محسن عبد المعطي محمد عبد ربه :
(1)
إِلَى هَوَاهَا عَذَرْتُ الْقَلْبَ حِينَ جَرَى
فِي هَمْسَةِ الْمُلْتَقَى مَا خِلْتُهَا بَشَرَا
إِلَى هَوَاهَا عَذَرْتُ الْقَلْبَ حِينَ جَرَى
أَحْبَبْتُ وَالْحُبُّ كَانَ الدِّينَ فِي خَلَدِي
وَكَانَ حُبِّي بِعُرْفِ الْعَارِفِينَ سُرَى
فَسِرْتُ بِاللَّيْلِ وَالْآسَادُ تَتْبَعُنِي
تَبْغِي اغْتِيَالِي وَقَلْبِي لَمْ يَكُنْ حَذِرَا
وَكَانَ صَوْتٌ لِأَهْلِ الْكُفْرِ يَرْصُدُنِي
عِلْماً بِأَنَّ فُؤَادِي لَمْ يَكُنْ أَشِرَا
جَالَسْتُ أَرْقَى وَزِيرَاتٍ بِجُمْجُمَتِي
وَكُنْتُ أَرْقَى أَدِيبٍ حَاوَرَ الْوُزَرَا
وَسَاءَلَتْنِيَ رُوحِيَ فَوْقَ قِمَّتِهَا
هَلْ أَنْتَ أَعْلَى دُرَيْجَاتٍ مِنَ الْأُمَرَا
جَحَدْتُهَا وَكَتَمْتُ السُّؤْلَ فِي خَلَدِي
هَلْ كُنْتُ أَعْلَمَ خَلْقِ اللَّهِ كَالْخُبَرَا
عَيْنَاكِ بَحْرٌ يَشُدُّ الْآنَ ذَاكِرَتِي
َصْغِي إِلَيَّ كَمَنْ بِالْفَائِتِ اعْتَبَرَا
أَنَا الْمُتَيَّمُ فِي عَيْنَيكِ يَا أَمَلِي
قَلْبِي بِنُورِهِمَا يَسْتَلْهِمُ السَّحَرَا
خَدَّاكِ وَرْدُ الْمُنَى مَنْ لِي بِسِحْرِهِمَا
أَدْنُو وَأَقْطِفُ مِنْ بُسْتَانِهَا الْخُضَرَا
يَدَاكِ أَحْلُمُ فِي تَيَّارِهَا رَقَماً
مِنَ الْحَنَانِ وَقَدْ أُلْفِي بِهَا الزُّمَرَا
وَأَنْفُكِ الْمُجْتَبَى مِنْ نَارِ قُبَّرَةٍ
بِلَثْمِهِ قَدْ جَلَبْتُ الْحُبَّ مُجْتَمِرَا
فَمَا خَذَلْتُكِ لَا لَكِنَّنِي قَلِقٌ
عَلَى الْحَيَاةِ نَرْضَى الْوُقُوفَ وَرَا
حَبِيبَتِي قَدْ يَطُولُ الْوَهْمُ فِي سَنَدِي
وَقَدْ يَطُولُ الْجَوَى فِي الْحُبِّ مُسْتَعِرَا
تَمَرُّدٌ سَافِرٌ فِي كُلِّ تَجْرِبَةٍ
وَسَيْفُ أَقْنِعَةٍ قَدْ هَاجَ مُنْتَحِرَا
وَتَسْمِيَاتٌ تَجَلَّتْ فِي مَحَاسِنِهَا
تُهْدِي الرِّيَاحَ لَنَا وَالْعِشْقَ وَالْمَطَرَا
أَعْلَنْتُ عِصْيَانَ كُلِّ الْكَوْنِ مُشْتَمِلاً
عَلَى جَمَالِ حَبِيبٍ يَمْقُتُ الْخَطَرَا
هُوَ الْغَزَالُ الَّذِي تُرْجَى ابْتِسَامَتُهُ
تُزِيلُ هَمَّ الدُّنَا وَالصَّفْوُ مَا عَكِرَا
يُكَحِّلُ الرِّمْشَ بِالنِّيرَانِ فِي كَنَفٍ
مِنَ الْجَحِيمِ فَلَا تَقْرَبْ وَكُنْ حَذِرَا
بِصَوْتِهِ وَالْغُبَارُ الْحُرُّ يَعْشَقُهُ
قَدْ أَيْقَظَ الْحُبَّ وَالْعُشَّاقَ وَاقْتَدَرَا
فِي رَاحَتَيْهِ يَهِيمُ الْكَوْنُ مُنْسَجِماً
وَيَرْحَلُ الْحِقْدُ وَالْأَدْرانُ إِنْ ذُكِرَا
دَارِي عُيُونَكِ عَنْ قَلْبِي بِطَلْعَتِهَا
سِحْرُ الْعُيُونِ يُطِيلُ الْعِشْقَ وَالْأَثَرَا
