النص عند نبيل حامد له تقنيات فنية ، تحتاج إلى ناقد متمرس ، على دراية بما وراء النص أو ما يسمى عبر النصية “Extre textual”
“لوتمان” استخدم هذا المصطلح للتعبير عن كل العلاقات الخارجة من النص أو الموجودة فيما وراء عالمه.
فالنص عند حامد يحتاج لمن يكشف نوعية النسيج أولا ، ثم يغوص في النقوش و الخطوط المتعددة.
فكثير من الأحيان يحتاج النص لأكثر من تفسير و تأويل “Interpretation” و هذه طبيعة النصوص الأدبية شعرا أو نثرا..فمثلاً نص “فراشة” يحمل معني الغزل ظاهرياً ، ولكن سوف نغوص فيه فيما بعد ، لنكتشف شيئاً من وراء النص.
* لكن الآن سنتناول بعض التقنيات في الصورة، عند الشاعر نبيل حامد.
* ها هنا في نص “فراشة” يقول:
فراشة
باكية انت
في الليل الموحش
تنتظرين رجلاً اسطوريا.
هنا يعطي الفراشة صفة الانسنة “Anthropomorphism”
كأنها حبيبة تنتظر ، أو وطن ينتظر مخلص للشفاء من الآمه.
_ ويكمل في نفس النص:
فيأخذك
علي فخذين كثيفي الشعر
يبرق وجه العالم
ارجوانيا.
هنا تعبير ” فخذين كثيفي الشعر” له معني عبر النصية ، ربما يعبر عن قوة المخلص المنتظر.
* وفي نص آخر “الرواة”
يستخدم صورة نقيضة لصورة الفراشة ، حيث أنه ينسب لنفسه صفة الطير “Anti-personificaton” في قوله:
استنبت جناحين
ارفرف في منامتك
حلما بهيجا.
يوجد تناص ليس خافيًا ، بين نصي “فراشة” و “حبال العقل”
في انتظار الخلاص مرة أخرى ، فيقول:
الخلاص مازال مختبئاً
تحت تلال وعرة
و آن له أن يخرج
جموع الضالين.
الذاكرة الشعرية لدي نبيل حامد هي ذاكرة غنية بمخزونه الثقافي المتنوع بين تاريخ البادية و التاريخ الفرعوني والاسلامي وبعض الكلمات ذات الدلالات الدينية ، والطبيعة ، وسوف انتقي بعض الصور ،.
١_ صورة من تاريخ البادية ، في نص “حبال العقل” ، يقول:
حين أمسكت حبل الناقة
ظننتك تعقلها
في الوتد
٢_ صورة من التاريخ الفرعوني في نص “زيرو” يقول فيها:
أين مشرط الجراح
و جثث المومياوات.
٣_ وايضا في نص “لصوص”يقول:
بني مشقوقو الكعوب هرما
غانجت زوجته الغريب
و عندما فكت سروالها….
– هذه صورة جميلة من المخزون الديني و التاريخي عند الشاعر ، يذكرنا بقصة جميل بني يعقوب “يوسف” و هروبه من زوجة عزيز مصر “فوطيفار” عندما راودته عن نفسه.
٤_ صورة أخري في نص “بوح” حين يقول:
اعطني من جنتك
تلك التفاحة
التي ستعلمنا كيف نري الشقاء.
– هنا يستخدم التجسيد “Personification” و كأنه آدم حين يأكل التفاحة يبدأ رحلة الشقاء علي الأرض. هذه صورة رائعة تدل علي ثقافة غزيرة عند الشاعر.
٥_ استخدام صور من الطبيعة و الكون في نص “حبال العقل” فيقول:
و رقصت
رقص الأرض
تدور في السماوات.
– بدون تعقيب هذه صورة جميلة وفريدة مأخوذة من الكون.
هموم والآم معاصرة في شعر نبيل حامد
١- جشع الرأسمالية المعاصرة في نص ” السيد الجديد ” يقول :
السيد الجديد
الذي يعمل لديه الجميع
تجاراً أو عبيد
– ويقول في نص ” صفحة لمماليك جدد”
رغم أنهم احترفوا
الآن
مص العرق
وشقط الجيوب
وتهميش الخيالة….
٢- الحزن على فترات غابرة في تاريخ الوطن
في نص ” من جديد “
وتعصف أذهاننا
في عراقة الوطن
وتاريخه المضاع
عمداً
٣- سرقة الكنوز ودفائن الوطن
في نص ” لصوص ” يقول :
كيف تقول صبابتها
بينما يسرق اللصوص
كنزها المدفون!!
٤- ضعف التخطيط العمراني في فترة من فترات مصر
فيقول في نص ” تناسي “
فتبني الأبراج
علي تربة
إنتاج الطعام
* تعرض الشاعر لآلام وهموم وطنه لكنه مملوء بالأمل
فيقول في نص ” إملاء “
خبأت عن كل الأعين
حلم الآتي الممشوق
كانت حبيبتي
تطرق بوابتي
في الصباح!!
* تعقيب خاص عن نصي ” أيل ” و ” زيرو “
١- نص ” أيل “
نص صغير وجميل عبارة عن نحت في اللغة ”
وتكوين عدة كلمات من لفظة ” هللويا “
وهي لفظة عبرية الأصل معناها ” سبحوا الرب “
أستخدمها نبيل حامد في الإشادة بجمال الطبيعة الذي برز في حيوان الأيل بنص يعتبر ترنيمة موسيقية إلي أبعد الحدود
٢- نص ” زيرو “
نص واضح وصريح، لكنه ملئ بالتقنيات الفنية في الأسلوب الشكلي واستخدام الأنسنة ” Anthropomorphism ” في صورة البومة التي تحدق في الوطن وتبث رسائلها التي تقع علي أماني الناس الذين يرفضون السلبية،
واستخدم الاطناب ” Pleonasm ” والتصاعد التدريجي ” Anabasis ” في رصد بعض السلبيات للفئات متحجرة العقل ثم نصل إلي الزيرو المقدس في نهاية النص بأسلوب سخرية رائع فمنذ متي وكان اللاشئ مقدس.