ما أكثر لافتات الموت السود في
المدينة؟ كم من الناس واسيت بفقدان أب أو إبن أو أخ أو قريب؟ كم مرة قصدت مجالس التأبين معزياً؟ كم مرة وجدت نفسي عاجزاً عن إظهار تعاطفي مع ذوي الضحايا البريئة المجهولة لي؟ كم بكيت في سري حزناً على مشاهد الدماء المسفوكة في كل مكان؟
الكتاب تألف من 144 صفحة من القطع الكبير وهو ضمن سلسلة ” وفاء” التي تصدرها الشؤون الثقافية .
في القسم الأول من الكتاب نقرأ لفالح عبد الجبار موضوعاً بعنوان” اغتيال كامل شيّاع أو خفة انتهاك الوجود” وفيها يقول : “على رغم ان اخبار القتل والذبح والخطف لا تنقطع، كان اغتيال كامل شياع اكثر من صدمة.لا استطيع تخيله جثة هذا الكائن الحي والحيي، الذي يمشي على استحياء، ويهمس في استحياء، ويكتب في استحياء. لا استطيع ايضا ان اتخيله في
مواجهة القتلة القادمين بسيارتين اعترضتا طريق سيارته في اتوستراد محمد القاسم ببغداد ليشهروا عليه مسدسات بكواتم صوت. لعل هنيهات مرت راوده فيها أمل بأن ثمة اختطافا
قد ينتهي بفدية وعودة، تطول او تقصر. لعل املا آخر راوده لجزء من ثانية بان ثمة التباسا او سوء فهم، وان المسلحين المجهولين سينبسون بكلمة، تفصح عن جلية هذا اللبس الملغز، او هذا الابهام الفاتك، او لعله بوغت بمشروع القتل وادرك انها النهاية. هي ثوان معدودات مرت قبل ان تنطفئ اضواء الوعي، ويحل العدم الابدي. لقد حمل كل هذه اللحظات معه”.
وكتب شوقي عبدالأمير” كامل شياع .. قنديل لا يطفئه الموت” وقال : بعد قليل من سماعي النبأ الفاجع الذي بلغني هاتفيّاً من صديق كنتُ أنظر إلى كامل شياع على شاشة تلفزيون “الحرّة – عراق” في ندوة مصوّرة عن “ثقافة الطفل” بحضور كل من الشاعر صادق الصائغ والدكتور جمال العتابي ولكن الحديث عوضاً أن يذهب إلى المستقبل لأن الموضوع هو الطفولة إنسحب نحو الماضي وأدهى من ذلك نحو الماضي المعتم وأهواله فصار المتحدثون وخاصة المُحتفى به، صادق الصائغ يتحدث كيف أن العراقيّ يتلقن الرعب والعنف كتربية حتى دون أن يشعر وكرد على هذه الملاحظة علّق كامل شياع بابتسامته وهدوئه المعهود قائلاً بأن الأساسي يبقى بالنسبة لنا اليوم هو “حبُّ الحياة وبناءُ الحياة..”. وكتب الباحث الكبير رشيد الخيون ” شياع.. كان أرفع من يأسنا!” ذكر فيها :” تضاربت الرواية حول مصدر الرصاصات القاتلة التي استقرت في بدن الكاتب والباحث والمثقف كامل شياع ببغداد، أكاتم صوت أخرس أم رشاش ناطق لا يخشى ولا يحذر شيئاً! مع أن الحدث ليس بالبعيد، ابن ساعته. ويبدو لأصحاب الروايات أغراضهم أيضاً، فتحوَّل القتل إلى كاتم صوت يعني أن الحكومة قوية والأمن مستتب، وأن الشرطة ومن طرزوا على أكتافهم السيوف والتيجان، بدورات اليوم أو اليومين، هناك من يخافهم ويهابهم، وبالتالي لا داعي لصحوات عشائر أو من يُعين!