ضَعِي الْحِجَابَ وَغُضِّي الطَّرْفَ مُشْتَعِلاً
يَشْدُ بِجَمْرِ الْهَوَى حَتَّى أَضَاءَ قُرَى
يَا مُنْيَتِي قَدْ سَجَنْتِ الصَّبَّ فِي قَفَصٍ
عَلَى هَوَاكِ الَّذِي فِي قَلْبِيَ انْهَمَرَا
تَنْظِيمُهُ مِنْ صِمَامِ الْقَلْبِ طَلْعَتُهُ
أَتَى فُؤَادِي بِهَمْسِ الْحُبِّ مُعْتَذِرَا
عِيشِي بِفَوْضَايَ فِي تَغْرِيدِ هَمْسَتِهَا
وَجَاوِبِي الْوُرْقَ وَالْأَغْصَانَ وَالشَّجَرَا
مَا زَالَ قَلْبُكِ هَزَّاجاً بِنَافِذَتِي
يُغَرِّدُ الْعِشْقَ وَالْأَزْجَالَ إِذْ هَدَرَا
حَاوَلْتُ أُمْسِكُهُ فَاخْتَالَ فِي فَرَحٍ
مَعَ النَّشِيدِ الّّذِي قَدْ أَنْطَقَ الْحَجَرَا
وَطَارَ فِي عُجْبِهِ وَهِمْتُ فِي صَخَبٍ
وَالْقَلْبُ فِي نَوْحِهِ مَا أَدْرَكَ الْخَبَرَا
حَبِيبَتِي أَقْبِلِي فَالْعِشْقُ مُعْتَمِلٌ
وَضَمِّدِي الْقَلْبَ يَسْتَهْوِيهِ بَعْضُ قِرَى
هَاتِي حَنَانَكِ بِالْإِغْدَاقِ وَاكْتَشِفِي
مَوَاهِبَ الْقَلْبِ إِنْ تَسْتَطْعِمِي الْفُقَرَا
وَأَسْعِفِيهِ بِأَوْرَادٍ مُحَرَّرَةٍ
فَالْعِشْقُ يَرْسِمُ فِي أَهْوَائِنَا وَيَرَى
(2)
اَلْقَلْبُ يَغْفُو مَعَ النِّسْيَانْ
قَلْبِي حَزِينٌ وَمَنْ يَا قَلْبُ قَدْ صَهَرَا
يَا سَيِّدَ الْحِسِّ بَاتَ الْقَلْبُ مُنْقَهِرَا
عَلَى وِسَادَةِ حُلْمٍ بَاتَ يُؤْنِسُهُ
اَلْقَلْبُ يَغْفُو مَعَ النِّسْيَانِ مُصْطَبِرَا
لَا تُقْلِقِ الْقَلْبَ فِي أَثْنَاءِ غَفْوَتِهِ
أَمَا يَنَالُ عَلَى إِغْفَائِهِ وَطَرَا
يَا مَرْحَباً يَا مَلِيكَ الْقَلْبِ تَأْسِرُهُ
وَقَدْ تَغَنَّى عَلَى أَمْجَادِ مَنْ غَبَرَا
تَحَسَّسِ الْقَلْبَ تَلْمَسْ مَا يُؤَجِّجُهُ
مِنَ الْمَعَامِعِ وَاكْتُبْ عِنْدَهُ الْخَبَرَا
قَدْ زَارَنِي الْحُزْنُ يَرْوِي الْآنَ قِصَّتَنَا
يَا مَالِكِي قَدْ طَوَانِي الْحُزْنُ مُنْبَهِرَا
خَفِّفْ عَلَيْهِ بِأَنَّاتٍ تُمَزِّقُهُ
مَا عَادَ يَدْرِي زَمَاناً قَدْ حَوَى عِبَرَا
(3)
أَنَا فِي قَلْبِكِ يَا مُلْهِمَتِي
أَنَا فِي قَلْبِكِ يَا مُلْهِمَتِي
أَحْظَى مِنْهُ بِأَجْمَلِ ثِقَةِ
أَتَأَلَّقُ فِيهِ بِإِبْدَاعِي
أَسْبَحُ فِي فِيهِ بِمَرْكَبَتِي
مِنْ سِحْرِكِ رَاقَتْ أَبْيَاتِي
مِنْ حُبِّكِ تَعْلُو مِئْذَنَتِي
مِنْ عَيْنَيْكِ صَدَى أَشْعَارِي
تَخْرُجُ مِنْ تَيَّارِ الْكَبْتِ
مِنْ حَاجِبِكِ الأَيْمَنِ حُبِّي
يَتَأَلَّقُ فِي الدُّنْيَا بَخْتِي
مِنْ حَاجِبِكِ الأَيْسَرِ نَادَى
بَنْكُ الْحَظِّ أَيَا مُسْعِدَتِي
يَا سِرَّ شَقَائِي وَعَذَابِي
