سيشعلُُ للنقطةِ حرباً لا معنى لها،
حرباً تأكلُ الزرعَ والضرع.
وحين يتمّ له ذلك
سيجبرُ الحروفَ كلّها
على المشاركةِ في حربه الغبيّة هذه
حتّى تستسلم له الأبجديات
وتتحول الكتابةُ إلى هذيان عظيم!
حملت تجربة الشاعر في غربته رؤية شعرية مثقلة بلذة الشعر وإشراقاته فيقول:
في البلدِ البعيد
أجلسُ في مقهى مظلمٍ منعزل
لأستحضر صورتكِ التي دفنتُها
بيديّ
قبل أربعين عاماً
وسط الرماد
ووسط نار التنّور الذي اشتعل
فجأةً
وكادَ يقضي عليَّ إلى الأبد.
ارتكز الشاعر في هذه المجموعة الشعرية الرائعة على كلمات تسمو فوق واقعنا العراقي المتعب ، المثقل بالهموم والاحزان والحرب ودخان البارود فأراد أن يصف لنا وبأسلوبه الخاص والمميز من ان الحياة ملؤها الامل بعيدا عن اليأس الذي ولدته في العراق سنوات الحرب والدمار والتمزق فيقول:
انظرْ هذه شمسنا لم تزل تشرق
رغم أنها بحجمِ حبّةِ قمح.
لكنّها شمس على أيّةِ حال!
لا تستسلمْ!
تمسّكْ بحلمكَ وإنْ كان خفيفاً كالغبار!
أرجوك
أنا لم أفقد الأملَ بعد!
ان الشاعر اديب كمال الدين يمتلك لغة شعرية مميزة اكتسبت ميزتها من غناها بالرموز و الاشارات ليكون من خلالها أبيات وصور شعرية حاسمة المضمون و بأسلوب خاص، وتعابير مختصرة فنراه يقول:
سأسألكِ العمر كلّه
وأعرفُ أنْ لا جواب.
وسأكررُ السؤالَ كلّ يوم
فالشعرُ هو الحُبّ
والحُبُّ هو المطر
والموتُ هو المطرُ والبحر.
وهنا نجد ان الشاعر اديب كمال الدين شاعر مفعم بالاحساس والوجدان يعطي للكلمة حقها وللحروف وقعها إذ يقول :
ذلك مجدكَ أيّها الحرف.
فالقراصنةُ كلّهم يجيدون كراهيتك
لأنّكَ اقترحتَ نقطةً للجمالِ والحُبّ
وحاولتَ أن تؤسس
– ولو في الخيال-
بحراً جديداً
لا يجيد القراصنةُ الإبحار فيه.
من خلال المتابعة نرى ان لكل نص خصوصيته اللغوية والإيقاعية وترتيب جمله الشعرية التي تدفع القارئ الى الانجذاب والتأمل وهنا يقدم لنا صورة حية للواقع المأساوي والذي يمر فيه عراقنا الجريح وشعبنا المظلوم إذ يقول :
في بيتِ الطينِ ووطنِ الطين
سيعطونكَ صحناً من البطّيخ لتنسى.
بطّيخ حلو
ما أن تضعه في فمك
حتّى يصبح مرّاً كالعلقم.
هذا وستكون لنا وقفة اخرى مع قصائد هذا الشاعر العراقي المتألق والذي وسم نصوصه الشعرية بتشكيلات جمالية عميقة استطاع فيها ترسيخ ملامح شاعريته من خلال رؤية شعرية معاصرة وجميلة.
sabahalzubeidi@yahoo.com