بين استهلال كتاب ابتدأ بالشعر وانتهى بـ ( البداية والنهاية شعر كزار حنتوش ) اباحت الشاعرة رسمية محيبس بمكنون الذاكرة ونشرت على حبل غسيل الادب ايامها مع زوجها الشاعر الكبير كزار حنتوش فكان كتاباً مهماً ومن الوزن الثقيل لمعرفة بعض من دفتر افكار واسلوب ورؤى هذا الشاعر القلق الذي غادر الدنيا وقلبه مشبع بالطيبة والبساطة فلم يمهله الموت ان ينثره وروداً على دروب الباحثين عمن يضئل بؤس الايام ويدرأ قسوة القدر …
في اول صفحة من الكتاب يكتب كزار حنتوش ( بسلوك سريالي ) في غرفة زواجه ، على رسمية العروس قطعة ، هي خطاب روحه شعراً فقد كان اعرف بأنه يعجز عن التحدث بالرومانس في ليلة دخوله على الرغم من انه شاعر ، متخوفاً من مقولة ( النثر فضّاح الشعراء ) ، فهو الداري انه بالبوح نثراً لرسمية وجهاً لوجه سيتلعثم ، وسيتعثر ، و سيرتبك وربما سيسقط في حفرة رفض رسمية له في اول ليلة عرسهما ، فكتب لا كما يكتب الشعراء المتحذلقون باللغة ولا يمشي كما تمشي طواويس الشعر الفارغة ، ذلك انه يخشى رسمية الشاعرة التي ستكتشف زيف الكلمات المنمقة ، وتفش الهواء من كبريائه الزائف ، لذا تقدم اليها ببيانه الاول في حياتهما الزوجية ، قائلاً :
قوديني كخروفٍ ضال نحو ربيعك
خليني أرعى بين بساتينك وينابيعك
انتِ الطين الحرّي وأنا الماء
فلمنتزج الآن
قيمر معدان .
بالله عليكم اقرأوا هذا البيان واخرجوا بحصيلة ؛ او كما يسميها النقاد وبحاثة الادب ( المدلول ) بعدما تتقلبون على امواج الكلمات في بحر البساطة اللغوية التي تؤدي الى صورة لا يمكن الا ان يحسبها القارىء لوحة تحمل بهاءً . فلقد تخلى عن هيمنة الرجولة وقتل القط من اول ليلة فأعطى القيادة للمرأة ( الانوثة ) شعوراً منه انها هي صاحبة القيادة وانّها الاحق في الأخذ بالمجتمع الى ربوع البهاء والامان والبراءة لا الذكورة المتمثلة بالرجل السادي ، الحسود ، الاحمق .. صانع الحروب ومحرق التطلعات .
وفي ختام الكتاب يكتب كزار حنتوش وصيته شعراً ليبقى على عهده بسيطاً ، بريئاً ، طفلاً . لا ينمق بل يقول بعفوية . لا يماري فيقول بصدق . لا يتزلف بل يجاهر بشجاعة . لا يعلن كرها انما يصرح حبّاً .. يسامح ؛ يحترم ، يعترف .
– لا شأن لي بأحد
– عدم إقامة الفاتحة عليَّ
– لا أعترف إلا بأمي
– ليس لي صديق حتى نفسي
– لا أحب أحداً عدا مقتدى الصدر
– لا شأن لأحد بي
– أحب الله ورسوله وآله الطيبين الطاهرين
– وأحب الشيوعيين كذلك
– أحب زوجتي جداً
– الله هو الذي يحكم بين اعدائي وبيني
– أسامح الذين خدعوني
– أشهد أني طاهر الذيل وأن قلت كذباً فالمعاقب هو الله
– أحب الشعب العراقي
وبين البداية بالشعر والنهاية به تتقلب رسمية محيبس على لهيب الذاكرة لتقول ما يشتهي محبو كزار ان يسمعوه عنه ، وله .
لي قراءة مطولة عن ثنائي البراءة والطيبة : كزار حنتوش ، رسمية محيبس .