صدر حديثاً كتاب “فلسطين عاصفة الثقافة-مقالات في الأنساق الثقافية الفلسطينية الحديثة” لمؤلفه الكاتب حمزة شباب، عن دار رونق للنشر في جمهورية مصر العربية، وهو كتاب مقالات نقدية يقع في 150 صفحة قامت بتصميم غلافه الفنانة كارولين سامح، يتناول فيه الكاتب الأنساق الثقافية الفلسطينية وتنازلها عن مفهوم النكبة؛ لأجل الفن، فقارن النصوص النكبية وتطلُّع أصحابها إلى الانعتاق من تلك الآلام المتزاحمة، ومدى تأثير الأدب الفلسطيني الحديث في الآداب العالمية في مجالات السرد والشعر والترجمة والبحث. اتخذ الكاتب بعض نصوص النكبة التي استفحلت في وصف المأساة الفلسطينية في نصوص عدد من شعراء فلسطين كراشد حسين، ومعين بسيسو، وعبدالوهاب زاهدة، لدراسة تأثير الحدث العالق في الأذهان، والذي سينقضي يوماً ما، ثم أثبت صدق نظرية أن الثقافة في فلسطين لا تقتصر على النكبة وحدها، فتحدث عن جهود جبرا إبراهيم جبرا في ترجمته لنصوص الأدبين الأمريكي والبريطاني، ثم انتقى مقدمات لدراسة المجتمع العربي وجهود الباحث والأكاديمي في جامعة جورج تاون بواشنطن الفلسطيني هشام شرابي ودور المثقفين في المجتمع، وقام بتحليل رواية الدكتور شوكت دلّال “متناثرة مثل البذور والتي جاءت باللغة الإنجليزية كسيرة ذاتية تحت عنوان (SCATTERED LIKE SEEDS) وطبعت في جامعة سيراكيوز بنيويورك، حيث عبرت عن العالم الذي يعيشه فلسطينيون في منابع الشتات. ووفق هذه النظرية عرج على وصف الطبيعة الفلسطينية الخلابة عند أم الشعر الفلسطيني فدوى طوقان، واستظهار المكنونات النفسية التي ساهمت في تشكيل اللغة اللاشعورية عن طريق استخدام الصدى كسلاح له أبعاده الثقافية في جدارية محمود درويش والتي يعتبرها الكاتب ملهمة لشعراء العالم في هذا النسق النتاجي، كما ينعتها بنظرية نسبية فارقة في النتاج الأدبي والصورة الشعرية ومنظومة ارتقائية للتشكيل الشعري في رحلة المرض أو الموت، ثم يذكر في كتابه بعض نماذج الإبداع النسوي الفلسطيني بمراحله التنويرية كالشاعرة نتالي حنظل التي خاضت بصوتها حروب الشعر في رسالته السامية، وابنة القدس الشاعرة ابتسام بركات، والكاتبة الحقوقية سماح سبعاوي، والروائية نعومي شهاب ناي، والمخرجة السينمائية آن ماري جاسر؛ ليثبت أن المرأة الفلسطينية لم تعد ثوباً تراثياً، فقد ولدت الأرض الحرة نساء حملن قبساً من نور ورؤىً من تنوير، لتستحق التحية. أعد الكاتب في الفصل الأخير من الكتاب بحثاً بعنوان “أدباء أمريكا اللاتينية والقضية الفلسطينية”، ليتتبع تلك الجهود العالمية في تلك القارة الثورية نصرة للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية تحرر وطني بامتياز وخصوصاً في مؤلفات الكاتب الأوروغوياني إدوارد غاليانو، ليرى الكاتب في النهاية أن النكبة الفلسطينية حالة مرضية تحتاج إلى معالجتها بالتخطي، وتقويتها بالتجارب الشعورية، فـ “ليس كل ثقافتنا نكبة، وليس كل آدابنا وطن”.