اتسائلُ دوماَ بيني وبين نفسي، ما الفرق بأن يكون الانسان قصيراً، طويلا، ابيضاً، اسوداً ,سميناً، نحيفاً، عليلا، سليماً، ألسنا جميعآ من آدم وحواء! جميعنا بشر والله خلقنا ..مامعنى ان ترى شخصاً يعاني من تشوّه خلقي, يسعى لكسب قوته في حين هناك شخص، بقمة الوقاحة، يلقي عليه عبارات مليئة بالقبح والأذى ..لماذا يخرج المرء عن حدود اللياقة الاخلاقية؟ (التنمر) ظاهرة وللآسف منتشرة في الآونة الاخيرة في، البيوت، الشوارع وفي المؤسسات العربية دون غيرها..
تعرى معظم الناس من الانسانية والقيم، ونسوا انهم اخوة من آدم و حواء..
متى ندرك ان التنمر عادة غير محمودة، وأنها انتقاص من عظمة الخالق، وان المتنمر غير مقبول اجتماعيا حيث قرر، بكامل ارادته، ان يتخلّى عن روح الانسانية والاخلاق الطيبة .
عُرف التنمر على انه اساءة لفظية، أو جسدية، موجهةٌ للفرد او للمجتمع او فئة معينة، ينتج عنها تلاعب فكري، سلبي للمتنمر عليه من قبل شخص اما كان يعاني من الاهمال الأُسري، او الغرور، او قلّة ثقة الطفل في نفسه، او الخطأ الذي لا يغتفر الا و هو التربية الخاطئة للمتنمر، خلقَ منهُ شخصاً او مجموعة ضعيفة نفسيا وفكرياً عَكسها على المجتمع بطريقة الاساءة، والسخرية، مسببا اثارا نفسية عميقة للمتنمر عليه.
علمنا النبي محمد عليه افضل الصلاة والسلام على ان (المسلمُ من سلم الناسُ من لسانه ويدهِ، والمؤمنُ من أمنه الناسُ على دمائهم وأموالهم).
ان لاستثمار القوة التي منحنا الله اياها في ابداننا، وعقولنا لخدمة الفرد و المجتمع، اي، أن لا نمس الآخر بالأذى، واتباع أساليب التربية الصحيحة، وان يتشارك الاهل بها، لبناء مجتمع كامل سليم فكريا و جسديا من خلال ابنائهم،، الوالدان لهما دور مميز في صقل الأبناء، وتعريفهم بالقيم الصحيحة وتعاليم الدين .
بعد الاستطلاع الاول من نوعه في العراق في عام 2021 اثبتت الدراسات ان 15%و 25% حالة واجهت التنمر، لكن الخطر الحقيقي لا يكمن بهذه النسب، وانما بعدد الذين مازالوا يعانون من الخجل بالافصاح عنهم..
المتنمر عليه شخصٌ وَجبَ ان يتم دعمهُ بصلابة من قبل الاهل، لكي يخرج للمجتمع شخصاً سَليماً، مكتفٍ عاطفيا، انسان يُقدر ذاته، من خلال الاهتمام بالدراسة والتعليم وتجنب العنف، وعدم مقارنة الشخص بأقرانه، لان ذلك سببا كافياً لجعل الفرد بوقت من الاوقات أن يعلن التمرد ، اضافة الى تعليم الفرد الدفاع عن النفس ببذل الجهد المعنوي او البدني لمنع الاذى عنه. لابد ان لا نغفل عن حقيقة ان بعض المتنمر عليهم يلجأون الى الانتحار على الرغم من أن الانتحار ليس حلاً . يمارس المعاقون فكرياً اسلوب التنمر بشتى انواعه، لفظيا او بدنيا او الكترونيا والذي يعد من اخطر انواع التنمر حيث يمارس المعاقون فكرياً سلوكاً بحق المتنمر عليه يُجبرونه على اعطاء بيانات خاصة كالصور وغيرها ويتحول لابتزاز وللأسف لأننا نعيش في ظل شبكة عنكبوتية تتيح لأصحاب النفوس الضعيفة حرية التصرف والافلات من العقاب .هناك ايضاً التنمر النظري وحتى الاقصاء ..حيث يجبر المجني عليه بالانعزال اما في البيت أو في المدرسة حيث تؤدي الى عدم الاختلاط بسبب التهديد بالإساءة من احد المتنمرين كأن يكون يعاني من تشوه خلقي، أو مشاكل نفسية، أو البدانة او النحافة .علينا ان نعلّم اولادنا ان مثل الافراد الذين هم في مثل هذه الحالات يجب ان نتعامل معهم بشكل طبيعي جدا لانهم بشر وليسوا مسوخا، حيث نلاحظ في الآونة الاخيرة، في زمن المسمى الحداثة (وما اسميه انا بالتطور المادي وقلة الوعي ) يعاني الشخص من ذوي الدخل المحدود او المُعدم من التنمر وخاصة الاطفال في المدارس بسبب بعض الاباء حيث يظن بأن حبه لابنه او ابنته يتجسد بالمظاهر المختلفة متناسيا انه في الصف الواحد ثلاثون الى اربعين تلميذاً وليس الكل من الطبقة المتوسطة.حري بك ايها الراعي مراعاة الغير وتعليم اطفالنا عدم السخرية من الاخرين ،اتعمد ان لا اقول كلمة فقير لان الفقر هو فقر الاخلاق والدين والقيم لا الفقر المادي.اما علمنا رسولنا الاعظم بأن كلكم راع وكلم مسؤول عن رعيته !!
لنربي اولادنا على ان السير في الشوارع له اداب حين تجد شاباً او طفلاً بهندامٍ مبعثر بشكلٍ على غير ما اعتادو ان يراه الناس فليمروا مرور الكرام ولا يرمقونه بتلك النظرات الجارحة او الكلمات المسيئة، وغيرهم يصل لمرحلة من الوقاحة بالتجاوز على خصوصية الافراد وتصويرهم ويتم نشرهم في المواقع الالكترونية لربما هذا الشخص يعاني من مرض التوحد او الانفصام وغيرها من الامراض التي خلفتها جائحة كوفيدا-19و الانترنت واسباب اخرى، الاساءة للمتنمر عليه ربما تؤدي به الى الانعزال اكثر وقد تؤدي الى الانتحار.
لنزرع في اذهانهم الابتسامة والكلمة الطيبة صدقة ، فنحن في زمن نجابه فيه حربا باردة فيها كل الاسلحة مباحة من الكترونيات وانترنت غزا اطفالنا وشبابنا, قيم دخيلة تعمل على افساد ما زرع اباؤنا ،استيقظوا من وهم التطور والتحرر ولنصلح ما تبقى من هذه الاجيال، لنعزز ثقة اطفالنا بأنفسهم و توعيتهم.. يجب على كل فرد ان يقوم بدورهِ بالتوعية والنصح والارشاد لتبدأ من البيت وتنتهي بكل المؤسسات وعلى رأسها المؤسسات التعليمية.
ايها المرشد التربوي الكريم، وطّد تلك العلاقة بينك وبين اولادنا التلاميذ لزرع الثقة فيهم وحفظهم من آفة التنمّر والابتزاز التي طالت أرواح الكثير من الاطفال والشباب .
واخيرا ..لا ضير بالتقدم ومواكبة الثورة الرقمية والرقي مع بزوغ عصر الوسائل الالكترونية لكن التطور والحداثة لا يرتبطان بالجهل الفكري وانعدام الثقافية الاخلاقية والسلوكية للأفراد.
قال الله سبحانه وتعالى في سورة الحجرات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”).