إلى أرواح أدباء الشمس وأصدقاء المحنة
” سعدون البهادلي ومجيد الموسوي وعامر الربيعي “
لماذا تنكفئ الأجساد على وجوهها صامتة
لماذا تتكالب الأمواج عند الشاطئ ثائرة
تغسل الوجوه الراحلة
لماذا تتعلق الأرصفة بأقدام المارة عندالصباح
ولماذا تسبل الأفواه الصامتة عيونها خجلى في ليل الوحشة
وهل يستطيع النحيب أن يفجر دموعا متناثرة على أعمارهم
لا شيء يمحو الذكريات المرة
لا شيء سوى الأجساد المتراكمة فوق بعضها
وهي تعبر بأحلامهم
فلا نبض يفتح أمامها الإنعتاق
النهار أكثر خضوعا للمارة
حين تلم أكتافه بقاياهم
ذكرياتهم عذاب
ورحيلهم آغتراب
هكذا يتساقط الأدباء من جلودهم المحروقة بشمس الظهيرة
في أرض متلاقحة بهموم أجسادهم
إنهم يبعثون أصواتهم المتعالية
وسط باعة الأرصفة
وثكنات التعذيب المخيف
والموت البطيء
هل يحزن الباعة على الأرصفه
حين يختفي صوت سعدون
وهل يقف الأدباء عزاءا لدقيقة واحدة على روح مجيد
وهل يقف المسرحيون وجماهير المربد صمتا أمام جسد عامر
وهل تعزف الأسماء المتناثرة في البيوت
اللحن الجنائزي وسيمفونية الحزن على بقية الأسماء
هل الحزن يكفي لأن نتداول أكواب الشاي والقهوة على أرواح الموتى
الصمت يدنو فيصير نبضا للأسماء الراحلة
في الصيف تتدحرج الأسماء المفرغة
من حوانيت المتاجرة بالأسمال
حين يسلقهم الموت سريعا إلى قبورهم
تتلقفهم الحسابات المكتوبة من مخارج أفواههم
أيام لا تعرف معنى الهجر او الهجرة في بحر الخوف
الراحلون إلى قعر الأرض يتسارعون في النوم
ثم يرحلون بأضابيرهم تاركين وراءهم دنيا تزخر بالإحتلام
لم تعد أمامهم سوى تجاعيد وجوههم وبياض شعورهم
وهم يتهامسون على عمر مر هباء
تمضي بهم دورة الحزن المتكالب على وجوههم
وفي نهاية الرحلة
سيقبض الدفانون ثمن قبورهم
ليرشوا الماء عليها ويقرءون تراتيلهم وطقوسهم وأدعيتهم
أما أطفالهم اليتامى فسينكسون رؤوسهم خائبين
متحسرين على فقدانهم حنان الآباء
وذكرياتهم المنقوشة بماء الذهب والتراب
وحين ترتفع أكف النساء الأرامل
يدعون للراحلين بالثبات عند السؤال
تتواثب الدموع من أعينهن المملوءة بالأسى
يتعاطف الناس معهم حين يمرون على بيوتهم
يقرءون قول الله تعالى ” الشعراء يتبعهم الغاوون “
لا مرسى لهم في الأرض ولا أضرحة تعلو قبورهم
“فهم في كل واد يهيمون “
مصيبتهم داء وموتهم نكد وبكاء
“يقولون مالا يفعلون “
بيوتهم خاوية من النعم
وفي الظلمة تعشش أسماءهم وصورهم المعلقة على الجدران
صورهم محاطة بالسواد
من بقاياهم تتدحرج الكلمات المتبقية في كراريسهم
كلمات ممزوجة بمرارة أيامهم الملغومة بالبؤس
تمر على رؤوسهم الملطخة بعذاب السنين
تعب ونجيب
لا شوارع تنطق بأسمائهم التي سيأكلها الدهر
أسماء تندرج جنب بعض في الضياع
لم تخلد الأزقة أسمائهم
إنهم مزدحمين في خانة المستضعفين
الأسماء تتضاعف وتتناثر بقاياهم بلا وداع
فمن يكرم الأدباء الراحلون
إنهم يعيشون ضائعين
ويموتون متوحدين
لا شيء لهم غير ثلاثة أيام من الحزن
وبقية أيام من الأربعين
تبقى لافتات السواد معلقة بأسمائهم يمزقها الهواء
تقرأ على أرواحهم سورة الفاتحة
علهم ينا مون مستقرين في بيوتهم
على أرض يملؤها الأسى والنحيب