الغربة أكتوي بنيرانها والهجر حر لايطاق، والصداقة نبع لانريد أن نعرف أين تصب، ومن أين تنهل، هذه الحياة المثلى، التي نطمح اليها، وبها ولها نقاسي، من أجل أن لا نكون أشقياء، أو أعداءا، فغدا نسلم أنفسنا لبارئها، وقبل ذلك نؤاخذها، ان لم نصنع الجميل والمعروف، أن لم ننشد المحبة والسلام، ان لم نكتب انشودة مطرها الحب والخير، لانحارب أحدا، لانملك احدا، لانناصر أحدا، النصر للعدل، وان غاب ان له أن يحضر.
نتف حضرت إلى ذاكرتي، وأنا أتابع نشرات الأخبار، متنقلا بين القنوات،وأخذت من نفسي العدو الأول حاورتها وجادلتها:
– يبدو أن الأدب امتلكك، لأنك غبي بليد، لا تفهم في العلم شيئا.
هكذا خاطبتني نفسي،سكتت اطمئنانا وقلت :- فعلا صح كلامك.
عدت إلى رشدي،وتناسيت هذا الحوار، واقنعت نفسي بأن العلم أفادنا ويفيدنا،ولاضير في الاعتراف بذلك.
ولكن أليس للأدب دور؟
– ليس بعد،لأننا لا نطلبه حثيثا.
وهل نطلب العلم؟
نستلهمه ومالعيب في ذلك؟
هي النفس وأهواؤها، عد إلى ضميرك، واترك غيك، بالعلم انتصروا، وغزوا ودمروا، فهل ترى من اثر؟، هل بالدمار كلفنا؟
اذا كان ذلك ضروريا.
ليس هذا ماأراه صحيحا، مادمنا لانعرف لنفسنا ولاذواتنا، فهل ترى أنه من الضروري وجودنا؟
وجودنا ليس بأيدينا.
ولاقتلنا.
ولا العلم ولا الأدب.
أسكت نفسي، وأكسر قلمي، وأمزق أوراقي، حينها لم أحتفظ سوى بكتبي واعتزل.
وفي الصباح علقت الصحافة بالعنوان التالي:
– يظل اختفاؤه أو موته لغزا محيرا.