فِي الْحُبِّ عَلَى أَجْمَلِ يَخْتِ
(4)
أَنَا مَنْ أَعْشَقُ الْحَلَمَاتْ
أَيَا أَغْلَى مِنَ الْمَاسِ
وَأَعْشَقُ قَلْبَكِ الْآسِي
عَشِقْتُ لُمَاكِ مِنْ زَمَنٍ
بِدُونِ الْأَهْلِ وَالنَّاسِ
ظَلَلْتِ الْعُمْرَ أُغْنِيَةً
أُرَدِّدُهَا بِأَنْفَاسِي
أَيَا رُوحِي وَأَحْلَامِي
أَدِيرِي جَنَّةَ الْكَاسِ
وَصُبِّي لِي وَغَنِّي لِي
أَضِيئِي سَاحَ أَعْرَاسِي
أَنَا مَنْ أَعْشَقُ الْحَلَمَا
تِ فِي قَلْبِي وَإِحْسَاسِي
وَأَعْشَقُ قَلْبَكِ الصَّافِي
أَنَا مَا كُنْتُ بِالنَّاسِي
(5)
شَهْرُ الْعَسَلْ
أَجِيئُكِ حُبِّي بِوَرْدِ الْأَمَلْ
نَعِيشُ سَوِيّاً بِشَهْرِ الْعَسَلْ
وَنَمْقُتُ هَجْراً نُقَبِّلُ وَصْلاً
حَبِيباً تَبَنَّاهُ نَبْضُ الدُّولْ
وَنَسْكُبُ شَهْداً نُطَالِعُ عَهْداً
بِأَحْلَى مَجَلَّاتِ وَصْلٍ حَصَلْ
نَنَامُ بِشَوْقٍ لِتَجْدِيفِنَا
بِبَحْرِ الْهَوَى وَلَذِيذِ الْقَبَلِ
نَعُومُ عَلَى مَائِهِ تَارَةً
نَغُوصُ بِهِ وَنُرَضِّي هُبَلْ
وَأُدْخِلُ مَائِي بِنَهْرِ هَنَائِي
قَنَاةُ السُّوَيْسِ تُحَيِّي الْبَطَلْ
عُبُورٌ عَظِيمٌ وَوَصْلٌ كَرِيمٌ
نَتِيهُ بِهِ فَوْقَ أَعْلَى جَبَلْ
(6)
طِفْلَةُ الشَّهِيدِ تُنَاجِي صُورَتَهْ
لِلْفَقْدِ الْفَاجِعِ أَوْجَاعُهْ
يَتَوَافَقُ وَالْوَجْدُ صِرَاعُهْ
وَجَعٌ قَدْ عُتِّقَ فِي قَلْبٍ
تَرْتَجُّ ذُهُولاً أَسْمَاعُهْ
فَالْأُسْرَةُ تَفْقِدُ عَائِلَهَا
وَيَطِيرُ مَعَ الْفَقْدِ يَرَاعُهْ
يُسْتَشْهَدُ بِرَبِيعٍ غَضٍّ
يَحْتَضِنُ الزَّوْجَةَ إِبْدَاعُهْ
تَتَزَوَّجُ فِي الْحَالِ أَخَاهُ
هَلَّ عَلَى الْأَمْوَاجِ شِرَاعُهْ
وَيَعِيشَانِ بِقَلْبِ ابْنَتِهِ
تَبْكِيهِ وَتَهْتَزَّ قِلَاعُهْ
تَسْأَلُ : صُورَتَهُ فِي شَغَفٍ
كَيْ تَخْرُجَ مِنْهَا أَوْضَاعُهْ
فَمَتَى يَخْرُجُ مِنْ صُورَتِهِ
يَحْتَضِنُ ابْنَتَهُ إِمْتَاعُهْ ؟!!!
(7)
عِزَّتُنَا أَبَداً لَمْ تَمُتِ
عِزَّتُنَا أَبَداً لَمْ تَمُتِ
عِزَّتُنَا تَحْيَى فِي صَمْتِ
وَالْأَحْلَامُ تَعِيشُ بِقَلْبِي
وَقُلُوبِ الْعُرْبِ عَلَى الْيَخْتِ
تَحْمِلُ آمَالاً مِنْ زَمَنٍ
مَنْسُوبٍ لِابْنِ أَبِي الصَّلْتِ
فَأُمَيَّةُ عَلَمٌ مَشْهُورٌ
فِي التَّارِيخِ بِأَعْظَمِ وَقْتِ
وَالْأُمَوِّيِّينَ بِفِطْرَتِهِمْ
فَتَحُوا بِالْأَمْرِ الْمُنْبَتِّ
فَتَحُوا الْعَالَمَ بِبِطُولَتِهِمْ
كَي يَخْرُجَ مِنْ بُوقِ الكَبْتِ
نَحْنُ السَّادَةُ فِي خُطْوَتِهِمْ
فِي الْأَدَبِ وَفِي فَنِّ النَّحْتِ
(8)
هَلْ تَذْكُرِينَ مَتَى كُنَّا بِحَضْرَتِهِ ؟!!!
