ان ترسم ملحمة تراجيدية أعطت أسمى صور البسالة والاباء والشموخ والانتصار الحقيقي ، عبر مواقف لم ولن تجيء بمثلها الايام ، سُجّلت في لحظات لم يكن للاعلام المرئي والمسموع والمقروء وجود في وقتها ، لهو الابداع الحقيقي ، لأن هذا الرسم المضمّخ بعبير الشهادة والمخطوط بريشة الانتماء الحقيقي للوطن والناس ، بلا رتوش ولا تزويقات ، جاء من ضمير لا يعرف الدغش ، ضمير انساني نظر الى الواقعة بمنظار البطولة والخلود الحقيقيين :-
( ما ابجيك وعيوني جمر تيزاب / الدمع مثل الشمع ما ينسمع نوحه )
صورة رائعة لمن يريد ان يناجي حبيبه بطريقة الانصهار داخل بوتقة المعشوق !!!
الشاعر ( حامد كعيد الجبوري ) بقصيدته هذه رسم صورة اخرى للملحمة الحسينية الخالدة :-
( ما ابجيك ميزان الدمع وهمان / نعم أنعاك ثائر شيّد اصروحه )
ويكملها :- ( نعم انعاك ثائر قدوة للأجيال ) هنا تكمن الحقيقة الخالدة ، والهدف السامي الذي من أجله نهض الامام الحسين ( ع ) بثورته الخالدة ، ويؤكد ذلك ايضا بقوله :- ( ولا ارثي بشعر صوت الضمير يصيح ) بمعنى ان ضميره الذي يصرخ بهذه الكلمات النازفة عشقاً ، لنقرأ :-
( يا اول واخر مايصير حسين / مثلك يعتلي وتتسيّد جروحه ) ، صورة حقيقية لانتصار الدم على السيف في تلك الواقعة الرهيبة ، منها تعلّم الثوار الحقيقيون معنى الموت بشرف وبسالة من أجل قضية اسمى :-
( علّمت الزلم تتراكض اعله الموت / تشد حبل المشانق لعب مرجوحة )
ليكمل ملحمته الشعرية هذه بصور المناجاة لما فوق تصوّر العقل البشري :-
( عبدالله طفل يكتب دماه تاريخ / دين الله مال وسنّده بروحه ) هنا تأكيد لمقولة الامام الحسين ( ع) :- ان كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي فياسيوف خذيني ! ،،،، بالاضافة الى صرخة الرفض لكل ماهو فاسد وزائف وكاذب وطاغية وذليل :- ( سيفك ( لا ) هتف وتهاوت التيجان / دم طيّح عرش للواعي مشروحه ) ، ثم يؤكد ذلك اكثر حين يصوغ كلمة الحسين ( ع ) :-
( ان كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى ) حيث يقولها شعرا : –
( ان يرضيك هذا اخذ ما يرضيك / المرضاتك تهون دمانه مسفوحة ) ،،، حامد الجبوري بقصيدته هذه أكّد ان ملحمة الحسين ( ع ) كانت وستبقى من اجل بقاء الدين الاسلامي الحقيقي الانساني الخالي من الشوائب :-
( راس الدين عالي براسك المرفوع / لو ما عالي راسك جثته مذبوحة ) !
انها قصيدة مناجاة تصوّر الانتماء الحقيقي للقضية الانسانية الكبرى التي من اجلها نهض الامام الحسين ثائرا ضد كل القبح على وجه الارض !!!!!
مقالات ذات الصلة
14/10/2024