مضر حمد السعيد ولد في بغداد عام 1955 بكالوريوس اقتصاد في جامعة بغداد، انتمى للحزب الشيوعي ونشط في التنظيمات الطلابية اليسارية، كتب الشعر والمقالة السياسية فقد في الحرب العراقية الايرانية وهو في سن 25.. من قصائده نختار قصيدتين. شكرا للأديب المغربي المهدي نقوس الذي زوّدنا بالقصيدتين.
(1)
انعكاسات ما بين الحقيقة وظلها بقلم: الراحل مضر حمد السعيد
يا أيها المتجدد دوما.. المنبعث دوما
من بين ثنايا الضلوع ومن بين الجفون
تطلعت إليك وما كان بيني وبين الإنبعاث سوى لحظات
ما دون الحياة ، وفوق الموت كنت وكانت حياتي
اكتشفت يوما أن تحت الأجفان دوما دمعة احتضار
تتراقص فوق الأكفان حينا وحينا فوق الجسور
مع زهرة نبتت في مقبرة الموت فيها كما الحياة
وانت يا أيها المتجدد دوما .. المنبعث دوما
على الأرصفة المقفرة تشاطر متسولا حياته
تتسول أو تسرق منه طعامه
تتصنت على مجنون يتكلم كالحكماء
تشاطره صياحه والسعادة كالحلم
تتوغل عميقا حاملا راية سلام
ودعوة استسلام
حلما كان يوم مولدك
وحلما كان يوم موتك
وأنت ما بين الحلم والحلم تبعث لي أشعارك
تحمل فيها موتك وطغيانك
وحين استوعبت أشعارك
ووجدتك في جسدي مخيما
رافضا تاريخا نظيفا صنعته بنفسي
زخرفته وجملته بيدي
روضت فيه ضميري
ورفضت يدك وفيها يدي
رفضتك وأنت تشاركني الهوية
وتحمل اسمي
عنواني
وجزءا من القضية
***
كلمت نفسي
أودعتها سري
حملتها همي
صارحتها أنك يا نفسي مزيفة
وما أنا سوى قشة هشة مجعدة
وإلا فلم خطوتي مضطربة؟
ولم ترقض أصابعي القلم والورقة؟
صارحتها أيضا بحقيقة الانتماء للهيكل السامي
بخفايا الصراع ،
بمعركة الظلال المنسية
بالحب الذي يكمن خلف الصفيح في الأكواخ المتربة
بالمصانع…
بالحقول الخضراء التي نحلم بها مع شعاعات الصباح المنسلة
بالذين يعمدون الحياة والزمن والقضية
وبالزمن الذي تفقد فيه الأشياء بريقها
وعن هذا الذي تفيأ ظل الشمس تروى الحكاية
هذا الذي جاء ولم يزل في الصباحات المتكررة يجيء
هذا الذي جاء ولم يزل حاملا كل ألوان الضياء
شاهرا بوجه من يشهرون سيوفهم الطبقية الغضب والحب والقضية
….
……
………
عن هذا الذي تفيأ ظلال جسمي المنهك تبقى طويلة الحكاية
مضر حمد السعيد
بغداد
1975/08/08
(2)
شهادة عن مناضل اغتيل ذات مساء عند مدخل البار العتيق بقلم: الراحل مضر حمد السعيد
أتقاسم وإياك تسابيح الزمن الغريب
تحظين انت بمسار النجم البعيد
وأتداخل أنا بحزن الموت
بشوارع الألم الدفين
بمومس عجوز تنتظر بقية زاد يوم كان قريب
محظوظة أنت
احتكرت الزاد وأشلاء متاع الزمن العصيب
تقاسمت وإياك انكسارات الضوء المتجرد من انبعاثات الصباح
من تكسر الصوت عند فوهة بندقية
اليوم أمس وغدا أمارس الحياة وفي جيبي ثمن اطلاقة
مفقودة جرائد المساء
اشتريت موتي عندما كانت الحياة رخيصة تباع وتشترى
مفقودة جرائد المساء
اضاعوا الخبر اليقين
وتكلمت الإذاعات عن أخبار الصباح
تقدمت عقارب الساعات ليصبح المساء صباحا
وأخبار المساءات ما زالت مفقودة
محظوظة أنت
تقرئين جرائد المساء في الصباح
وتتعرين صباح كل يوم تحسبينه مساء
أغلقي الأبواب والشباك ولا تنسي ثقب الباب وفوهة الحنفية
واحذري الأعين فهي رقيبة تتربص بالاشياء،
بمداخل اللذة العمياء لتوفر لمحكمة الثوار متهما جريمته سياسية
احذري العشق فهو جريمة سياسية
احذري الملابس الحمراء ، فامتلاكها جريمة سياسية
واحذري شيوعيي العالم ، فالتحدث معهم جريمة سياسية
****
ايه ياوطن العشق
كم هو صعب أن يعشق الغرباء
وعاشق يعشق العشق
ينافس العشاق وكتاب الكلمة الرعشاء
يا وطن العشق
في جيبي ثمن إطلاقة تنتظر مطلقها
عذرية القمر انتهكتها أقدام المخبرين
وعمر لينين في قبره يتجاوز المائة
وأنا في قبر الحياة أقرأ عن عاشق اغتاله عشقه
الرصاصات تحدث موتا ضوءا وصوتا يفزع الحمامات
الرصاصات صوتها يضيع في صرخة المناضل الذي اغتيل عند مدخل البار العتيق
الرصاصات صوتها يضيع في صرخة حبلى تنتظر الحياة
في عيني جائع ينتظر الخبز الاحمر
ودموع طفل ينتظر أباه المناضل الذي اغتيل ذات مساء عند مدخل البار العتيق
***
لو كان الجوع المرتسم في أعين الفقراء يحدث صوتا
لو كان الموت يحدث صوتا
لأصبح اغتيال المناضلين في مقاهي المدينة الحجرية صعبا
حتى وبوجود تغطية ذكية
ولارتفع ثمن الرصاصات
ولوجد أشباح نهارات المدينة الحجرية انفسهم بلا عمل ولا هوية
لكن الموت لا صوت له وكذلك الجوع
فلنقتل ولنقتل حتى يصبح للموت صوت
يصل لأذن صاحب المطرقة والمنجل
ولنقاسم لينين قبره
فالموت يخيم على المدينة
ولايزال في جيبي ثمن اطلاقة
والبوليس السياسي يبحث في البار العتيق عن مناضل
الموت يخيم على المدينة
والبوليس السري يبحث بين أحضان عاهرات المدينة
عن مناضل اغتيل ذات مساء عند مدخل البار العتيق
بغداد
1975/3/5
– مضر حمد السعيد