فَفَضْفِضِي لِي عَنِ الْهَمِّ الَّذِي عَبَرَا
وَأَخْبِرِينِي عَنِ الْحُبِّ الَّذِي قَدَرَا
هَيَّا صِفِي لِي بِأَشْجَانٍ مُؤَثِّرَةٍ
حَالَ الْحَبِيبَةِ أَمْحُو الْهَمَّ وَالْكَدَرَا
أَعْطِي شُعُورَكِ لِلْقَلْبِ الَّذِي حَلُمَتْ
بِهِ حَيَاتُكِ وَاهْتَمِّي بِمَنْ حُجِرَا
مِنْ أَجْلِ حُبِّكِ أَلْقَى الصَّعْبَ مُنْدَفِعاً
أُدَنْدِنُ الْحُبَّ مَشْدُوهاً لِمَنْ سُجِرَا
مَا بَالُ حَالِكِ مَدْفُوعاً بِلَهْفَتِهِ ؟!!!
صِفِيهِ لِي يَا مَلَاكَ الشِّعْرِ مُنْبَجِرَا
هَلْ تَذْكُرِينَ مَتَى كُنَّا بِحَضْرَتِهِ ؟!!!
إِقْبَالُهُ فَاقَ حَدَّ الْحَدِّ مُنْبَعِرَا
أَشْبَعْتُهُ رَغْبَةً وَازْدَادَ فِي طَلَبِي
لَمْ أَتْرُكِ الشِّقَّ حَتَّى هَامَ مُنْبَهِرَا
(9)
قُبُلَاتِي لَكِ فِي الْفِرْدَوْسْ
رِفْقاً بِالشَّوْقِ مُعَذِّبَتِي
أُهْدِيكِ دَفَاتِرَ أُغْنِيَتِي
عِيشِي بِالْحُبِّ وَغَنِّي لِي
وَتَشَهَّيْ حَاضِرَ تَجْرِبَتِي
فَاكِهَتُكِ أَغْلَى مِنْ عُمْرِي
أَهْدِينِي كُونِي مُلْهِمَتِي
عِيشِي لِي يَا قُرَّةَ عَيْنِي
وَتَنَاسَي شَكْلَ الْمُجْدِبَةِ
أُهْدِيكِ الْخِصْبَ وَأَنْشُرُهُ
دَاخِلَ عَيْنَيْكِ مُمَارَسَتِي
مَا دُمْتِ حَبِيبَتِيَ الْكُبْرَى
فِي قَلْبِ السَّاحَةِ مُطْرِبَتِي
خَاطِرَتُكِ سَحَرَتْ قُبُلَاتِي
لَكِ فِي الْفِرْدَوْسِ مُبَرْمِجَتِي
(10)
ذُوبِي بِفَوْضَايْ
غُبَارُ حُزْنِي عَلَى مَا فَاتَ وَانْدَثَرَا
يَقُضُّ مَضْجَعَ قَلْبِي يَنْزِعُ الْوَتَرَا
يَا مُنْيَةَ الرُّوحِ قَدْ تَغْبَرُّ فِي زَهَقِي
أَحْلَى التَّفَاصِيلِ تُعْطِي التُّرْبَ وَالْقَتَرَا
يَا نُورَ عَيْنِي وَقَدْ خَلَّفْتُ فِي زَمَنِي
أَحْلَى الْحِكَايَاتِ قَدْ أَدْبَرْتُ مُنْبَتِرَا
ذُوبِي بِفَوْضَايَ وَانْكَبِّي بِهَا أَمَلاً
أَنْ يَبْزُغَ الصُّبْحُ مِنْ قَلْبِي وَيَنْشَطِرَا
مِنْ مَنْبَعِ الْقُبْحِ نَسْتَجْدِي الْجَمَالَ وَمَا
عَاشَ الدَّمِيمُ وَحِيداً كُلَّمَا خَتَرَا
صَلَاحُ نَفْسِ الْهَوَى مِنْ قَلْبِ فَاتِنَةٍ
أَلْهُو بِهَا فَيَضِيعُ الْحُزْنُ مُنْخَثِرَا
دَمَامَةُ الْوَجْهِ تُعْطِي الْحُبَّ تَجْرِبَةً
شَهْدِيَّةَ الذَّوْقِ مَنْ يَزْهَدْ فَقَدْ خَسِرَا