تناقلت صورة اليهودي في الأدب العالمي بين اليهودي المنعزل والمرابي واليهودي الظالم ، تتراوح مابين ضحالتها إنسانياً وسلبيتها ، ففي الأدب الإنكليزي كتب ” كريستوفر مارلو ” مسرحيته ” يهودي مالطا ” ، ” وليم شكسبير ” كتب مسرحية ” تاجر البندقية ” ، وفي الأدب الروسي كتب ” بوشكين ” مسرحية ” الفارس البخيل ” ، في الأدب الألماني كتب ” جورج كايزر ” مسرحية ” الأرملة اليهودية ” ، أما في الرواية كتب الأديب الانكليزي ” تشارلز دكنز ” رواية ” اولفر تويست ” ، وقد إجتمع هؤلاء المؤلفون المسرحيون والكتاب وغيرهم على تصوير الشخصية اليهودية محملين إياها عدة سمات من خلال مسرحية تاجر البندقية لشكسبير وكان منها القسوة المفرطة اذ يتمكن من خصمه ويتجلى ذلك في إصرار شايلوك على اقتطاع رطل من لحم ” انطونيو” وفشل كل محاولات أنطونيو وصديقه وحتى القاضي في استعطافه وإثارة أقل قدر من الرحمة في قلبه يحول بينه وبين نفاذ الشرط , الحقد والكراهية تجاه الغير وهو مكون أساس من مكونات الشخصية اليهودية حتى إن شهوة الحقد والغل تعلو عنده على شهوة المال فقد رفض رد أمواله مضاعفة مقابل التنازل عن إنقاذ شرط اقتطاع اللحم , والشره للمال وقد برع شكسبير في تصوير حب اليهود للمال وتكالبهم عليه ، وغلبة هذا الشره للمال على أخص العواطف الإنسانية وهي عاطفة الأبوة كما في شخصية شايلوك عند هرب ابنته بأموال أبيها لتلحق بحبيبها , والخضوع والذلة أمام غلبة القوة من أجل الوصول إلى الهدف , وهكذا صور لنا شكسبير هذه الشخصية في حالة الحضور بما تحمله من عدوانية وحقد وكراهية تجاه غير اليهودي تقسو على عدوها إذا تمكنت منه دون أدنى قدر من الرحمة والشفقة ، تستغل المال كسلاح من أسلحتها للإيقاع بعدوها , الشخصية اليهودية في حالة الغياب ، بعض النصوص التي لاتقول لنا شيئاً عن الشخصية بشكل مباشر ،فأن الرمز يصورها ، ويقول مالا يقوله الحوار ، عن طريق تحليل الرموز معتبراً الشخصية بمنزلة العلامة المسرحية، أو عندما تصبح الشخصية جزءا” من بنية الخطاب وفي نظام الرموز الخاص بذلك الخطاب , وكتب ” دي سومي ” عام (1550 م) مسرحية من خمسة فصول على غرار كوميديا ديلارتي الايطالية وأسماها ” فكاهية الخطوبة ” أو ” كوميديا الزواج ” تتحدث المسرحية عن رجلاً محباً يهودياً وخادمة ماكرة مسيحية تجيد تدبير المكائد ومحامياً شكاكاً غير معروف الأصل من العرب وخادم ذكي خفيف الظل , ومن المؤلفين المسرحيين اليهود الذين “تأثروا بحركة التنوير ” الهسكلاه ” ” مانيا هوشامام ” (1893- 1937) م ، كتب مسرحيته ” بلعام ” عام (1925) م ، تصور الصراع بين قوى الظلام والتخلف متمثلة ب ” يلام ” العربي وبين قوى النور المتمثلة في ” موش ” اليهودي وقد كان ” شوحام ” يميل إلى تقديم شخصياته في ثنائية متناقضة ،كل منهما يتبنى وجهة نظر مضادة ومغايرة وهذه إحدى صفات الشخصية اليهودية, أما الشخصية العربية في الأدب اليهودي فتشكل فجوة في العلاقات اليهودية _ العربية كما تبدو في الواقع ، تعتمد على الانعدام المبدئي للثقة ، فهم يرغبون في الانفصال وهذا في حالة حضور الشخصية العربية ، هناك مسرحيات لم يكن فيها حضور للشخصية العربية بل كانت شخصية مغيبة ، يرمز لها بصورة مضحكة بسبب النظرة المتعالية ( الأنا ) للآخر الأدنى ، مثل مسرحية ” يعقوب وأميل ” تأليف الكاتب المسرحي اليهودي ” موشيه هليفي ” ومسرحية ” تبيا ” تأليف الكاتب اليهودي ” تسفي شاتس ” .
, ومن خلال قراءة للنصوص المسرحية اليهودية هناك ثمة صفات مشتركة للشخصية اليهودية في هذه النصوص , فكان الاستعلاء اليهودي حتى بينهم كيهود فالبطل اليهودي غالباً ما يكون قادماً من أوربا ، وهو إشارة إلى أفضلية اليهود ” الاشكينازيم” على اليهود الشرقيين ” السفارديم ” , وحب المال والسلطة وقيام علاقة بين البطل ” الاشكينازيم” ، ويهودي أخر قادم من الشرق مع بيان تفوق الأول من الناحية المادية والمركز الاجتماعي , والحيلة والمكر لتبرير عزلة اليهود وابراز الاضطهاد اليهودي من المجتمعات الأخرى , اذ يعتبر العرب في الإحداث كأفراد لا قضية لهم أو أفراد تابعون لقوة خارجية ، وفي أحيان أخرى يتم إلغاء الآخر- أي العربي _مع التأكيد على التخلف الحضاري للإنسان العربي بسبب فقدان الرابطة التاريخية والجغرافية لليهود بأرض فلسطين يتم الاستعانة والاقتباس من الدين اليهودي الذي تم تزويره لإثبات هذه الشرعية بهذه الأرض,