أنا حاليا” مع أخي الحبيب الروائي إسماعيل فهــد إسماعيل أتصفحُ أولى رواياته ( كانت السماء زرقاء ) منذ 1965 وهي سنة ُ خَطِها على الورق بأنامله… قرأتها بعد خمس سنوات حينما تم طبعها بمقدمة من الشاعر المصري صلاح عبدالصبور ، لكني أعود إلى ساحة أخرى من ساحات أبي الخصيب ؛ قرية رابضة على ضفاف شط العرب ” السيبليات ” الجميلة وأقرأ رواية خُطت بآهات حزنٍ وألم السيبليات : ما لم يرد ذكره في سيرة حياة أم قاسم ، تدور أحداثها في حربٍ رعناء أستمرت ثمانية أعوام .. رواية حلّقت فوق أبراج قريةٍ من قرى أبي الخصيب في محافظة البصـــــرة .. أم قاسم أمرأة حقيقيـة وأحرف هذه الرواية صاغها بعقل نابه وعين ٍ أختارت قلعة النخل والأزاهر وأشجار المشمش والتين والبرتقال من بلدي .. جاء ذلك الأنسان إلى سماء قريتـه التي ولد فيها وترعرع ونما ، جاء بثقة نادرة ليعبر الحدود وكل الفيافي والصحارى يمسك بين أصابعه قلم الحقيقة فيطلق لرجليه العنان في كل خطوة أو يركضُ لأحتواء ضياء الشمس في مستقرٍ لها ويحطّ على أديم قريته الشماء ، وكأني أراه يلملمُ غلالة الفجر ليسبغ من لهفته وشوقه إلى دروب القرية الجالسة على ضفاف شط العرب ، أراه يتعفف وينتخي كل حبـة تراب فيها ويجول ويصول في سفرها الخالد محملا” بجود الترانيم التي لملمت شملَ سواقيها وناسها وأعشاش حمائمها التي أنشقت بها الأرض وأبتلعتها قاذفات السوء والتردي ، فتدلى ريشها الملتف حولها بقع من الدماء الزكية ، التي أنتثرت في جوارحنا فتعلقت في نفوسنا ليهزنا شوق ٌ حزين ، كما هزّتهُ لهفة ٌ حرّى لقريته تحت سمائها وعلى واحاتها ومن هديل طيورها وخرير أنهارها .. أبتدأتُ بقراءتها التي كنتُ أتساءل كيف وصلت إلي ؟! .. وكتبتُ حينها له رسالة عتاب : أتعلم أستاذنا الغالي كيف وصلت إليّ ، أنها أرادت هي أن تصل بين يديّ .. وذيّلتُ الرسالة بعبارة ” السلام على من أتبع الحبّ والشوق َ والجمال “وبعد أيام قلائل وجدتها بين يدي وكتب عليها ( إلى صديقي العزيز ناظم .. محبتي وأعجابي ) .. وددتُ أن ألتقي بك مرة ومرات لأنك وعدتني بمراجعة روايتي الجديدة ،عندما ألتقيتُ بك في قاعة مقهى الأدباء حينما أستضاف التجمع الثقافي العراقي الحديث الكاتب المسرحي الأستاذ محمد جواد عبد جاسم في محاضرته ( المسرح تجديد وتجريب .. مسرح البسام أنموذجا” صباح الجمعة 27/ نيسان / 2018 ..
إلى دار الخلد .. وداعا” يا قارئا” نهما” لمجد وبهاء قريتك في سماء الوطن وأنك بذرت فيها نبضات قلبك ودفقاته .. رحلت عنّا وآمنتُ من أنك في رحاب تأملات السماء ..وداعا” أيها العملاق .