في مثل هذه الفترة من العام الماضي 2021 تم تأسيس رابطة المثقفين الافارقة من قبل الأستاذ الأديب المصري “حامد حبيب” وبتكليف منه توليت مسئولية إدراتها. بكل ما تحمله من مشاق ومتاعب، لان (اختيار الكلام أصعب من تأليفه) كما يقول أحمد ابن عبد ربه، وذلك من أجل خلق بيئة ثقافية جامعة وشمولية للتعريف بكل اطياف القارة السمراء التي تحتوي على أكثر من الفي مجموعة إثنية لكل منها موروث ثقافي مختلف ولغات ولهجات مختلفة وتحكمها العديد من العادات والتقاليد والأديان والطقوس الشعبية والبيئات المختلفة .
من المعروف أن القارة الإفريقية عانت من ويلات الإستعمار وكانت سوقاً لتجارة الرقيق الشيء الذي جعل مواطنيها في خوف دائم وفي صراع مع الطبيعة من أجل البقاء وظهرت تداعيات تلك الظروف في الأدب الإفريقي على سبيل المثال في رواية جذور “Roots “للروائي والمؤرخ الإفريقي الاصل “مالي” الأمريكي الجنسية أليكس هيلي ، وأن الثقافة الإفريقية ثقافة شفاهية بالمقام الأول تناقلها الناس جيلاً عن جيل وخُلدت عبر الرموز والوشم والحكايات الشعبية، وهي أشياء تختفي تدريجياً، يقول عنها الفيلسوف المالي أمادو همباطي با: (كلما مات شيخ إفريقي ، فإن مكتبة تحترق)
ومع هذا الكم الهائل من التنوع والاختلاف نجد أننا أمام ظاهرة متفردة تستحق الوقوف عندها وذلك من خلال رصد بعض التحولات الفكرية والثقافية والتراثية المتنوعة أدبياً وفكرياً واجتماعياً، فالقارة الإفريقية عرفت إنشاء جامعة القرويين بفاس بالمغرب، وجامعة الأزهر في القاهرة بمصر اللتان تعتبران أول وأقدم جامعتين بمفهوم هذا العصر في العالم .
إن الثقافة الإفريقية وبتعريف بسيط هي نتاج الأيدي والعقول الإفريقية، وقد عملنا على النبش في هذا الزخم من الثقافات وتسليط الضوء عليها، وهي مهمة مستحيلة، وذلك من خلال التعريف بالفكر والأدب والثقافة والتاريخ والفلسفة والتشكيل والموسيقى والتراث المادي وغير المادي لهذه القارة وكل من له شأن او اهتمام بهذا الجانب وكان التركيز على الفئات الأكثر تأثيراً في المشهد الثقافي داخل اطار مجتمعاتها ومن ثم انطلاقها نحو العالمية من كل المراحل العمرية التاريخية عبر الزمان وحتى وقتنا الحالي اضافة إلى اهتمامنا بالذين غابوا عن المشهد الثقافي في بداياتهم وكذلك الفئات المؤثرة التي لم تتح لها فرصة الظهور لأسباب عديدة ايمانا منا بأن الثقافة مصدر مهم للتعرف على الأجداد والتاريخ والقيم مما يجعل اكتساب الثقافة عملية مستمرة ويتم ذلك بالتراكم وتطلب ذلك الكثير من الجهد والبحث والتقصي للأسباب آنفة الذكر اضافة لذلك الكم الهائل من الانتاج الابداعي والمعرفي الأدبي والموروث الثقافي الضخم لكل دولة ومنطقة على حدة فما كان منا الا أن نعمل على انتقاء بعض الأسماء من كل دولة حسب ما يتوفر لنا من مصادر لنقوم بالنشر والتوثيق ل :
*الدراسات التي تهتم بكل ما يخص القارة اجتماعيا وفكريا وأدبيا وفنيا
*نشر الأبحاث والدراسات النقدية والشعر والقصة والرواية
*الاعلان عن الاصدارات والندوات والمحافل المختصة بالشأن الثقافي في كل دوله ليتحقق عنصر المواكبة .
وبهذه الاشارات مجتمعة تمكنا من الاحاطة بعدد كبير من دول القارة مما يفتح الباب على مصراعية أمام القراء الكرام من الأعضاء لينهلوا من كل بلد ما يروق لهم ومن ثم نصل إلى هدفنا الاساسي وهو تحقيق حالة من التواصل والانفتاح المعرفي على الآخر بين كل مثقفي القارة وذلك من منطلق أن الأدب الأفريقي هو الأدب الذي جادت به قرائح أبناء هذه القارة ليعبر عنهم ويصف شعورهم ويصور انفعالاتهم وهذا يعكس تماما حال وواقع كل مجتمع وخصوصيته فالكتاب هم مرايا شعوبهم من خلالهم نفهم ونعرف ونكتشف الآخر نتأثر به وفي المقابل يعرفنا ويتأثر بنا ونتمكن من التعايش في واقع يتميز بالسلم والأمان والاحترام .
مهما باعدت بيننا الحدود والسياسات فأجزاء القارة تمثل وحدات وبثقافتها ذات المواعين المختلفة ( أدب موسيقى فن رقص غناء ) يتشكل الرابط المقدس بين هذه المجتمعات الرابط الذي لا يكذب ولا يتأثر بالزمان والمكان لأن الأصل واحد بالرغم التقسيمات والتعريفات والتسميات المختلفة فبالمحصلة إفريقيا ذات التنوع الضخم في الأعراق واللغات والأديان والموروث الثقافي الشعبي والعادات والتقاليد منشأها هذا الافريقي ابن هذه الأرض اينما ولد ونشأ وبأي لغة تحدث وهنا يحضرني قول للروائي النيجيري تشينوا أشيبي صاحب (الأشياء تتداعى) “لا يمكن أن نحصر الأدب الأفريقي في تعريف واحد، فأنا لا أنظر إلى الأدب الأفريقي بكونه وحدة واحدة بل أراه مجموعة من الوحدات المرتبطة ببعضها، تعني في الحقيقة الصورة الكلية للعراقة الأفريقية”.
ومن خلال أدائي لهذه المهمة تعرفت على الكثير من الأسماء الرائدة في هذا الشأن وتعمقت في الاطلاع على كم هائل من الابداع والتفرد الإفريقي فالثقافة الإفريقية ذات نكهة متميزة وطابع مختلف غني بالتفاصيل كما يتميز الأدب الإفريقي بجمال وثراء اللغة ومتعة الاكتشاف
كان لي الشرف أيضاً أن تعاملت مع عدة شخصيات فاعلة جداً في هذا الشأن ولها ثقلها الثقافي من دول مختلفة تفاعلوا مع أقوم به بكل محبة وامتنان واصبحوا من الأعضاء الفاعلين في الرابطة من خلال النشر والتفاعل مع المنشورات والمتابعة المستمرة .