اجلس وحيدا في الحانة المطلة على البحر ، المكان يمتلئ بالشابات المتأنقات بالكثير من الإثارة ، يملأن المكان ضجيجا و ضحكات أشبه بالإغراء ، شورط من الدجين القصير ، المقطعّ بفنيّة عالية ليكشف عن ساقهنّ البيضاويين ، لم يغزوها شعر ، سيقان نقية خمرية ، النهود الصغيرة البارزة ، المتحرقّة لمن يمتصهّا ، نهودُ متعطشةّ ليلة من الغزو الرجالي ، و شفاه ولها لامتصاص عنيف من رجل يرديهنّ قتلى في ساحة الشبق ،
يجلسن في الطاولة المقابلة ، المعلقةّ فوقها لوحة من الشطرنج ، و يطلبن Seau à bière
يتاهمسن تارة ، يتهامزن طورا ، يلعبن بهواتفهن الذكية ، و صور من هناك و هنالك ، و اشاهد احداهنّ ذات الصبغة الحمراء القمرمزية ، بوشم على كتفها ، و آخر على يدها ، تدخنّ vogue و انا انظر اليها متيماّ ، ذائبا امام حرارتها ، كانت تبدو لي بحدس أنّها نسويّة شرسة ، و ذات ثقافة فرنسية.
لقد كانت مثيرة ، بحيث إنّي لوهلة إعتقدت أنّها امبراطورة من الامبراطورية الرومانية المقدسة ، اللواتي احرقت غريمتها قرطاج و رشت الملح على بنينها و بناتها دون تسامح ، بسادية الاهية لا مثيل لها ، نظرت اليها بأعين شهيد ، تتقدان عينياه اخلاصا ،
تقول لي ، تحمل في يديها كأسا من النبيذ الأحمر ، و في يديها سيجارة خاتمه لوح راق ، أنعكاس غريب من الضوء الأحمر على وجهها ، غطى شقها الايسر بقليل من السواد ، و انفمها و فمها ، بدت مهيبة ، كانت تشرب النبيذ ، أخبرتني : أنّها خلاصة آلاف سنين من الحبّ ، و هي عصارة النساء الأستقراطيات ، و الدوقات الباريسيّة ، و قادات الحروب في إفريقيا ، قالت لي إنهّا فتّاكة كحدّ السيف ، و قاتلة كالسمّ الهاري ، و بل إنّها تشرب دم عشيقها إثر الإنتهاء منه …
لوهلة ، خفت منها ، و بل إنّي تراجعت خطوتين إلى الوراء ، كانت تخاطبني بجديّة لا توصف ، و بعزم لا مثيل له …نفثت نحوي دخانها ، فغمرني كنسيم مختلط بعطرها ، بخبرتي اكتشفت انه عطر ” sauvage ‘ أي المتوحش . كما قلت كانت مهيبة
عدت إلى غرفتي في النزل ، غرفة حميمية ، بنورها و بلوحاتها و و بمنحوتاتها ، حجزها صديق لي ، يعمل هنالك ، و كان يحرص عند قدومي على الإتيان بزهر التوليب و ورد أصلي ، و يرسل زوجته أن تقطف من حديقة النزل ، الفلّ ليرشه على فراشي ، عندما سألته لمَ ؟ أجابني أنّ النساء يحبن زهر الفلّ و يثيرهن النور الخافت الأحمر ، و رائحة العرق الرجالي المختلطة برائحة البارفان One Million de Paco Rabanne ، كنت آتي لهذا النزل ، لحيويته ، لجمال زائراته ، و لحانته الشيقّة المطلة على تقاطعات البحر و الغابة الملقمة بعناية لأكمل إرث روايتي ، التي انتهيت منها منذ زمن مزوالتي للجامعة ، و يبدو ان مسودتها سقطت في آيادي صديقتي الآثمة ، صاحبة دار للنشر ، طلبت منيّ ان اكملها قبل ان ينهي امرض السرطان بحياتي ، قالتها لي بإبتسامة شريرة ، و اخبرتني أنّني عندما أموت ، ستنثر قطرات من الشراب المعتقّ فوق ترابي …