اغتيل كامل شياع وكان نفسه يتوقع الحدث! لكنه استمر متعايشاً مع خوفه وقلقه، متحايلاً على التهديدات التي ترده، وهو الإنسان المسالم إلى حد الضعف، بأمل أن تعاد للثقافة العراقية حظوتها بين ثقافات الأمم، محاولاً استثمار هوامش الديمقراطية لترميم هامش ثقافي ما. كانت به وبأمثاله تعرف أنها وزارة ثقافة، ويطمئن المثقفون الى التعامل معها، ولا نعني ممن تكلست ذواتهم على الكراهية”.
وكتب ايضاً علي الشوك ، عبد الجبار الرفاعي ، سيار الجميل ، لطفية الدليمي ، عبد الزهرة زكي ، مصطفى الكاظمي ، لؤي عبد الاله ، د. جمال العتابي ، نوفل ابور رغيف .
وفي القسم الثاني من الكتاب نقرأ حوارين مع شياع الاول للصحفي مازن لطيف ، والثاني للشاعر حسام السراي .اما في القسم الثالث فنطالع عددا من المقالات التي كتبها الشهيد كامل شياع منها : الدستور ، الحريات وعودة المثقف ، الفلسفة .. الحقيقة وتعدد انماط التفكير ، الطريق الطويل نحو الحداثة، قراءة اولية في لوحة افكار ، هوية بإطار مفتوح ، طريق
الحداثة الطويل ، رومانتيكية .. ولكن ؟ ، دور المثقف ، المرابد التي اتخيلها .. وكذلك مقاله المهم جدا عن عودته من مغتربه بلجيكا قادماً الى بغداد “عودة من المنفى” الذي ذكر فيه : “عدت إلى العراق قبل عامين، تاركاً ورائي قرابة خمسة وعشرين عاماً من الهجرة القسرية. تلك العودة إلى ما حسبته م الذي الآخر أوالأخير، عللتها لنفسي بأن فصلاً من حياتي صار ماضياً ينبغي طيّه فطويته، وأن فصلاً آخر قد فتح إحتمالاته، على مصراعيها، أمامي فاستجبت إليه. لم أقصد أن أكون مغامراً حين مضيت في رحلة العودة التي لم أتخيلها منذ البداية نزهة في عالم الأحلام، ولم يأخذني إليها حماس رومانتيكي. لقد شعرت فقط بأنني مدعو لرحلة نحو المجهول، وفي ذلك يكمن سر أنجذابي اليها.
رحلة العودة وضعتني شيئاً فشيئاً إزاء اختيارات صعبة لم أكن أعي دلالاتها أو أقدر أبعادها، وحررتني من الارتباط بمكان محدد على حساب الزمن الخاص للتجربة الذاتية، واوقفتني بعيداً عن الأفكار المجردة حول التاريخ العام لأكتشف تنوّع التاريخ المحلي وتعقيده وإلتوائه. ومن يبحث، يجد!. بجانب التجربة الفعلية والتاريخ الحي، وضعتني هذه الرحلة وجهاً لوجه أمام موت جارف ، وشيك وعبثي. لا اعني هنا بالطبع أفكاراً أو أخيلة أو هواجس تستبق حدث الموت الرهيب، بل حقائق ملموسة يمتزج فيها الموت بالحياة ويتلازمان في كل لحظة. الموت في مدينة كبغداد يسعى إلى الناس مع كل خطوة يخطونها، فيما تتواصل الحياة مذعورة منه أحياناً، ولا مبالية إزاءه في أغلب الأحيان. ما أكثر لافتات الموت السود في
المدينة؟ كم من الناس واسيت بفقدان أب أو إبن أو أخ أو قريب؟ كم مرة قصدت مجالس التأبين معزياً؟ كم مرة وجدت نفسي عاجزاً عن إظهار تعاطفي مع ذوي الضحايا البريئة المجهولة لي؟ كم بكيت في سري حزناً على مشاهد الدماء المسفوكة في كل مكان؟
الكتاب تألف من 144 صفحة من القطع الكبير وهو ضمن سلسلة ” وفاء” التي تصدرها الشؤون الثقافية .