(أقدم اعتذاري لأنني وضعتُ اصبعي في حبر التصويت على الاستفتاء..) كان هذا ما صرح به السيد لاهور شيخ جنكي الطالباني بعد ان نجح في التصدي لفتنة خطيرة كادت أن تحرق الأخضر واليابس في محافظة كركوك في تشرين الأول 2017 ، فهل قلل هذا التصريح من هيبة هذا الرجل؟ هل كان كلامه معيباً أو موحياً بالانكسار؟!
لقد احتفظ التاريخ بأسماء صناع الحروب كما احتفظ بأسماء صناع السلام، كلا الصنفين نقرأ عنهما في كتب التاريخ، لكن الفريق الأول بطبيعة الحال لايثير بداخل من يذكره إلا النفور الذي يرافق انطباعاتنا عن قبح الحروب وبشاعتها، أما صناع السلام، فكلما مرت أسماؤهم رافقها شعور بالفخر بإنجازاتهم التي قدموا من خلالها أثمن شيء لأبناء جيلهم والأجيال اللاحقة، قدموا لهم (الحياة) ، وصناعة السلام عنوان للفروسية والبطولة .
والسيد لاهور شيخ جنكي الطالباني، استحق بجدارة أن يحمل اسم صانع سلام، خصوصاً بعد أن حقن دماء العراقيين (كرداً وعرباً وتركماناً سنة وشيعة) ونزع فتيل الأزمة في كركوك، وتعامل بلغة العقل والمنطق والحكمة مع أخطر فتنة كادت تعصف بهذه المحافظة التي لطالما كانت محط خلاف بين الأطراف السياسية .
لقد أثبت السيد لاهور من خلال طريقته في مواجهة أزمة كركوك ان لحظة اتخاذ القرار المصيري لابد أن تستحضر فيها خلاصة التجارب الانسانية مع الشعور العالي بالمسؤولية تجاه كل المعنيين بهذا القرار، وفي الحقيقة ليس سهلاً أثناء اللحظات المصيرية اتخاذ القرار المناسب دون التعمق في حقيقة الوضع وما يرافقه من تداعيات مستقبلية، ومن هنا انطلق السيد لاهور بلا تردد نحو هدف محدد، هو السلام، ولسان حاله يقول (ليأخذ كل ذي حقٍّ حقه، لن نغلبكم ولن تغلبونا) .
وفي الوقت الذي توقع فيه المحللون عبر الفضائيات وقوع معارك طاحنة يسقط خلالها الآلاف من قوات البيشمركة والجيش والحشد ضحية لصراع موروث منذ زمن النظام السابق، انتهت الأزمة بإلغاء مسبباتها، لا أحد يتحدى أحد، ولا جهة تستفز الاخرى .
لقد أثار نجاح السيد لاهور في تثبيت دعائم الأمن والاستقرار في كركوك غضب جهات كردية كانت وللأسف تنتظر وقوع حرب تقدم لها خدمة اعلامية على طبق من ذهب، فالحرب التي انتظروها لم تحصل، والتوتر انتهى، وعادت الأمور الى طبيعتها في كركوك، فما كان من هؤلاء الا اتهامه بالخيانة!
لقد كانت سياسة وريث مدرسة الطالباني غير مقبولة من قبل الانتهازيين ومن اعتادوا على المتاجرة بالقضية الكردية لتحقيق منافع شخصية وعائلية، وبالتالي فمن الطبيعي ان يحاول هؤلاء تغطية الشمس بالغربال واتهام الرجل بالخيانة .
ان الخائن الحقيقي هو من يدفع بالشباب الى الموت من اجل كرسيه، وليس من ينزع فتيل الأزمة ويحقن دماء الناس ويصون أرواحهم، وقد أدرك الشعب الكردي هذه الحقيقة في 16 تشرين الأول 2017 والأيام التي تلتها، واليوم، مضى عامان تقريباً على تلك الأحداث التي عندما نتذكرها نعبر عن تقديرنا واحترامنا لصانع السلام .
ان السيد لاهور (الذي هو من موالید ۱۹۷٥) تأثر بدبلوماسیة و مهارة مام جلال، كما تأثر أيضاً بمبادئ وأخلاق نوشيروان مصطفی، وهو یجید اللغات الانكليزية والعربیة والفارسیة والترکیة، ویقود اهم مؤسسة امنیة لها دور لیس في استقرار السلیمانیة فحسب بل استقرار الاقلیم کافة.
وكلنا نتذكر عندما اقترب داعش من اربیل، إذ طلب مسعود البارزاني منە ان يكسر جبهة داعش ویحرر مخمور، وقد حقق انتصاراً باهراً موثقاً بالفیدیو وإفادات الشهود .
والیوم، هذا الشاب الواعد ینتظرە مستقبل باهر ومشرف، سیما انە یحظی بحب وقبول الشعب العراقي کافة لما يتمتع به من روح وطنية .